🕌 [ رَمَضان الوَصْل ]
🌙 الَّليلة الأُولى ..


كانَ أول ما نَطق به الشّيخ الّليلة ؛ قوله تعالى { يا أيُّها الَّذين آمنوا كُتب عليكم الصِّيام } ..


ثم قال :
يا بُنيّ .. الإيمان عُمر .. والصِّيام امتِداد ..
يَنحتُ الصِّيام المَعنى ؛ فلا يظَلُّ جوعاً عارِيا لا يَليق ببابِ الرَّيان !


لذا كانَ البدء في آيات الصِّيام بالنّداء ؛ {يا أيها الذين آمنوا } .. حيثُ العبور مِن الجُوع .. إلى الصيام ؛ لا يكونُ إلا على قَنطرة الإيمان !

الجائِع يا ولدي يَشيخ ..
أمّا الصّائم ؛ فيمتدُّ في العُمر دُهوراً !


هل تَعلم يا ولدي .. أنَّنا ننبتُ في الزَّمن المُمتلىء بالأَجر !!
قال التّلميذ ..
فما إيمانُ الصّائم ؟


ردّ الشّيخ ..
الإيمانُ هو النّذر المُقدّس ؛ أن لا نَغيبَ عن الغَيب !


أن يظلّ صوتُ الوضوء في ضمائِرنا قوياً .. أن تُمهر الجنّة صَبرك .. وتَكتب مِن جِبّلة الطّين حرفاً سماويّاً ؛ كأنّه لافتة الفِردوس الأعلى !


قال التّلميذ ..
دُلّني كيف أبلُغ الصّيام ؟


قال العالِم الربّانيّ ..
احفَظ للهِ نهارك ؛ يحفظ الله لك لَيلك ..
احفَظ للهِ قلبَك ؛ يحفظُ الله لكَ غَرسَك !
فالبِذارُ الذي لا يُسقى بماءِ الطّهارة منذ البَدء ؛ لا يُنبت !


إنّ العبد يتردّى في داخِله قبل أن يَسقط من شاهِق الذّنب .. يَهوي في عُمقه أولاً ؛ قبل أن يجترِح الذّنب .. الذّنب هو جنازةُ القلب !


صلِّ الّليلة صلاة العائِد المُنيب .. وقُلْ :
" يا ربّ إنّي أعودُ إليكَ مُعتذراً .. أمطِر سِجادتي دَمعاً فَتسْقِيني !


يا ربّ إنّي أعودُ إليك مُغترباً .. أسرُج لكَ الرّوح أرجُو أنْ لا تُطْفيها " !


قالَ التّلميذ ..
قدْ غلَت الخَطايا إقبالي ، و أبقت لي إدباري !


ربما يُطِلقُ الشّيطانُ الّليلة ياشَيخي الأُسارى .. لكن انطفاءات الخَطايا تَلهث في الأرواح ؛ مثل أصوات الشّظايا ..


انتَفضَ الوجَل في عيْن الشّيخ ؛ ثمّ قال ..
فِرْ إلى الله في رمَضان .. فَفي رَمضان لا مَسافة بينك وبين الله حتّى تطويها ..
قُمْ إلى الله .. تتبّع سبباً مُوصِلاً إليه ..
ودَعْ رَمضان يَنزِع عنك أدرانك !


يا ولدي ..
( إنّ الرّجل لينقَطع إلى بعضِ المُلوك فيرى أثَرهم عليه ؛ فكيف بمن ينْقطع إلى مَلك المُلوك ) .. وهذا زمنُ الإِنقطاع إليه !


قل ..
يا مَولى رمضان .. هبْ لي بِضاعةً غيرَ مُزجاة ؛ تبلِّغني مَقام الحالِّ في الإيمان بِلا ارتِحال !


ونادِي ..
يا أيُّها الطُّهر أدرِك خَطوتي ..


ثُمّ تضلّع من رمضان ؛ فإنّ الحسنات يُذهِبن السيئات ..


واعلَم أنّ التّوبة تَردُّ على عِقالك ما شُرِّد مِن حَسناتك ..
و تَردّ عليكَ استغفار الأَسحار .. ودَهشة الفرح إذْ يُجاب الدُّعاء ..


وتَردّ عليك لِجام التَّقوى .. حتّى تنفِر من مَجالس الغِيبة .. وتَشُمّ مِن ريحِ الذُّنوب ؛ ما لا يَشمّ القوم إذْ يخوضون !


طُوبى لِمن أحسَن مَدّ الحِبال في رمضان ..
وأطالَ زمن الوصْل ..
وعَبرَ مِن أثقالِ الثَّأر إلى صَلاةِ التَّسامح !


د.كفاح أبو هنود ~