حديث المدينة انتظار المعبر والكهرباء والتسونامي/ مصطفى ابراهيم
11/4/2016
لم يخلو اللقاء مع الدكتور محمود الزهار من تسريب بعض تفاصيل اللقاءات التي أجرتها حركة حماس في القاهرة والدوحة، بصراحته المعهودة والحديث المباشر الذي يعبر من خلاله عن مواقف حماس بدون مواربة أو تجميل، ما قاله الدكتور الزهار لم يبعث على التفاؤل أو قرب فكفكة الأزمات التي يعاني منها الفلسطينيين سواء على صعيد المصالحة أو حتى فتح معبر رفح والذي يهم الناس أكثر من أي شيء أخر. حماس موافقة على حكومة وحدة وطنية، لكن أكثر ما يمكن التوافق عليه بين الطرفين هو التعايش كما قال الدكتور الزهار، أما برنامج منظمة التحرير فهو لا يمثلها.
المسافة طويلة بين الطرفين والخلاف في المواقف والرؤية السياسية باقية على ما هي عليه ولن تتغير قريبا من قبل حماس او فتح، ويوم عن يوم تبعد المسافة ويزداد حال الفلسطينيين بؤس ولم تكفيهم عشر سنوات من الانقسام والقطيعة ووقف شلال النزف اليومي.
لا يحتاج المرء إلى الأرقام وتقارير منظمات حقوق الانسان وغيرها من المنظمات الانسانية ليتأكد أن الوضع في فلسطين خاصة في قطاع غزة كارثي، فقر وبطالة وأوضاع اقتصادية متردية، وحالات انتحار وغيرها من الظواهر التي تهدد سلامة وأمن ونجاعة ومناعة المجتمع ومطلوب من أن يبقى متيقظاً صامداً في مواجهة النوائب، والسباق مع الزمن للهبوط في القاع مستمر باتخاذ خطوات وقرارات وسن وتشريع قوانين ترسخ وتؤشر لإستمرار حكم الاستئصال والإلغاء والتفكك.
ثمة من يقول أنه صاحب الشرعية ومستمر في سلطته وفرض سيادته على الجميع بالقوة والعنف وسن القوانين لم يكن اخرها تشكيل المحكمة الدستورية من دون دستور وإجماع وطني، في وقت لم تعد لأي سلطة شرعية بحكم التقادم. في ما تبدو غزة المنكوبة والمتروكة منذ عقد من الزمن، وقدر لها أن تدفع لمزيد من الموت والتفكك، كي تفقد مزيد من الفرص غير المتاحة للالتحاق بالعالم الخارجي، وتبقى سجينة الأفكار والمعتقدات الفقهية المختلفة، وانها ملعب وساحة مفتوحة للجميع لممارسة هواياتهم المدفوعة بالاستمرار في الزنزانة هي وسجانها الذي يقف على بابها من دون ان يشرك السجناء معه بالانعتاق من الزنزانة، والخيار الوحيد أمامه هو المزيد من التدهور، ومن مصيبة إلى مصيبة.
لا يزال الاعتقاد سائد بان فلسطين مستباحة بفعل الاحتلال وجرائمه فقط، وما يقوم به من قتل وملاحقة واعتقالات يومية ومحاولات تغيير ملامح التاريخ والجغرافية مستمرة، إنما أيضاً بفعل حكامها الفلسطينيين وبحثهم في مصالحهم ومواقفهم السياسية المتباينة وغير المؤمنين بالشراكة والتمترس خلفها وكأنها كتاب مقدس.
ظواهر يومية تتكشف ووقائع كبرى مفجعة سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية تحوم فوق رؤوسنا، ولم تهز أي من المختلفين كي يبحثوا بشكل حقيقي في تداركها. لكن ثمة حقيقة وهي العجز المقيم لدى من يتحكمون في مصير شعب وعدم قدرتهم على تفسير وحل أزمة 2 مليون فلسطيني يعانوا منذ عشرة اعوام من انقطاع التيار الكهربائي وتزورهم في اليوم 4 ساعات، وطموحهم التكيف والتعايش مع هذا الواقع غير الواقعي، وما له من تبعات خطيرة على المجتمع.

هذا العجز والرئيس يصول ويجول في انحاء العالم في محاولة وتجربة جديدة منه لتعويض التجربة الفاشلة قبل أربع سنوات لتقديم مشروع في مجلس الامن لإدانة الاستيطان، والناس غارقة في ترديد اشاعة التسونامي الذي سيجتاح قطاع غزة من دون حتى تصريح صحافي من أي المسؤولين هنا وهناك يطمئنهم أن هذا بيد الله. من سيقنع الناس بجدوى قرار يصدر او لا يصدر من مجلس الامن، أو حتى تشكيل محكمة دستورية أصحابها مواقفهم السياسية المسبقة تجري أمامهم.