مقدمة عامة:

في البحث عن الجذور التاريخية لمفهوم الميليشيات يقول ابن خلدون: إن هناك تنافس دائم بين القبائل العربية وبين الحكام العرب أو الدول والإمبراطوريات التي امتد حُكمها إلى مناطق عربية، وغالبًا ما تلجأ الدول إلى شيوخ القبائل وقادة المجموعات المسلحة والعصابات الإجرامية للمساعدة على تحصيل الضرائب وفرض الأمن والنظام وقمع المتمردين[1]، هذا يعني أن الميليشيات هي أداة غير شرعية تستخدمها الدولة أو الأحزاب أو الدول الأخرى لفرض السيطرة أو للإخلال بالأمن.

ولقد ظهر مصطلح الميليشيات في الأدبيات السياسية بشكل صريح مقترناً بالأنظمة الاستبدادية، وهو ما اقترن بحكومة فيشي الفرنسية العميلة خلال الحرب العالمية الثانية، وهو التنظيم السياسي والعسكري المرعب الذي أنشئ في الأربعينات بالتعاون مع الغستابو الألماني لاصطياد مناضلي المقاومة الفرنسية، سواء بقتلهم أو تسليمهم إلى المحتل، وقد تميزت هذه الميليشيات بارتدائها لوناً خاصاً وسميت وقتها بميليشيات الرداء الأسود.[2]

منذ منتصف الخمسينات أطلقت الأدبيات الغربية هذا المصطلح لوصف المقاومة الشعبية التي تتشكل ضد المحتل، وهي بذلك تحاول ربط هذا المصطلح بالمقاومة سبيلاً إلى خلط التسميات بالشكل الذي يقرن حركات التحرر والمقاومة الوطنية بتلك العصابات المتمردة الخارجة عن القانون.[3]

كما وتعرف الميليشيات بأنها مجاميع مسلحة ومنظمة ومدربة ومدعومة، وتمتلك هيكلتها الخاصة لتحقيق مصلحة حزبية معينة وخاضعة لسلطة مركزية. وفي هذا السياق يمكن تعريف الميليشيا باعتبارها الذراع العسكرية لفئة سياسية أو دينية تخوض صراعاً أياً كان دافعه[4].

الميليشيات العاملة في العراق:

ظاهرة الميليشيات ليست جديدة في العراق، وإن كان الأمر تفشَّى أكثر بعد الأعوام التي تلت 2005 على التحديد، فقد كانت هناك ميليشيات عاملة في جنوب وشمال العراق؛ ففي الجنوب كانت الميليشيات المدعومة من إيران تعمل بشكل منتظم مثل ميليشيا بدر وفي الشمال كانت ميليشيا البيشمركة الكردية. أما المناطق السنية فقد كان معظم أبنائها من الصف الأول للجيش العراقي.

وسنقوم في هذا المحور بتقسيم الميليشيات وعرضها والوقوف على أبرز قادتها وتوجهاتهم المذهبية والإقليمية، وسيتم ذلك عن طريق تبويب هذه الميليشيات وفقاً لانتمائها المذهبي والعرقي والديني كالآتي:

1-الميليشيات الشيعية.

2-الميليشيات الكردية.

3-الميليشيات المسيحية.

1-الميليشيات الشيعية:

-منظمة بدر:

تأسست قوات بدر في إيران عام 1981 من المجلس “الأعلى للثورة الإسلامية” تحت قيادة محمد باقر الحكيم، ويتزعمه حاليًا هادي العامري، نائب في البرلمان ووزير النقل ومسؤول ملف ديالى الأمني وقائد عمليات الزحف على المحافظات، ويقدر عدد مقاتليه بـ 12 ألف مقاتلاً، انخرط معظمهم في مؤسسات الدولة الأمنية “وزارة الداخلية والدفاع وجهاز الاستخبارات”[5].

فمع اندلاع الحرب “العراقية – الإيرانية”، وبعد عامٍ واحدٍ فقط من تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية العراقي، على يد “محمد باقر الحكيم”، تأسست ميليشيا “فيلق بدر” في إيران عام 1982م، وبمبادرة من الاستخبارات الإيرانية، وبمعاونة بعض المنفيين العراقيين في إيران.[6]

وقد عهدت إيران إلى “باقر الحكيم” الإشراف على الفيلق، وساعده لسنوات عدة، “محمود الهاشمي”، أحد أعضاء مجلس القضاء الإيراني حاليًا، وكانت البداية بلواء انضم إليه ممن ارتضوا طائعين أن يكونوا رأس الحربة في الحرب العراقية الإيرانية، ثم تحول إلى فرقة، قبل أن يصل إلى فيلق.[7]

وفي عام 1982م عقب فتوى من آية الله السيد محمد، بوجوب الكفاح المسلح في مواجهة العراق، واعتباره وجوبًا كفائياً اجتمع مجموعة من الشيعة العراقيين لا يتجاوز عددهم الثمانين، ليشكلوا أول سرية قتالية، ما لبثت أن تخرجت بعدها الدورة الأولى التي بلغ عدد أفرادها (270) مسلحًا، الأمر الذي كان له من الصدى الواسع لدى العديد من الشباب الشيعي المتشدد الذين قرروا حمل السلاح وتحمل المسئولية في مواجهة النظام العراقي.[8]

وأصبح “فيلق بدر”، قوة قتالية تتألف من آلاف الشيعة، وعهد إليه لاحقًا متابعة الأسرى، والضغط عليهم، وإهانتهم، وتعذيبهم وتجنيدهم، وإغرائهم لطلب اللجوء السياسي، وإلحاقهم قسرًا، أو طوعًا بالاستخبارات الإيرانية للعمل ضد بلدهم.[9]

وبناءً على هذه الفتوى بدأت تتشكل الخلايا المسلحة في العراق، بإيعاز من آية الله العظمى السيد محمد باقر، والتي نفذت بعض العمليات المحدودة، لكن نظام صدام حسين استطاع أن يحجم عمل هذه الخلايا، وشن حملة من الاعتقالات بعد مقتل محمد باقر في مطلع الثمانينيات، مما أجبر كوادر الخلايا المسلحة وتلاميذه على الهرب إلى إيران والدول المجاورة، لتكون مواقعهم الجديدة محطات انطلاق في إعادة تنظيم الصفوف، لتشكل مليشيات عسكرية لمواجهة صدام حسين. [10]

لقد كانت نواة (فيلق بدر) تتكون من فئتين. فئة المهجرين الذين زرعتهم مخابرات الحرس الثوري الإيراني في صفوف البدريين ليكونوا عينهم على العراقيين في هذا التشكيل الكبير. والفئة الأخرى فئة الأسرى الأحرار (التوابين)، الذين أفرزتهم الحرب الإيرانية – العراقية والذين عانوا التهميش والإقصاء بسبب النظرة الفوقية التي ينظر بها لهم أقطاب الفئة الأولى، وتولدت طبقية في أوساط البدريين لم تنصف الأغلب الأعم من الأعداد الكبيرة في صفوف هذا التشكيل الجهادي، ونشأت خلافات امتدت جذورها إلى يومنا هذا .[11]

