أ أعجميّ و عربيّ ؟!



العُجمة
في
البحث العلميّ


L'obscurité dans Les recherches scientifiques
كتبها : فيصل الملوحي

العجمة ، و ما أدراك ما العجمة !
أيبلغ بنا الحقد الشديد على إخوة لنا هذا المبلغ، و نلاحقهم في جهلهم باللسان العربي حتى في البحث العلميّ ؟!
ما دافعنا إلى هذا ، أهو التفاوت بين قدرتنا على التعبير العربي وقدرتنا على التعبير الأعجمي ، أهو قدرتهم على الرجوع إلى تلك المراجع ( و لا أقول : المصادر )التي تفوق قدرتنا عليه ، أهو الحسد والغيرة ، أم عدم قدرتنا على مواكبة العصر ، وانحباس عقولنا وانعدام قدرتها على التطوّر ؟!
من حقّهم أن يظنّوا بنا الظّنون ، و أن يلصقوا بنا هذه الاتهامات ، ولكن من حقّنا كذلك أن ندافع عن البحث العلمي ، و أن نلقيَ الأضواء على حقائق حرّفوها ، ونتائج توصّلوا إليها تشوّه إسلامنا ، و تنحرف بلساننا العربيّ عن أصوله التي حافظ عليها القرآن الكريم ، فنقول متوكلين على الله ، متّخذين المنهج الإسلاميّ العربيّ في البحث العلميّ ، معتزّين بما نملك بين جوانحنا :
المشكلة الأولى أن مراكز البحث العلميّ تدقّق في مصادر البحث ( التي تُعدّ أصول البحث ) ومراجعه ، لكن هذه الدقّة صحيحة إذا كان البحث علميّا بحتا ( science ) ، و قد يجنحون أحيانا عن هذه الدقّة إذا كانت تؤثّر في معتقدات توارثوها ، ويبدو هذا الجنوح أكثر وضوحاً في البحــــــــــــــــوث الاجتماعية و الإنسانيّة ، و خصوصاً إذا كانت البحوث على صلة بالعداء التاريخــــي المتأصّل في النفوس . و أستثني من هذا رجالاً تخلّصوا من هذه الشوائب ، و انطلقوا في صدق علمي مبين .


