كيف يمكنني أن أتذكر بشكل سريع وفعّال؟!
----------------------------------------------
سؤال يتكرر دوماً، وبشكل خاص في فترات الاختبارات والامتحانات التي تمثل تقييماً عملياً لقدرتنا على تذكّر المعلومة واسترجاعها، فما الذي نختلف فيه عن أولئك الأشخاص الذين يتمتعون بذاكرة "حديدية"، والذين يستطيعون تذكر الأشياء مهما بلغت من الصعوبة والتعقيد؟! في الواقع إن هذا الإختلاف ليس في القدرات الطبيعية والمَلَكات بل هو في الممارسة والأسلوب، لذلك ستتعلمون من خلال هذا الموضوع مجموعة من التقنيات للحفظ والتذكر بشكل سيغير الكثير في حياتكم!
..
**أولاً - تجزئة المعلومات **
هل تعلمون أن هناك حجم مثالي للمعلومات القابلة للحفظ والتذكر بشكل سريع وفعال؟! هذا ما تقوله الدراسات العلمية، وهو ما يعلمه العاملون في مجال التسويق منذ فترة طويلة ويقومون باستثماره في تصميم كل شيء من حولنا، حيث أنه وفقاً لهذه الدراسات تعتبر المعلومة التي تتكون من ثلاثة إلى أربعة أجزاء مثالية لسهولة الحفظ وسرعة التذكّر، وبالتالي سواء كانت المعلومات التي نحتاج لتذكرها عبارة عن قائمة من المفردات أو مجموعة من المفاهيم فإنه من خلال تجزئتها الى أجزاء تحوي هذا العدد من الوحدات سيصبح بإمكانك حفظ هذه المعلومات وتذكرها بسهولة.
على سبيل المثال، إذا كانت لديك قائمة تحوي خمسة عشر نوعاً من الحيوانات: أرنب - قط - فيل - سمك التونا – حمامة - أخطبوط - سمك السلمون – دلفين - طاووس - فرس النهر - غراب - كلب - خلد - زرافة - تمساح، فعليك ان تقوم بتجزئها إلى مجموعات تحوي الأصناف المتشابه ليسهل عليك تذكرها, مثلاً: حيوانات أليفة - طيور - حيوانات كبيرة - اسماك المحيط - حيونات غير جميلة، وبذلك يسهل عليك ان تتذكرها بسرعة!
**ثانياً- التكرار المتباعد **
تتحدث العديد من الدراسات عن أثر التباعد (Spacing Effect) في قدرتنا على التعلم، حيث أنه من الأفضل توزيع حفظ كمية محددة من المعلومات على فترات زمنية متباعدة بدلاً من حفظها مرة واحدة خلال جلسة دراسية طويلة نسبياً، ورغم أن هذه التقنية تتيح ترسيخ المعلومات في الذاكرة بشكل لا يصدق إلا أنه غالباً ما يتم تجاهلها، خاصة بسبب التسويف والتأجيل الذي اعتاده البعض. لذلك، وبدلاً من محاولة إقناعكم بمزايا و تأثيرات تقنية التباعد، سندعوكم إلى استخدام أداة برمجية تعينكم على تطبيق هذه التقنية في حياتكم اليومية، تسمى هذه الأداة البرمجية ببطاقات التكرار المتباعد التعليمية، ويمكنكم على سبيل المثال تجربة بطاقات (أنكي Anki) التعليمية، المتوفرة على الموقع الإلكتروني (www.ankisrs.net) أو للتحميل على أجهزة الهواتف الذكية.
**ثالثاً - فهم الذاكرة **
من الضروري أن نجيب على السؤال التالي: ما الذي يجعل المعلومات التي نتعامل معها سهلة أو صعبة التذكر؟، حيث أن القدرة على تحديد سبب صعوبة حفظ المعلومة يُمكّننا من تعديل طريقتنا للحفظ بحيث تتلاءم مع هذه المعلومة وتجعل عملية حفظها أكثر سهولة.