وبعد انتفاضة شعبان “مارس 1991” ونزوح العراقيين إلى إيران على إثر الأحداث الدامية التي أعقبت الثورة الشعبية آنذاك دخلت إلى صفوف (فيلق بدر) مجاميع كبيرة شكلت فئة ثالثة هي فئة المهاجرين وهذه التسمية تنطبق على الذين هاجروا إلى إيران بعد الانتفاضة الشعبانية. ومنذ ذلك الحين أصبحت نشاطات وأعمال (فيلق بدر) تهدف إلى إسقاط النظام العراقي بشكلٍ خاص، خصوصا عندما تحولت قيادة بدر من الإيرانيين إلى محمد باقر الحكيم مباشرةً وأصبح فيلق بدر ينقسم إلى قسمين.[12] [13]قسم يقوده المهجرون والآخر يقوده التوابون وتوزعت على كلا القسمين فئة المهاجرين وكان القسم الأكبر هو الذي يقوده التوابون والمعروف بولائه المطلق للحكيم والقسم الآخر ولاؤه للإيرانيين والأجندة الإيرانية ولكن الملفت للنظر أن القسم الذي يقوده المهجرون على رغم قلتهم، إلا أنهم كانوا يسيطرون على مواقع متقدمة قيادية وبأيدهم التمويل والمفاصل الحساسة للتشكيل وكان ولاؤهم مطلقاً للقيادة الإيرانية[14].

تمتلك منظمة بدر جناح عسكري، تراوح عدد هذه القوة قبل احتلال العراق، ما بين عشرة و15 ألف مقاتل مدرّب على كافة أنواع القتال والأسلحة الثقيلة، وعلى قيادة الدبابات والطائرات[15].

وفي الحرب العراقية الإيرانية كان فيلق بدر يقوم على مساعدة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية في حربه ضد الرئيس العراقي صدام حسين والتي استمرت ثماني سنوات، وخاضت قوات بدر غمار معارك طاحنة ضد القوت العراقية في أهوار العراق وشماله ومناطق أخرى داخل المدن العراقية وأطرافها.[16]

وكان الهدف من تشكيل فيلق بدر تأسيس قوات عميلة لإيران تقوم بعمليات مستقبلية للإطاحة بالحكم العراقي والتأسيس لدويلة تكون تابعة للجمهورية الإسلامية في طهران أو ملحقة بها، العمود الفقري لفيلق بدر كان مجاميع الأسرى العراقيين والذين سقطوا في أيدي القوات الإيرانية، وكان التجنيد يتم بالإغراء أو بالإكراه أو بالأمرين معًا، يصاحبه عمليات غسل للدماغ مع دورات تثقيفية وتعليمية.

وكانت مهمة بدر هي حفر الخنادق الأمامية للجيش الإيراني في الحرب مع العراق. ثم أصبح جزءا من القوات الإيرانية وبقيادة ضباط من حرس الثورة الإيرانية. ويتحدث الكثير من العائدين من الأسر الإيراني عن عمليات تحقيق صاحبتها تعذيب وحشي بحق الأسرى العراقيين تمت على أيدي قيادات من فيلق بدر، بل ومن الأسماء اللامعة في قيادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية للحصول على المعلومات العسكرية أو في محاولة لتجنيدهم عسكريا لينضموا إلى الفيلق المؤسس على الولاء والانتماء الإيراني.[17]

وفي احتلال العراق عام 2003 بدأت عناصر الفيلق في التدفق إلى العراق عبر الحدود الإيرانية، وذلك للمشاركة إلى جانب ميلشيات الأحزاب والقوميات المعارضة الأخرى، بما فيها قوات “البيشمركة” الكردية؛ لخوض القتال ضد الجيش العراقي.[18]

وساهم فيلق بدر في عملية احتلال العراق بهدف الإطاحة بصدام حسين عام 2003، واشترك في اجتماع صلاح الدين في كردستان العراق مع الأحزاب العراقية المعارضة للنظام لتشكيل الحكومة ما بعد الاحتلال

وقد أنجزت “منظمة بدر” تحت قيادة العامري الكثير من المهام ذات الأولوية لدى الإيرانيين، مثل تصفية الكوادر والنخب العراقية، وتفكيك المعامل والمصانع المدنية والعسكرية (ومنها منشآت التصنيع العسكري) وجمع المعادن الثمينة، لإرسالها إلى إيران. [19]

تشكيلات فيلق بدر:[20]

قوة المختار: وتتولى هذه القوة اغتيال البعثيين بغض النظر عن درجاتهم الحزبية. وكان معدل الحزبيين الذين يغتالهم فيلق بدر (12) بعثي في المدن الجنوبية وجميعهم من البعثيين الشيعة. [21]

قوة الثأر والانتقام: وتقوم هذه القوة باغتيال المسؤولين السابقين في جهاز المخابرات والجيش والأمن بقيادة عمار الحكيم. [22]

المتطوعون في الشرطة العراقية من أعضاء فيلق بدر: ومهمة هؤلاء اغتيال السنة. ويرأس هذه القوة بيان جبر صولاغ وزير الداخلية الحالي. وتدرب هؤلاء على يد القوات الأمريكية.

المتطوعون في الجيش العراقي من أعضاء فيلق بدر: ومهمة هؤلاء مساعدة القوات الأمريكية في عملياتها العسكرية وخاصة في محافظة الرمادي، ويتولى قيادة هذه القوة هادي العامري.

واشترك فيلق بدر في العديد من العمليات مع القوات الأمريكية في مناطق متعددة في العراق في الموصل وبعقوبة وتلعفر والفلوجة والرمادي والقائم واللطيفية. [23]

وأشرف رئيس المنظمة على بعض المعتقلات وأماكن الحجز العلنية والسرية والتي يؤخذ إليها مقاومو الاحتلال الأمريكي، ليعذبوا أو يُقتلوا، وكان يشارك في عمليات التحقيق والتعذيب عناصر إيرانية[24].

ويمتد الآن نفوذ الجماعة في عمق قوى الأمن الداخلي في العراق، حيث يعتقد بأنها تقوم مباشرةً بإدارة العديد من أفراد الشرطة ومجموعات العمليات الخاصة هناك، ولدى بدر أيضًا تأثير كبير في المجال السياسي، حيث حصلت على مناصب رئيسية في الحكومة العراقية، وهي جزء رئيسي من تحالف القانون الذي يضم رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وهذا الأخير يريد حتى أن يعين قائدها، هادي العامري، كوزير داخلية البلاد.[25]

وقد انتشر رجال ميليشيات بدر في صفوف الميليشيات الأخرى الوكيلة لإيران في العراق، حيث إنّ من خريجي بدر الذين يعملون اليوم مع الميليشيات الأخرى كل مَن زعيم كتائب حزب الله، جمال الإبراهيمي، وعلي الياسري قائد إحدى الميليشيات الشيعية التي تقاتل في سوريا وتسمى وحدة الخراساني، وواثق البطاط قائد جيش المختار، وهي مجموعة شديدة الطائفية. أطلقت هجوما صاروخيا ضد المعارضين الإيرانيين في معسكر ليبرتي.[26]