انظر إليهم في بحوثهم التاريخية عن مصر الفرعونيّة ألا يكلّفون نفوسهم عناء دراسة هذا اللسان الميت ، لأنهم لن يعتمدوا كتب الترجمة ، و لا الكتب التي صنّفها آخرون بألسنة أخرى . فلماذا يعتمدون في بحوثهم العربية والإسلامية مصنّفات أعجمية ، ثمّ يقولون : انظروا إلى المكتشفات الجديدة التي لم يفطن إليه السابقون ؟!
إنهم قادرون على محاججتك ( بزعمهم ) لأنّهم يرجعون إلى كتب قدّسوها ، و آمنوا بها إيمانهم بالقرآن الكريم ، بل هي الكتب الوحيدة التي يعتمدونها في فهمه و تفسير ه ، ودراسة السيرة الشريفة ، وإبداء آرائهم العبقريّة في الاجتهادات القديمة والحديثة ، و كلنا يعرف ما يفعله أصحاب هذه الكتب بغية الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها !!
كيف يقبل باحث مستقيم أن يرجع إلى ترجمات معاني القرآن الكريم ، ونحن على يقين من عدم قدرة شارحيه بالألسنة الأعجميّة على الإحاطة بمعانيه ، وكيف يرضون لأنفسهم أن يعتمدوا هذه الكتب المترجمــة – نعم ! هي لأعلام بارزين – ولكنها منقولة بأقلام من يشوّهون هذه المعاني لقصور، أو لمآرب أخرى – الله أعلم بها - . انظر إلى كتب الصوفيّة المترجمة – وهي أقرب إلى الديانات الأخرى من غيرها – ألا تجد الانتقال من التواضع المادّيّ – أو التذلّل لله - الممزوج بالمعنويّ إلى المراتب الروحيّة المعنويّة مجردّة من الظواهر الماديّة !!
لن نفعل ما يفعله آخرون ، فننقل فكرهم المشوّه إلى العالمين ، فنخدمهم في تحقيق أهدافهم السامية ، وندفع لهم من جيوبنا تكلفة الدعاية لهم !! كما فُعل ب( الآيات الشيطانية ) من قبل ، و لن ننشر الصور الفاضحة التي يتحمّس للتشهير بها أناس من بينهم حسنوا النيّة . معتمدين القول المعروف ( ناقل الكفر ليس بكافر ) ؟ أو ملبّين واجب العلم الذي يفرض ( البرهنة ) على ما يقولون !! ناقلين الغثيان إلى النفوس دافعين الناس إلى التأمّل، حتى يألفوا هذه المناظر، ثم يمروا عليها مرور الكرام، إذا لم يستسيغوها!!
إنّما المطلوب أن نبادر إلى ما أشاعوه من آراء منحرفة، وتبنّاه فريق ممن نسميهم إخوة لنا من هذا:
ما تقول به كاتبتنا (الدكتور منجية السوائحي ) : - أستاذة الدراسات القرآنية في جامعة الزيتونة ، الأستاذة المختصة في التفسير وعلوم القرآن ، الدكتورة في التفسير وعلوم القرآن ، الباحثة في مجال تجديد التفسير بما يواكب العصر و في مجال المرأة ، الآخذة بالاتجاه الصحيح في النصوص الدينية التأسيسية ، المقوّمة لانحرافات المفسرين ( الذكورية !!) .............. و اعذروني، فما لي قدرة على المتابعة..
تحدّثت كاتبتنا عن معركة بين ( الذكورية والأنوثية ) { واعذروني لاستخدام هذا المصدر الصناعي من قواعد اللسان العربي ، فقد انتشر هذا الاستعمال في عالمنا العربي وخصوصاً في جناحنا المغربي ، تأثراً بترجمة مصطلحات مثل : Nationalisme , Humanisme، ولكم أن تعللوا استعمال هذين المصطلحين : الذكورة والأنوثة !! } عن المفسرين ( الذكوريين ) ، و الفقهاء والمحدّثين وغيرهم الذين ســــــــارت بهم ( ذكوريتهم ) وساد يتهم وسلطتهم المتفرّدة في درب الظلم - ظلم المرأة - وتحريف الأحكام الشرعية بما ينسجم مع غريزتهم المنحرفة !! )
لا أرى حاجة إلى تفصيل في التصويب ، فزملاؤها القريبون منها أقدر مني على الرد الشرعي عليها لقربهم منها – إذا لم يكونوا من ( الأنوثيين ! ) – و أقول أقدر ، لكن ذلك لا يعني أنهم قادرون ، فأنا لا أشك أنهم حاولوا كثيراً ، ولكن ماذا تفعل بمن تلقى العلم الشرعي بغير الطريقة العتيقة ( التي تتقدم مناهج البحث الغربية مع العلم بها والأخذ بما يصلح منها ) وتعلّمه بالطريقة الغربية الحديثة !
ويعتمدون ( الحرف العربيّ الأصيل في كتابة الأرقام !! وهو الحرف الذي أخذه الغرب عنّا فسـاد اعتقاد خاطئ بأنه حرف عربيّ أصيل ...!! ) أحياناً في المغرب العربي – نصفنا القلبيّ الأيسر – وبخاصـة في تونــس الخضـراء ، وفي فرنسة من العـرب الذين أخذوا بقليل من العربيـة وكثير من الفرنسية ، أو بمعلومات مبتسرة مـن ثقافتنا الأصيلة ، ومعلومات وافرة من الثقافة الغربية ، و إنّي أقول لهـم : إنّ معلوماتكم صحيحة لا غبار عليهـا ، لكن ما بنيتم عليها هو الخطأ والخطر ، إنه خطـأ علميّ في نتيجته وفي منهجه ، وهو خطر على تفكيرنا العربي إذا انساق وراء فكر ظاهره العلم ، وباطنه الانحراف عن منهج البحث العلمي . نعم ! نحن نقرأ في الفرنسية (les chiffres arabes) وفي الإنجليزية Arabic ciphers (وهو إقرار منهم بهذا الأصل العربي ، وبخاصة إذا عرفنا أن المنطلق هو كلمة (الصفر ) العربية ، والدائرة التي ترمز إلى الفـراغ وهي إحـدى رموز لغـة الرياضيات ، ثم انطلقوا من الصفر إلى الأرقام الأخرى ورمـزوا بالزاوية الواحدة إلى الواحد – 1- ، وبالزاويتين إلى الاثنين – 2 -وهكذا باقـي الأرقام إلى التسعة .

لقد ظهر هذا الاتجاه في الأندلس ، وعنها أخذ أهل الغرب العلوم العربية البحتة ، ولم يدرس العلوم النظريـة الأخرى إلا فئات خاصة ليس بحثنا مجالاً للخوض في الأسباب والظواهر .
إذاً درس الغربيون الرياضيات ، ودرسوا هذا الجانب النظري للأرقام دون أن يفطنوا إلى الجانب العملي التطبيقي ، ولم يعلموا أن العرب لم تدخل في حياتهم هذه الأرقام ، ولم يستعملوها في علومهم أو حياتهم العامة أو دواوينهم أو تجارتهم ، وظلّوا على الأرقام الهندية التي عاشوا عليها _ منذ أن عرفوا الكتابة والحساب _ .

وإذا جاز للغربيين أن يقعوا في مثل هذا الخطأ ، فهل يجوز لمثقفينا العرب في هذا العصر أن تُغرَّب عقولهم فتستقيم على المنهج العلمي في العلوم البحتة ، وتنحرف عن الصواب فيما يخصّ تاريخها وتراثها وشخصيتها الحاضـرة ؟ هل عندهم أثارة من علم تخبرهم بغير هذه الحقيقة ؟ حتّى إذا أردت أن تستدلّ باستخدام المصاحف للأرقام الهنديّة ( الأصل ) ، أجابوك كيف تعتمد قروناً طويلة في التخلّف العلميّ !!

علينا - نحن القادرين على ذلك ، المخلَصين لله - أن نتعاون ، و أن نعود إلى مصنّفاتهم ( العلميّة !! ) ، وندرسها ، راجعين إلى مصادرنا العربية اللسان .
علينا أن نبذل جهودنا الحثيثة في فضح خداع هذه الأبحاث التي تدّعي العلميّة، و أن ننقذ معتقداتنا من هذه الكوارث.