ودع الفلسطينيون العام 2016، في ظل إنكسارات وإنتكاسات وتطورات عاصفة كبيرة ومؤلمة ومستمرة، ويطل العام الجديد والتشاؤم يخيم عليهم ولا أمل في إنهاء عقد من الإنقسام ترك ظلالاً سيئة على قضيتهم ومشروعهم الوطني، ولم يستطيعوا الخروج منه برغم كل ما يجري من تطورات خطيرة تحيط بهم.



راكم الفلسطينيون جزء يسير من تطلعاتهم الدبلوماسية والقانونية، غير أنها محدودة وجاءت في ظل إستمرار الصراع بين الحركتين، فتح وحماس، ويدخل العام الجديد، والجنون الإسرائيلي بلغ مداه، وتسارع وتيرة البناء الإستيطاني ودعوات صهيونية بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية مقدمة لضمها، وتكريس دولة غزة، وتهديدات ووعود دونالد ترامب ودعمه المطلق للمستوطنات، وتقويض ما تبقى من حل الدولتين وإفشال المحاولات الدولية البائسة وغير العادلة لإعادته على جدول الأعمال الدولية وجدول أعمال حكومة نتنياهو اليمنية التي مزقته بقدوم نتنياهو لسدة الحكم في العام 2009.
ودع الفلسطينيون العام ودعوات فلسطينية صادمة وهل هي مقصودة أو غير مقصودة من القيادي في حركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق بقوننة الإنقسام بعقد فدرالية بين بقايا الوطن وتفتت ما تبقى من حلم الدولة، وتُقرأ من زاوية تثبيت شرعية حركة حماس وليس فكفكة الإنقسام وكان بالإمكان البحث في الحلول الموحدة وليس المقسمة. ودخل الفلسطينيون في جدل ويرفض الطرفان التطلع للأمام والتأسيس لعلاقات وطنية جدية تنبع من عدالة القضية، والبداية من جديد لبناء إستراتيجية وطنية تخلصهم من الإحتلال.
الرئيس محمود عباس وأركان حكمه مصرون على عقد المجلس الوطني بسرعة من دون العودة لما تم الإتفاق عليه سابقاً، والجدل على مكان عقده وجدول أعماله والبرنامج الوطني الموحد، ومستمرون في إطلاق التصريحات والوعود بان العام القادم عام إنهاء الإحتلال، وسيكون أكثر تحديداً للعلاقة مع إسرائيل من دون الإلتفات إلى الوراء ولو لفترة قصيرة والقيام بعملية جرد حساب ووقفة نقدية وتقييم الإنجازات والفشل للإستفادة من عبر الماضي.
وتأتي في ظل تمسك الرئيس عباس بالإنجازات والإنتصارات السياسية والدبلوماسية، ولم يتم إستغلالها بشكل وطني والتأسيس لمرحلة جديدة من الوحدة، والمقاطعة لدولة الإحتلال وتبنيها بشكل رسمي حقيقي والإعلان عن عزلها من دون تأتأة وخشية، وتفسيرات والتمييز بين المستوطنات ودولة الإحتلال، وفرض مزيد من الحصار على دولة الإحتلال للتخلص من نيره وظلمه وقمعه، وإستمراره في التمدد الإستيطاني في القدس والضفة الغربية.
عامان ونصف العام على العدوان الإسرائيلي قطاع غزة وأثار الدمار ماثلة وعشرات الآلاف من المواطنين من دون مأوى ملائم يحفظ إنسانيتهم، والتهديدات الإسرائيلية قائمة، فيما تستمر إسرائيل في فرض حصارها الخانق على القطاع.
غادرنا العام 2016، والإنقسام على حاله، من دون أمل في التوصل للوحدة، والمجتمع الفلسطيني يعاني التفسخ والشرذمة، ويبني الطرفان يوماً بعد يوم أسساً جديدة من الفرقة والكراهية للأخر. وآلاف من العاطلين والفقراء وجيش من المتسولين الجدد، وعشرات الآلاف من الموظفين المحرومين من الحصول على حقهم في الراتب. وانتهاكات حقوق الإنسان والذل والحط من الكرامة والاعتقالات على خلفية سياسية وحرية الرأي والتقييد على الحريات والحرمان من الحرية، وعشرات الذين تعرضوا للضرب والتعذيب.
غادرنا عام وغاب الأمل في يوم أفضل من سابقه. وكيف سيكون العام 2017 عام دحر الإحتلال والأمل للفلسطينيين بالوحدة؟ وكل طرف يعزز تثبيت شرعيته على حساب شرعية الوطن والمشروع الوطني.
ومتى سيتمتع الفلسطينيون بقدر كبير من المسؤولية وإفشال المشاريع الإسرائيلية والالتفاف والتنكر لحق الفلسطينيين وقرارات الشرعية الدولية، والبدء في بناء قدراتهم الداخلية وإعادة الإعتبار لأنفسهم بعقد مراجعات نقدية معمقة ومسارات جديدة تعزز من وحدتهم وصمودهم من خلال بناء إستراتيجية وطنية!