وتوغل بعض مقاتلي ميليشيات بدر السابقين أيضًا بعمق داخل القيادة السياسية في العراق وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ منها، وقد أتاح تقدّم منظمة بدر على صعيدَي القوة العسكرية والتنظيم، للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي الحصول على حصة أكبر من حجمه في الانتخابات، وقد تسلّل عدد كبير من عناصر منظمة بدر إلى الأجهزة الأمنية. وبات العراقيون يربطون الصدريين بالإجرام، ما أثار رد فعل قوياً ضدهم سمح لرئيس الوزراء نوري المالكي بأن يُقدّم نفسه في صورة القومي عبر خوض حرب ضد الصدريين في العام 2008. ومنهم الشيخ عدنان شحماني، وهو عضو البرلمان العراقي، عضو اللجنة الوطنية والدفاع في البرلمان العراقي. وأحد مقاتلي بدر كذلك، وزعيم حزب سياسي الطيار الرسولي، التي لديها أيضا ميليشيات، وفي وقت مبكر من سبتمبر 2013، كان شحماني قد دعا الميليشيات الطائفية لحماية الشيعة الذين يعيشون في المناطق السنية. وحدة الخراساني وطيار الرسولي، وكلاهما عضو في ائتلاف دولة القانون -أجزاء من المنظمات الحليفة التي أنشئت لفرض إرادة إيران داخل العراق.[27]

ومنظمة بدر هي أيضاً الحزب السياسي الميليشياوي الوحيد الذي يسيطر على محافظةٍ في العراق (ديالى)، مايعزّز دورها في البلاد. دخلت سيطرة منظمة بدر على المحافظة مرحلة جديدة بعدما انتُخِب مثنى التميمي، عضو منظمة بدر الذي كان رئيساً لمجلس إدارة المحافظة، محافظاً على ديالى في 26 أيار/مايو الماضي، في خطوةٍ مثيرة للجدل لأن ديالى هي، أو على الأقل كانت ذات أكثرية عربية سنّية.[28]

وتجدر الإشارة إلى أن قوات فيلق بدر هي الجناح المسلح الأقوى والأكثر تنظيماً من بين الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، بالإضافة إلى أن إلى تغلغل أعضائه في الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات العراقية.

– جيش المهدي (سرايا السلام):

ميليشيا جيش المهدي هي ميليشيا شيعية مسلحة، أسّسها مقتدى الصدر* بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وكانت أحد أسباب عدم الاستقرار الأمني والسياسي في العراق لوقتٍ طويل، وقد شاركت ميليشيا جيش المهدي بشكلٍ فعال في عمليات القتل والتهجير التي طالت أهل السنة في بغداد والبصرة بعد أحداث تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء.[29]

بعد الغزو الأمريكي للعراق أوعز مقتدى الصدر بتأسيس فصيل في المناطق الشيعية في بغداد ومنها مدينة الصدر والشعلة بحجة حمايتها من الاعتداءات التي قد تتعرض لها من القوات الأمريكية، ولكن الصدر رفض الانضمام إلى الفصائل السنية التي كانت تتبنى بعض العمليات ضد القوات الأمريكية.[30]

فيما بعد أعلن مقتدى الصدر رسمياً عن البدء بالقتال ضد الجيش الأمريكي بسبب إغلاق “صحيفة الحوزة” التابعة للتيار الصدري في نيسان 2004 وألقى خطبة في يوم الجمعة 2 نيسان 2004 حث فيها أتباعه على البدء بالقتال ضد قوات الاحتلال مما أدى إلى حدوث اشتباكات بين الطرفين في بغداد ومحافظات جنوب العراق، والتي انتهت بعقد هدنة بين الطرفين، فيما قام جيش المهدي ببيع معظم سلاحه للقوات الأمريكية.[31]

خلال الحرب الطائفية في 2005-2006، قام البدريون والصدريون بالاعتداء على أهل السنة في بغداد على وجه الخصوص، حيث قاموا بقتل آلاف المدنيين السنّة. [32]

عملت الميليشيا بنظام السرايا، حيث لا يتجاوز أعضاء السرية الواحدة غالباً الخمسين مقاتلاً من الذين ينضمون إليه عن طريق هيئات تشكلت في الحسينيات المنتشرة في مناطق بغداد والمحافظات الجنوبية ويقود كل سرية قائد معين يتم تعيينه من مقتدى الصدر وأغلب السرايا تحمل أسماء من يعتبرهم التيار الصدري شهداءه خلال حكم صدام حسين ومن أبرز هذه السرايا سرية الشهيد محمد الصدر في مدينة الصدر وسرية الشهيد مصطفى الصدر في بغداد الجديدة وسرية الشهيد مؤمل الصدر في منطقة الشعب وحي أور وسرية الشيخ علي الكعبي وسرية الشيخ حسين السويعدي وكلها تنشط في بغداد.[33]

قاد المالكي عام (2008) حملة عسكرية ضد “جيش المهدي”، الذي كان يسيطر على البصرة في حينها، واستطاع من خلالها أن يجبر الصدر على سحب ميليشياته، وإعلان تجميد النشاط العسكري لـ “جيش المهدي”، ليعود إلى الساحة بعد دخول “تنظيم الدولة “إلى العراق تحت اسم سرايا السلام.

مقتدى الصدر من أتباع المرجع الديني العراقي “كاظم الحائري” (الذي لا يؤمن بولاية الفقيه المطلقة)، ولا يتمتع الصدر بعلاقة طيبة مع الولي الفقيه وتعود الأسباب في ذلك إلى العداء الذي يجمع عائلة الصدر بالمرجعية الدينية في قُمْ بسبب المواقف الفقهية لوالد مقتدى الصدر “محمد محمد صادق الصدر”، ومن الجدير بالذكر أن جيش المهدي في بدايته كان تابعاً لإيران مدافعاً عنها إلا أن مقتدى الصدر (المعروف بتقلب الرأي والتلون) كان قد صرح مؤخراً بشأن الخطر الإيراني على العراق في أكثر من مناسبة فقد قال في إحدى تصريحاته: بأن قائد فيلق القدس “قاسم سليماني” هو الرجل الأقوى في العراق[34] .

– لواء اليوم الموعود:

ميليشيا شيعية عراقية مسلحة أسسها مقتدى الصدر في أيلول من عام 2008 وهدفها مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق يعتبر مكملاً لجيش المهدي الذي تم تجميده في 2007 ونفذ هذا اللواء عدد من العمليات العسكرية في مختلف محافظات العراق وصلت إلى أكثر من ألفي عملية وأعلن اللواء وقف عملياته العسكرية ضد القوات الأمريكية في شهر أيلول من عام 2011 لإتاحة المجال لها للانسحاب من البلاد، وانخرط لواء اليوم الموعود ضمن تشكيلات سرايا السلام مؤخراً وخاض عدد من المعارك ضد تنظيم داعش وقتل أبرز قادة لواء اليوم الموعود (وليد السويراوي) في (آمرلي) أثناء المعارك مع تنظيم الدولة.[35]

-جيش المختار:

هو فصيل تابع لحزب الله فرع العراق، ويقوده واثق البطاط الذي يعترف بأن تنظيمه امتداد لحزب الله اللبناني، ويرفع مثله رايات صفراء لكن بشعارات مختلفة. لا يخفي البطاط ولاءه المطلق للمرشد الإيراني علي خامنئي، ويقول إنه سيقاتل إلى جانب إيران إذا ما دخلت في حرب مع العراق على اعتبار أن خامنئي “معصوم من الخطأ “.وتدفع هذه الميليشيا المسلحة منذ تأسيسها في مطلع يونيو/حزيران 2010 نحو الانتقام من أعضاء حزب البعث المحظور ومن يصفهم بـ”النواصب والوهابيين “.[36]

في 2013 تبنى “جيش المختار” قصفا صاروخيا استهدف مخافر حدودية سعودية انطلاقا من صحراء السماوة جنوبي غربي العراق، ردا على “تدخلات المملكة في شؤون العراق”، حسب قول البطاط .

