هكذا يترجل الفرسان في فلسطين.
يترجل الفارس ليترك خلفه مآثر كانت قد عمدت له الطريق القويم، ومهدت لحسن الخاتمة، ولشفاعة لسبعين من ذويه، هكذا نحن في فلسطين، محظوظون بأننا من دون الأمم قد تم اصطفائنا لنحظى بإحدى الحُسنيين.
في مثل هذا اليوم السادس من تموز، تمر علينا ذكرى السنوية الرابعة عشر على استشهاد الشهيد/ خميس شراب، ضابط المخابرات في السلطة الفلسطينية، حيث ارتقى للعلا في يوم الجمعة 6/7/2002، بعد أن أنهى في ذلك اليوم قراءة سورة الكهف وجزء كبير من سورة البقرة ويس والواقعة، كعادته كل يوم جمعة، حتى صار البيت كله يفعل كما يفعل في سُنة حسنة مشي عليها رب البيت في بيته قبل أن يرتحل.
كان لا يأبه بما قد يفعله جنود الاحتلال برغم ان مكان سكناه بالقرب من مستوطنة "ميراج الغربية"، فلم يكن ليعتقد بأن اسمه مدرج ضمن قائمة المطلوبين صهيونياً! لم يكن ليعتقد بان صورته تتوسط إحدى كروت الكتشينة الإسرائيلية والتي تعني " مطلوب قتله "، وهو الذي أفرج عنه من سجون الاحتلال بعد جولات من المعاناة والتعذيب في السجون والزنازين. ولم يكن ليفرج عنه لو لم تتم المصادفة آنذاك بتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث كانت التهمة إمداد المطاردين بالسلاح وتوفير الحماية لهم.
حيث كان قد ضبط وهو يساعد المطلوبين إسرائيلياً والذين يطلق عليهم بالمطاردين في كمين عند مدخل بني سهيلا. تم ضبطه وكان ينقل السلاح الذي اشتراه من حر ماله لهم، فتمت مصادرة سيارته التي لم نراها أبدا بعد ذلك.
وفي ذلك اليوم، ما إن تبينت واتضحت لهم شخصيته حتى اتخذ أكثر من عشرة جنود وضعية استعداد إطلاق النار، إضافة إلى عشرة جنود آخرون محاصرين المكان ومحصنين ومدججين بمناظير ليلية وعتاد جيش محارب، وما إن أصبح في دائرة الاستهداف ومحط مناظيرهم حتى فاجأت زخات الرصاص جميع سكان قيزان النجار ومن ثمة سمع في المكان بعد ذلك انسحاب الدبابة التي كانت توفر لهم الغطاء والحماية... لقد بلغ عدد الطلقات التي أصابته (إحدى وثلاثين طلقة) .. وسقط الشهيد مضرجاً بدمائه .. عرفنا عندها أن هؤلاء من جنود المستعربين .. فرقة القتل والاغتيال في الجيش الإسرائيلي.
وعرفنا بان أحد عملاء الاحتلال الصهيوني هو الذي دل على مكانه، حيث مكنهم من قتله واستشهاده. وعلمنا أيضا بعد مرور الوقت بان هذا العميل بفضل الله تعالى، ثم بفضل المسئولين الحريصين على تنظيف قطاع غزة من العملاء، بأنه قد تم إعدامه وتخليص الأمة من شروره. وإنها لمسيرة تتكرر في فلسطين لتسطر المشهد ويظل الشهداء هم الأكرم منا جميعا، نقتفي آثارهم.
نجدد البيعة لشهدائنا الأبرار .. الذين قضوا نحبهم ..
أننا على الطريق سائرون .. ننتظر قدر الله فينا ..
ثابتون على خطاهم ننتظر .. بلا تبديل ..
كما أخبر الله تعالى:
فمنهم من قضى نحبه ..
ومنهم من ينتظر ..
وما بدلوا تبديلاً.
فهمي شراب
فلسطين