لتوضيح هذه الفكرة، سنسرد لكم مجموعة من الخواص التي تحدد مدى صعوبة حفظ معلومة محددة، والإستراتيجية المناسبة للتعامل مع المعلومات التي تتصف بكل من تلك الخواص:
- المعلومات غير المألوفة بالنسبة لك أو التي لم تتعامل معها سابقاً ستكون صعبة الحفظ والتذكر، لذلك عليك العمل على مراجعتها بشكل متكرر (يمكنك هنا الاعتماد على التكرار المتباعد).
- إذا كان حجم المعلومة التي عليك حفظها كبير نسبياً، فالحل الأنسب هو القيام بتجزئتها إلى أجزاء أصغر، وهنا ننصحك بالعودة إلى ما ذكرناه حول حجم المعلومات المثالي.
- تفتقد المعلومة التي عليك حفظها إلى الترتيب المنطقي، عندها قم بإعادة ترتيبها وهيكلتها بالشكل الذي تراه أكثر منطقية فذلك سيسهل عملية تذكرها.
- المعلومة التي تقوم بحفظها جافة وهي بالنسبة لك غير ممتعة، لحل هذه المشكلة قم بإنشاء قصة أو موقف مضحك مرتبط بهذه المعلومة يجعلها أكثر تشويقاً.
- تتسم المعلومة التي عليك حفظها بالتعقيد، فيجب عليك فهمها بشكل جيد من خلال تقسيمها على مجموعة من الخطوات الأصغر والأبسط.
- تتصف المعلومة بأنها نظرية ومجردة، قم بمحاولة ربطها بشيء ملموس موجود حولك.
**رابعاً - المعاينة **
المقصود بالمعاينة هو إلقاء نظرة أوسع على المعلومة المدروسة، من خلال قراءة مقالة متعلقة بها على إحدى صفحات الانترنت المختصة أو مشاهدة مقطع تعلمي مرتبط بهذه المعلومة يمكنك الحصول عليه ببساطة من خلال عملية بحث سريعة ضمن الموقع المناسب أو ما
شابه ..
تعتبر هذه الطريقة واحدة من أبسط وأنجع الأساليب لتحسين عملية الحفظ، حيث تعطيك المعاينة فرصة لفهم أفضل للمعنى والسياق الذي يتم تقديم هذه المعلومات ضمنه، فمقطع تعليمي جيد الإنتاج أو مقالة مكتوبة بشكل جيد يمكن أن تتعلم من خلالها في خمس دقائق أكثر مما يمكنك تعلمه في ساعة دراسية كاملة.

**خامساً - الإعداد والتحضير**
طبعاً لا يقلل كل ما ذكرناه سابقاً من أهمية الإعداد والتحضير المناسب خاصة في وقت الامتحانات، فرغم اتّباعك للتقنيات السابقة قد يؤثر إهمالك لهذا الإعداد في مقدرتك على التذكر، ومن خلال تطبيق بعض الملاحظات البسيطة يمكنك بسهولة مضاعفة هذه المقدرة، فمثلاً عليك أن تتجنب تلك العادة السيئة المتمثلة بالاستماع إلى الموسيقى والأغاني أثناء الدراسة لأنها تتداخل مع المعلومات التي يقوم دماغك بمعالجتها وحفظها، كما يفضل أن توفر الجو المناسب للدراسة والحفظ من خلال الجلوس في مكان هادئ ومنعزل عن المؤثرات التي قد تشوش التركيز، كما يحبذ أن تختار الوقت الأمثل للحفظ والذي يكون لديك فيه التفكير الصافي والطاقة الكافية لذلك، وأخيراً لا تنسى ضرورة القيام بالوقوف والمشي من حين لآخر فالحركة تعزز الدورة الدموية وتنشط الدماغ.
مع تمنيات فريقنا في الباحثون المسلمون لكم جميعاً بالنجاح والتوفيق ..
-----------------------------------------------------------------------------------------
إعداد: يوسف دعّاس
مراجعة: د. محمد شادي الحكيم
#‏الباحثون_المسلمون