وتشير التقديرات إلى أن مليشيا جيش المختار تضم نحو 40 ألف مقاتل، بينما يقول البطاط إن 100 ألف مقاتل ضمن جيش المختار من السنة. وقد انخرطت هذه الميليشيا في المعارك الأخيرة ضد تنظيم الدولة، لكن لم تتضح المناطق التي انتشرت فيها.[37]

-حركة حزب الله في العراق

هو فصيل مسلح أكثر من كونه حزبا ببرنامج ومشروع سياسي. انشقت الحركة من حزب الله العراقي وتستفيد هذه الميليشيا من كون أمينها العام حسن الساري وزيرا سابقا في حكومة المالكي وعضوا في مجلس النواب .[38]

وقد أشار معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في احد دراساته إلى ان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني دفع حزب الله اللبناني لتدريب الكثير من الفصائل الشيعية المقاتلة في 2003 من أجل التصدي للقوات الأميركية في 2003 .[39]

اتهمت الولايات المتحدة أحد قادة هذه الميليشيا بالقيام بأعمال القتل والإرهاب وجرائم أخرى، بينما يؤكد آخرون أن أعضاء هذه الميليشيا يقومون باغتيالات اغتيالات ضد البعثيين الشيعة في الجنوب وشيوخ العشائر الرافضين للهيمنة الإيرانية في العراق .

أصدرت الحركة مجلة نصف شهرية اسمها “الأمل” وصحيفة يومية اسمها “البينة ” رئيس تحريرها عيسى السيد جعفر، الذي يقال إنه هو الزعيم الحقيقي للحركة . عمل هذا الأخير مستشارا للمالكي. وتتميز الجريدة بالتوجه الطائفي الحاد، ولها موقع على الإنترنت باسم “الغالبون”.[40]

-لواء أبي الفضل العباس

كتائب مسلحة حديثة التأسيس، كان وراء ظهورها المرجع الشيعي العراقي قاسم الطائي إبان اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في 2011 لمساعدة الطائفة العلوية.تضم هذه الميليشيا، التي يقودها اليوم الشيخ علاء الكعبي، مقاتلين عراقيين ينتمي أغلبهم إلى “عصائب أهل الحق” و”حزب الله العراقي” و”التيار الصدري”.[41]

يؤكد الشيخ علاء الكعبي أن مهامه في سورية هو الدفاع عن مرقد السيدة زينب بدمشق وحمايته. وسحب “لواء أبو الفضل العباس” معظم مسلحيه من الأراضي السورية بعد اجتياح داعش لشمال العراق .

وتكمن خطورتها في تغلغلها داخل أجهزة الدولة”.[42]

– عصائب أهل الحق:

فصيل مسلح تحت قيادة ” قيس الخزعلي” انشق عن جيش المهدي عام (2007)، تعد عصائب أهل الحق إحدى أكثر الميليشيات الشيعية تطرفاً وعدوانية. وظهرت عصائب أهل الحق عام 2004 كأحد الفصائل التابعة لجيش المهدي تحت اسم “المجاميع الخاصة”، وتولى قيادة المجموعة منذ تأسيسها قيس الخزعلي، مع عبد الهادي الدراجي وأكرم الكعبي.[43]

ومع بداية 2006 كانت الحركة تعمل بشكل أكثر استقلالية عن بقية سرايا جيش المهدي في حين بدأت بالعمل بشكل مستقل تماماً بعد إعلان تجميد جيش المهدي، ويقدر البعض عدد أفرادها بثلاثة آلاف مقاتل عند الإعلان عن تأسيسها الرسمي في 2007.[44]

وتحولت العلاقة بين الصدر والخزعلي إلى ما يشبه العداء، واتهم الصدر العصائب عام 2007 بـ”ارتكاب جرائم طائفية”، وطالب “إيران بوقف التمويل عنها”.

وكان الخزعلي اعتقل في مارس/آذار 2007 على خلفية اختطاف وقتل خمسة أميركيين بمدينة كربلاء(جنوب)، وأطلقت الحكومة العراقية سراحه عام 2010 في إطار صفقة مبادلة مع “العصائب” تمخضت عن الإفراج عن رهينة بريطاني.[45]

وتنشط ميليشيا “عصائب أهل الحق حاليا في محافظة ديالى وفي مناطق حول سامراء بصلاح الدين وعلى المشارف الغربية والجنوبية لبغداد.

ويعد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من أكبر الداعمين لعصائب أهل الحق، وقد أشار مركز “غارنيكي” في أحد تقاريره إلى العلاقة بين عصائب الحق والمالكي حتى أنه أطلق عليه اسم “الشريك الجديد”. كما وتشير بعض التقارير إلى أن عصائب أهل الحق ومنظمة بدر يعملان بصورةٍ مباشرة تحت إمرة أجهزة الاستخبارات الإيرانية[46].

-حركة حزب الله النجباء:

انشقت “المقاومة الإسلامية/ حركة حزب الله النجباء” عن عصائب أهل الحق سنة 2013. ويقودها أكرم الكعبي الذي كان نائب الأمين العام للعصائب، ويقود لواء عمار بن ياسر التابع للعصائب في سوريا، وذلك بسبب تفاعل خلاف سابق حول مقتل أحد قادة العصائب المقربين من الكعبي على يد أحد مرافقي المسؤول العسكري الشيخ ليث. ويمتاز أفرادها، وعددهم بضعة آلاف، بتدينهم الشديد وبولائهم للمرشد الأعلى علي خامنئي. وقد شاركوا بفعالية في معارك النباعي والضابطية وسامراء بسلاحهم الخفيف والمتوسط مع تغطية نارية من الجيش العراقي بالأسلحة الثقيلة. ويمتلكون مصانع صواريخ “الأشتر” ويستخدمونها بكثافة[47].

ويعرفون أنفسهم بأنهم: إحدى فصائل المقاومة الإسلامية في العراق التي تهدف إلى الدفاع عن الوطن والمقدسات وخصوصاً في سوريا والعراق حيث سطر أبناء الحركة أروع صور التضحية والبطولات في صمودهم وانتصاراتهم المتكررة ضد قوى الشر والإرهاب التكفيري.[48]

-كتائب سيد الشهداء:

انشقت عن كتائب حزب الله بالتزامن مع فتوى السيستاني. أمينها العام هو “الحاج ولاء”. وقد قتل أخيراً مسؤولها العسكري “الحاج أبو سيف” في سامراء وكان من كبار المتمولين العراقيين. ويقدر عدد أفرادها بما بين 3 و4 آلاف. هم محبوبون في الشارع العراقي وذلك لتقديمهم خدمات اجتماعية. وينتشرون بكثافة في الناصرية والعمارة وفي الكاظمية.

أسست الكتائب لمعارك الضابطية وشاركت بفعالية في معارك سامراء وآمرلي. يتميز مقاتلوها بمستواهم التعليمي فأغلبيتهم جامعيون. وتمتلك جميع الاختصاصات العسكرية التي تحتاج إلى مستوى تعليمي عالٍ. أما سلاحهم فهو خفيف ومتوسط وينسقون بشكل قوي مع الجيش العراقي الذي يؤمن لهم التغطية النارية بالأسلحة الثقيلة.[49]

-سرايا الجهاد والبناء:

تأسست بالتزامن مع فتوى السيستاني، كجناح عسكري للحركة السياسية المعروفة بحركة الجهاد والبناء التي تشكلت أوائل العام 2011 باندماج 3 تشكيلات إسلامية هي حركة حزب الله العراق وحركة سيد الشهداء وحزب نهضة العراق. أمينها العام الحالي هو حسن الساري، النائب الحالي والوزير السابق، وأحد قيادات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة عمار الحكيم. وترتبط السرايا بعلاقة وثيقة بالسيد الخامنئي عبر أمينها العام الذي قضى سنوات طويلة في الجمهورية الإسلامية.[50]

ويعتبر البعض أن هذه السرايا هي جناح المجلس العسكري البديل عن منظمة بدر. عدد أفرادها يقدر بحوالى 3 آلاف. يمتازون بشراستهم في القتال، ويعتبرون من أكثر المقاتلين تديناً. وقد شاركوا في معارك منطقة الرواشد والسعدية والجويزرات، وأخيراً في معارك سيد غريب حيث لا تزال المعركة قائمة. يستخدمون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ويدعمهم الجيش بالنيران الثقيلة في علاقة تمرّ عبر منظمة بدر.[51]

-كتائب التيار الرسالي:

تأسست بعد فتوى السيستاني، كجناح عسكري للتيار الرسالي العراقي. أمينها العام هو النائب الشيخ عدنان الشحماني والذي قضى سنة في السجون العراقية وأطلق سراحه سنة 2012 بعد صدور قانون العفو. بدأ الشحماني حياته السياسية والعسكرية في حزب الدعوة وأنهاها منشقاً عن جيش المهدي بعد خلاف بسبب منع السيد مقتدى للشحماني من الترشح لانتخابات عام 2007. حالياً، مرجعيتهم هي للسيد كاظم الحائري المؤيد للسيد الخامنئي.[52]

حررت الكتائب المقدر عدد مقاتليها بألفين منطقة المعامل في الكرمة ـ الفلوجة، وشاركت في معارك الضابطية، بسلاحها الخفيف والمتوسط وبإسناد ناري من الجيش العراقي.[53]

-سرايا الخراساني:

تشكلت سنة 2013 كجناح عسكري لحزب الطليعة الإسلامي تحت عنوان الدفاع عن المقدسات في سوريا. قائدها الفعلي هو السيد حامد الجزائري لا الأمين العام لحزب الطليعة السيد علي الياسري. يقدر عدد عناصرها بحوالى 3 آلاف، ومرجعيتها السيد الخامنئي. حرر مقاتلو السرايا منطقة عزيز بلد التي قضى فيها العميد الإيراني حميد تقوي حين كان يشارك في المعركة إلى جانبهم. وشاركوا أيضاً في معارك آمرلي. ويستخدمون السلاح الخفيف والمتوسط ويدعمهم الجيش العراقي بالسلاح الثقيل.[54]

-سرايا عاشوراء:

تشكلت بالتزامن مع فتوى السيستاني، كجناح عسكري للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي. عدد أفرادها نحو خمسة آلاف. هم منظمون بشكل جيد ويمتلكون خبرات عسكرية اكتسبوها سابقاً من منظمة بدر. وشاركوا في معارك قضاء بلد ومعارك الضابطية بسلاحهم الخفيف والمتوسط وبدعم ناري من الجيش.[55]

-سرايا العتبات:

تشكلت بعد فتوى السيستاني. هي سرايا عسكرية تابعة للمقامات الشيعية العراقية. أفرادها هم خدم (بالمعنى الشرعي) تلك المقامات. وهي تتألف من عدّة سرايا أبرزها سرايا العتبة العباسية بقيادة “الشيخ ميثم” ويقدر عدد أفرادها بخمسة آلاف مقاتل شاركوا في معارك جرف الصخر وسيد غريب في قضاء بلد، وهم يعتمدون على السلاح الخفيف والمتوسط الذي يمدهم به الجيش، أما تمويلهم فهو ضخم ويأتي من النذور الشيعية للمقامات.[56]

وهناك أيضاً سرايا العتبة العلوية بقيادة “الشيخ كريم”، وعدد أفرادها حوالى الألف، وقد شاركت مع سرايا العتبة الحسينية (حوالى ألف مقاتل) التي يقودها “الشيخ مهدي”، في معظم معارك الحشد، ولكنهما من التشكيلات العسكرية الضعيفة نسبياً.[57]

تسعى أمريكا إلى تحجيم والقضاء على ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وقد ظهر ذلك واضحاً في معارك استعادة الأنبار من تنظيم الدولة، حيث اشترطت القوات الامريكية على الحكومة العراقية عدم مشاركة الحشد الشعبي في عمليات استعادة الأنبار[58]، والأمر ينطبق ايضاً على عمليات استعادة الموصل من التنظيم، وتجدر الإشارة إلى أن سكان المناطق السنية ايضاً لا يرغبون بدخول الحشد إلى مدنهم بعد الممارسات التي قام بها الحشد ضد أهالي ديالى والمناطق الأخرى.

وقد قارن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية ديفد بترايوس بين خطر الحشد الشعبي وخطر تنظيم الدولة على المدى البعيد مرجحاً الحشد الشعبي بأنه الأكثر خطورة على مستقبل العراق إذ قال: ” “هذه المليشيات تقوم بفظاعات ضد المدنيين السنة، تجاوزات الميليشيات الشيعية ضد المدنيين السنة تشكل تهديدا لكل الجهود الرامية إلى جعل المكون السني جزء من الحل في العراق وليس عاملا للفشل تنظيم داعش لا يمثل الخطر الأول بالنسبة لأمن العراق والمنطقة لأنه في طريقه للهزيمة، لكن الخطر الأشد يأتي من الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران”[59]

وتسعى الحكومة العراقية إلى دمج قوات الحشد الشعبي في وزارة الدفاع لكي تعمل تحت مظلة الدولة، وأحد الأمثلة المستخدمة بالفعل في هذا الإطار هو “فرقة العباس القتالية”، التي تم تشكيلها لدمج «وحدات الحشد الشعبي» غير التابعة لـ «بدر» ولا للمهندس ضمن جهود وزارة الدفاع. وتعمل وحدات هذه “الفرقة” بصورة كاملة تحت سلطة وزارة الدفاع، وتتلقى أسلحتها الثقيلة وأوامرها من الحكومة، ولا تسعى إلى التمتع بسلطة الاعتقال، وهي ملتزمة بحل نفسها بناء على طلب الحكومة.[60]

2-الميليشيات الكردية:

أكبر الميليشيات الكردية وأكثرها تنظيماً وتسليحاً والتي سيتم تناولها في هذا المحور هي قوات البيشمركة الكردية؛ يرى بعض المؤرخين أن جذور البيشمركة تمتد إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حين كان هناك حراس حدود قبليون أصبحوا أكثر تنظيما بعد سقوط الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى. وتنامت قوات البيشمركة مع اتساع الحركة القومية الكردية وإعلان الثورة في بداية الستينيات، وأصبحت جزءًا من الهوية الكردية العامة، للدفاع عن الحقوق القومية والمطالبة بتوسيعها.[61]

ودخلت البيشمركة في حروب مع القوات الحكومية العراقية في مراحل متعددة، كما انخرطت فصائلها في اقتتال داخلي بين الفصائل الكردية في مراحل أخرى. وبعد تشكيل حكومة إقليم كردستان في شمال العراق في بداية التسعينيات، بعد الانتفاضة الواسعة التي شهدها العراق في الجنوب والشمال إثر حرب الكويت، أصبحت قوات البيشمركة جزءًا من مؤسسات حكومة الإقليم متحولة إلى قوة نظامية. ويعتقد حاليا أن عدد عناصر البيشمركة يصل إلى نحو 190 ألف مقاتل.[62]

البيشمركة تاريخ من التمرد:

في خريف 1961، بدأت المواجهات بين البشمركة والحكومة العراقية بإعلان زعيم الحزب الديمقراطي الكردي الملا مصطفي البارزاني تمرده على بغداد، وإطلاقه حرب عصابات ضدها[63].

وفي مارس/آذار 1970، جرى الإعلان عن انتهاء المواجهات بين العراق ومقاتلي البشمركة بتوقيع البارزاني، وصدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية، على اتفاقية سمحت للأكراد بمنطقة حكم ذاتي بثلاث محافظات في الشمال هي السليمانية وأربيل ودهوك، كما منحتهم حق المشاركة بالحكومة العراقية. ودخل اتفاق صدام والبارزاني حيز التطبيق عام 1975 بعد خضوع الأكراد للحكومة العراقية نتيجة تخلي شاه إيران محمد رضا بهلوي عنهم، وتوقيعه اتفاقية الجزائر مع صدام.[64]

وفي الحرب العراقية الإيرانية دعمت البيشمركة إيران بين عامي 1980 و1988، وبعد تأسيس منطقة الحظر الجوي عقب حرب الخليج الثانية عام 1991 سيطرت البيشمركة على كامل المناطق الكردية في العراق.[65]

وخلال تسعينيات القرن الماضي وفي أعقاب حملة الأنفال والهجوم الكيمياوي، وعلى الرغم من الخسائر الفادحة، واصلت قوات البيشمركة معركتها مع القوات العراقية بعد حرب الخليج الأولى وعمليات عاصفة الصحراء. وبعد الانتفاضة في أعقاب حرب الكويت وفرض منطقة الحظر الجوي تمتعت المنطقة باستقلالية أكثر من نظام الحكم في بغداد.[66]

لكن التوترات الداخلية استمرت وتحولت إلى حرب بين اثنين من الفصائل الكردية المتناحرة، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني.

وبعد إبرام مصالحة بين الفصيلين الكرديين المتعارضين بموجب اتفاقية واشنطن عام 1998، بدأت القوات الخاصة الأمريكية نشاطا استخباراتيا في المنطقة.

وكانت تلك بداية علاقة تعاون مع الولايات المتحدة، فكلا الطرفين يعارض الحكومة العراقية بقيادة صدام حسين، وجرى التنسيق أيضا مع أطراف المعارضة العراقية الأخرى. وواصلت القوات الأمريكية، بعد دخولها العراق واحتلاله ، تعاونها مع البيشمركة في مجالات تدريب المقاتلين وإجراء عمليات مشتركة في مختلف أرجاء المنطقة.[67]

وبعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 خاض مقاتلو البشمركة مع قوات خاصة أميركية معارك ضد جماعة أنصار الإسلام في شمالي العراق.

وساندت البيشمركة قوات الغزو الأميركي البريطاني للعراق في مارس/ آذار 2003. وتولت بعد احتلال العراق مسؤولية الأمن الكاملة بالمناطق الكردية. وشاركت الجيش الأميركي في معظم عملياته داخل العراق، وأعلنت في أغسطس/ آب 2003 اعتقالها طه ياسين رمضان نائب صدام.[68]

وتحولت البيشمركة لنواة جيش إقليم كردستان العراق بعد تأسيسه عام 2005. وسمح لها دستور الإقليم الجديد بالقيام بعمليات في الأراضي العراقية، في حين منع وجود أي جندي عراقي بأراضي الإقليم الكردي إلا بإذن من حكومته.

البيشمركة بعد دخول تنظيم الدولة إلى العراق:

في يونيو/حزيران 2014، أمّنت قوات البشمركة أراضي كركوك وشمالي الموصل بمواجهة زحف تنظيم الدولة بعد انهيار القوات العراقية في مناطق بشمال وغرب البلاد.[69]

وفي أغسطس/ آب 2014، باشر مستشارون عسكريون أميركيون دعم قوات البشمركة والجيش العراقي لإنقاذ آلاف الإيزيديين الفارين من تنظيم الدولة الإسلامية.[70]

وبدأ الطيران الأميركي توجيه ضربات لتنظيم الدولة بعد اقترابه من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بينما تخوض البشمركة حربا ضد التنظيم الذي يسيطر على عدة مناطق بشمال وغرب العراق.[71]

وترتبط التوجهات الفكرية والأيديولوجية للبيشمركة بالأحزاب والحركات التي تنتمي إليها، وتتراوح الأطر الفكرية لهذه الجماعات الكردية بين القومية واليسارية والإسلامية. وتمثل فكرة إقامة دولة مستقلة للأكراد الخيط الناظم بين كل هذه الأطر الأيديولوجية.[72]

وقامت قوات البيشمركة بتنفيذ عمليات تهجير وتغيير ديموغرافي بحق أهالي ديالى عقب المواجهات مع تنظيم الدولة خصوصاً في المناطق المختلطة بين العرب والأكراد هناك مثل مدينة (جلولاء)، حيث قامت بتهجير الأهالي ومنعهم من العودة إلى ديارهم بعد انتهاء العمليات العسكرية.

3-الميليشيات المسيحية:

أعلنت الطوائف المسيحية في العراق عن تشكيل ميليشيا مسلحة في محاولة لاستعادة بلداتهم التي سيطر عليها تنظيم الدولة، الذي استولى على مساحات واسعة من العراق في العام الماضي.[73]

وجاء تشكيل ميليشيا مسيحية مشابهة لعمل ميليشيات الأحزاب الشيعية كقوات بدر أو سرايا السلام التابعة للتيار الصدري أو عصائب أهل الحق.[74]

وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 4 آلاف مواطن عراقي مسيحي انضموا إلى ما يسمى “وحدات حماية سهل نينوي” التي قامت الحركة الديمقراطية الآشورية- زوعا- بتأسيسها، وهي الحزب السياسي الرئيسي للآشوريين في العراق، والمدعوم من الحكومة العراقية والبيشمركة الكردية.[75]

وشكل مسيحيو قرية باقوفا بمنطقة سهل نينوي، ميليشيا لحماية قريتهم من الهجمات المسلحة، يبلغ قوامها أكثر من 200 مسلح، وهم يتولون حماية القرية على مدار الساعة.

وتعد كتيبة “شهيد المستقبل” أولى الكتائب المسيحية، ، وعدد أفرادها حوالي مئة رجل، وفقا للمقدم أوديشو، وقال المقدم بينما كان في طريقه لتدريب المتطوعين «عددنا قليل لكن إيماننا كبير». وينتمي رجال الكتيبة التي تشكلت مؤخرا إلى الآشوريين المسيحيين الذين يسكنون منذ آلاف السنين سهول نينوي.[76]

ويعتبر غالبية مسيحيي العراق هم من الكلدان والآشوريين، الذين عاشوا في تلك المنطقة منذ آلاف السنين

وقد اضطر آلاف المسيحيين واليزيديين إلى ترك منازلهم في مدينة الموصل، عندما فرض عليهم التنظيم إما الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو القتل؛ الأمر الذي أدى إلى تهجير 150 ألفا في العراق.[77]

أهم الفصائل المسيحية:

1- الحراسات التابعة للمجلس الشعبي

وهي مجاميع من أبناء المسيحيين أوجدهم تنظيم المجلس الشعبي لـ”نينوي” من أجل حماية القرى والقصبات التي يقطن فيها المسيحيون، وكان التنظيم يخصص لهم راتباً شهرياً عن جهودهم، هؤلاء الأشخاص لم يجر إدخالهم في معسكرات تدريب للحماية، كان يقدر عددهم بما يقارب 3000 عنصر.[78]

2-تنظيم “زوعا” يتزعمها “يونادم كنا”

عقب تهجير المسيحيين من الموصل على يد تنظيم “داعش” فتح باب التطوع لأبناء الطائفة المسيحية من فرع “زوعا” في عاصمة إقليم كردستان أربيل أمام الشباب والشيوخ؛ لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ومحاربة التنظيم وتحرير القرى التي سيطرت عليها.[79]

وتشير التقارير الإعلامية المسيحية العراقية إلى أنها مرتبطة بقوات البيشمركة الكردية، وكان تواجدها بقرى المسيحية بالموصل مع مجيء قوات البيشمركة إلى نينوي في 2003 عقب سقوط نظام صدام حسين على يد القوات الأمريكية.[80]

ولدى الحركة الديمقراطية الآشورية 500 مقاتل من المسيحيين الآشوريين يقومون بحماية البلدات الواقعة في سهل نينوي من المقاتلين المتطرفين، وهناك 500 آخرون يتلقون التدريبات اللازمة، إضافة إلى وجود 3000 شخص ينتظرون الدخول إلى معسكرات التدريب.[81]

ويتزعم تنظيم “زوعا” الذي تأسس عام 1982 رئيس قائمة الرافدين النيابية والسكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية السيد “يونادم كنا”، وهو لديه علاقات وثيقة بحكومة إقليم كردستان العراق.

3- الـ دويخ نَوشا” كتائب الحزب الوطني الآشوري

سرايا أو “مفارز” هي كتائب تابعة للحزب الوطني الآشوري تشكلت، بعد سقوط نينوي على يد “داعش” في يونيو الماضي، ومن أهدافها حماية قرى وقصبات سهل نينوي، وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يقارب الـ 200 عنصر، وحسب بيان للحزب الوطني الآشوري ضد ما كان يعرف بتجمع التنظيمات السياسية.[82]

4- قوات سهل نينوي

وهي كما تبدو قوات تم تشكليها من قبل حزب بيت نهرين، ويبلغ عددها 500 عنصر كدفعة أولى، متوقعا أن تكون أكثر من ذلك خلال الأيام القادمة.

وأكد السكرتير العام لحزب بيت نهرين الديمقراطي روميو هكاري، أن تشكيل قوة سهل نينوي تم بالتنسيق بين الحزب ووزارة البيشمركة، لافتا إلى أنها قوة وطنية ذات خصوصية قومية من حيث المهام والتركيبة وليست حزبية.[83]

وقال هكاري إن “الإجراءات القانونية لتشكيل القوة المذكورة بلغت النهائية وما تبقى هو فقط تدريب عناصرها وتجهيزها بالسلاح واللوازم العسكرية؛ لأخذ مواقعها في جبهات سهل نينوي”، لافتاً إلى أن “تشكيل القوة تم بالتنسيق بين الحزب ووزارة البيشمركة في حكومة الإقليم لتكون قوة عسكرية وطنية ذات خصوصية قومية وأبعاد استراتيجية تتولى مهام تحرير بلدات سهل نينوي، إلى جانب قوات البيشمركة من سيطرة “داعش” وحمايتها في المستقبل من أي تهديد .[84]

5- كتائب “أسود بابل” المشتركة :

كتائب أسود بابل المشتركة، هي قوات حديثة التشكيل ضمن تجربة الحشد الشعبي، الأمين العام لهذه الكتائب هو”سرï®”ون يلدا” مستشار المصالحة الوطنية، وحسب بيان التطوع لهذه القوات الرسمية فإن باب التطوع مفتوح للكلدان والسريان والآشوريّين بصورة خاصة، إلى جانب الشبك والتركمان والأكراد والأيزيديّين والصابئة وغيرهم.[85]

ويبلغ عدد عناصر هذه الكتائب أو الفوج الـ 2500، وتشير بعض التقديرات أو المؤشرات إلى أن أعداد التطوع تجاوزت هذا العدد وتعمل تحت غطاء الدولة، مما يستوجب التدريب والتسليح إلى جانب شمولهم ببقية المخصصات والامتيازات حسب التشريعات من رواتب أو في حالة الجرح.[86]

6-كتائب “عيسى ابن مريم”

سرايا أبناء السريان أو كتائب عيسى ابن مريم، وهي كتائب منطوية تحت لواء الميليشيات الشيعية أو “الحشد الشعبي” قائد هذه القوات هو السيد سلوان موميكا، وتتكون من أبناء “بغديدا” يتلقون تدريبهم في معسكر التاجي وهي سرايا تعمل تحت غطاء الدولة والجيش، تتلقى تدريباً عالي المستوى وستكون مسلحة بتسليح الجيش وتعمل ضمن السياقات العسكرية النظامية. [87]

وقال مدير منظمة “بلاد ما بين النهرين” الأمريكية المولود في بغداد ديفيد دبليو لازارا، إنه “يدعم مشروع ما يسمى بوحدات حماية سهل نينوي، والتي تتكون ما بين 500 إلى 1000 مقاتل يتدربون في الوقت الحالي”، مبينا أن “أعضاء الميليشيا المسيحية يتواجدون في أجزاء من سهل نينوي التي لم تحتلها عصابات داعش الإرهابية مثل منطقة القوش وغيرها”.[88]

وأضاف لازارا، أن “الأمريكيين يقومون بتدريب المجندين الذين يمتلكون أسلحة خفيفة لكننا لا نستطيع إرسال أسلحة إليهم”، مشيرا إلى أن “تمويلهم يأتي من المجتمعات الآشورية في المهجر وتحديدا في الولايات المتحدة وأوربا وأننا في نهاية المطاف سنطلب المساعدة من الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة”.

وتابع لازارا، أن “هذه القوة من المقاتلين المسيحيين ستكون جزءا من مشروع الحرس الوطني الذي طرحه العراق”، مشيرا إلى “أننا سنضغط من أجل إنشاء محافظة سهل نينوي لأنه من حقنا”.[89]

الميليشيات ومستقبل الدولة:

رعى نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق) ميليشيات متعددة، برز بشكل أساسي ارتباطه بمجموعتين اثنتين. تمثّل الارتباط الأول في تحالف جديد مع منظمة بدر بقيادة العامري الذي وضع مقاعد المنظمة في مجلس النواب بتصرّف المالكي في العام 2010، وانشق رسمياً عن المجلس الأعلى الإسلامي في العام 2011، وانضم إلى ائتلاف المالكي في انتخابات المحافظات في العام 2013. أما الارتباط الثاني والذي يحمل مضامين أبعد فتمثّل في رعاية المالكي لعصائب أهل الحق المنبثقة عن التيار الصدري والتي لم يكن لها حضور قوي قبل أن تبدأ إيران بدعمها. ففي العام 2010، كانت لاتزال مجموعة صغيرة، لكن حضورها أصبح واضحاً في بغداد خلال ولاية المالكي الثانية (من كانون الأول/ديسمبر 2010 إلى أيلول/سبتمبر 2014). [90]

بحلول حزيران/يونيو 2014، عندما انهارت فرق الجيش التي كانت تدافع عن الموصل، وتراجعت أمام الهجوم الذي شنّه تنظيم الدولة، كان قد أصبح لمنظمة بدر وعصائب أهل الحق وميليشيات شيعية أصغر حجماً وحضوراً قوياً على الساحة العراقية. وفي لحظة من الإحباط الوطني، في 13 حزيران/يونيو 2014، بعد ثلاثة أيام من سقوط الموصل، ألقى عبد المهدي الكربلائي، ممثل آية الله العظمى علي السيستاني، خطبته التي كانت بمثابة مفترق طرق في مستقبل العراق. حيث أصدر فتوى اعتبر فيها أن القتال ضد تنظيم الدولة جهادٌ في سبيل الله، وناشد الشيعة التطوع في القوات الأمنية بأعداد كافية. اذ قال: (“من هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم… عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية”) وقد أمنت هذه الفتوى الغطاء الكافي لصعود الميليشيات ما أدّى إلى انتشار ذهنية الدولة العسكرية وسيطرة الميليشيات على بغداد والمناطق المحيطة بها.[91]

أثار بيان الكربلائي الكثير من الجدل لأسباب عدة منها أن السيستاني كان دائماً يحرص على إظهار نفسه على أنه قوة تعمل من أجل الوحدة الوطنية وترفض ممارسة الشيعة للأمن الذاتي في مواجهة السنّة. لم يأتِ البيان في ذاته على الإشارة تحديداً إلى المواطنين الشيعة، على الرغم من أن الخطبة التي سبقته مباشرةً تضمّنت بطريقة غير معهودة تعليقات عن الاستعدادات الميدانية للحرب تحت قيادة “الإمام المهدي”، ما أضفى على النداء طابعاً أكثر شيعية. وقد عزّز التجاوب الشعبي، مع تدفّق المتطوعين للانخراط في الميليشيات، هذا الشعور.[92]

بعد ذلك، أنشأ المالكي المنظمة الجامِعة للميليشيات المسمّاة الحشد الشعبي، والتي تُعرَف اختصاراً بالحشد. وقد عرض المالكي نحو 750 دولاراً في الشهر على المتطوعين تشمل الراتب وتعويض المخاطر وبدل الطعام، مع العلم بأنه خلال الجزء الأكبر من العام 2014، لم يحصل سوى قلة من المتطوعين على رواتبهم. ولم يكن للمالكي أي أساس قانوني للقيام بذلك، ماعدا منصبه الدستوري كقائد أعلى للقوات المسلحة.[93]

وعلى الرغم من نية السيستاني الواضحة تشجيع الشيعة على الانضمام إلى القوات المسلحة، انخرط السواد الأعظم من المتطوعين في القوات غير النظامية، وأبرزها المجموعات التي تدين بالولاء لإيران والتي تشمل منظمة بدر بقيادة العامري، وعصائب أهل الحق. أبو مهدي المهندس، قائد كتائب حزب الله الذي تصنّفه الولايات المتحدة (والكويت) على لائحة الإرهاب، والذي اتّخذه المالكي مستشاراً له في ولايته الثانية، يتولّى الآن القيادة العسكرية لقوات الحشد. فبعدما أدّى دوراً غامضاً الخريف الماضي، عقدَ في 31 كانون الأول/ديسمبر المنصرم مؤتمره الصحافي الأول بصفته “نائب رئيس” الحشد. والرئيس الأسمي لقوات الحشد الشعبي هو مستشار الأمن القومي فالح الفياض، المرتبط برئيس الوزراء الاسبق (ووزير الخارجية الحالي) إبراهيم الجعفري، إلا أنه ليس واضحاً إذا كان يمارس أية سيطرة فعلية.[94]

لكن على الرغم من بروز المجموعات الموالية لإيران، ثمة مجموعة أخرى من القوات الشيعية التطوعية التي تتماهى بوضوح مع الدولة الإسلامية. إنها مرتبطة إما بمؤسسة السيستاني في كربلاء وإما بالأحزاب الشيعية الراسخة، لاسيما الصدريين والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي. لقد أنشئت ميليشيا الصدر الأساسية، “سرايا السلام”، خلفاً لجيش المهدي. وقد انتهج الصدريون خطاً قومياً مشيرين إلى أنه يجب حل قوات الحشد الشعبي بأسرع وقت ممكن وانضمام المتطوعين إلى وحدات تخضع لسلطة رئيس الوزراء المباشرة. والصدريون لديهم مصلحة واضحة في هذا الإطار: فقد فاز مرشحو التيار الصدري بـ34 مقعداً في الانتخابات البرلمانية العام الماضي، في حين لم تفز عصائب أهل الحق سوى بمقعد واحد، ومع ذلك ازداد نفوذها بفعل الدعم المشترك من إيران والمالكي. أما المجلس الأعلى الإسلامي فقد تبنّى موقفاً أكثر التباساً، لكنه أقرب إلى العبادي منه إلى العامري على المستوى السياسي.[95]

التوصيات:

1-قوة رادعة؛ لا بد من تشكيل قوة رادعة من أبناء العشائر السنية، مدعومة من دول الجوار، حيث أنها سترفع ميزان القوة في العراق أولاً، وثانياً ستمنع خطر الميليشيات العاملة على أرض العراق من التسلل إلى الدول المجاورة.

2-دعم الأطراف السياسية السنية بغية الوقوف في وجه المد الإيراني السياسي والعسكري.

3-السعي لاحتواء الحكومة العراقية من الأطراف العربية والإسلامية، فعزلها سياسياً واقتصادياً سيضطرها إلى اللجوء اكثر إلى إيران عسكرياً واقتصادياً.

4-العمل على منع الميليشيات من المشاركة في معارك استعادة الموصل وبذلك سيتم تحجيم الميليشيات.

للتحميل من هنا