عشرون عاما مضت كالآن في ذاتي
والجرح ينزف أحزاني وحسْراتي
والجفن ما جف يوما حين أغمضه
وليس ترحل من عينيّ دمعاتي
والوجه ما غاب عن فكري وعن مقلي
أستلهم الرشد في عتم المتاهات
في يوم عيدك جاء الغيم يخبرني
بموعد لك في غيب السماوات
وأن روحك باتت في معارجها
ترقى لتسكن في علياء جنات
عشرون عاما وما زالت أناملها
تهدهد النوم في أجفان ليلاتي
عشرون عاما وأنفاسي بها اتصلت
رغم التراب وأبعاد المسافات
أماه إن ينابيع المنى ذهبت
لما ذهبت وجافتني حكاياتي
ما زال صوتك في قلبي وفي أذني
ذِكـْرُ الملائكِ أو ترتيل آياتِ
ما زال وجهك تهديني نسائمة
إذا نظرت صباحا نحو مرآتي
ما زال فنجان شايي منذ فارقها
يسقي شراين قلبي كل نبضاتي
ما زال قلبك في قلبي يسابقني
ليمسح الحزن إن هاجتك أناتي
ما زلت أنت ومهدي لم يزل أبدا
نبع الحنان وينبوع المسرات
أنا امتدادك في علمي ومعرفتي
وأنت زورق آمالي ومرساتي
يا ويح قلبي لكم ماد الحنين إلى
صدر يضم لظى حزني وآهاتي
يا ويح روحي تمنت أن موضعها
يصير لي مرقدا في بين أموات
هذا قميصي به من بعض إبرتها
خيط به نور عينيها الجميلات
وفي الدفاتر بعض من مآثرها
قد علمتني بأن أهوى كتاباتي
وعلمتني بأن الله يحفظ من
يمضي الحياة أسيرا بين آيات
وأنما الجهل موت من يصاحبه
قد عاش ما عاش في طيش الجهالات
وأن صدق حديثي من سينقذني
لو أن في الكذْب عند الناس منجاتي
وأن من يطلب العلياء يدركها
بالعلم والجد ، بالتسويف لا تاتي
وأن أفضل أصحاب الفتى قلم
يخط في طرسه سطر المروءات
وأن خير جدار من يعلق في
سفوحه خير أنواع الشهادات
وأن أفضل أرقام يحصلها
ابن تسجلها أعلى العلامات
وأن أشرف خطو من خطاك إلى
مساجد الله أوقات الصلاوات
أو تسرع المشي كي تـُـسقى بجامعة
كأس العلوم على شتى المجالات
واصحب من الناس من أخلاقه كملت
تعط المحبة في أعلى الكرامات
أمي فديتك ما شيء يمزقني
إلا رحيلك عن قنديل مشكاتي
أحن للنوم حتى أن أقابلها
طيفا من النور يجلو لي جهالاتي
فكم حننت لتعنيفي وقد غضبت
وكم غفرت حماقاتي وزلاتي
من نور حبك بستناني ارتوى ألقا
وأثمر القفر أشعاري وموجاتي
ونور حبك فجر بات يرسم لي
درب العطاء ويهدي كل خطواتي
ويجعل البور في عمري ورود منى
ويرسل الغيث يسقي كل ورداتي
أماه حن فؤادي أن يعاتبني
لسانك الحلو إن كانت حماقاتي
أحن للخبز من طابونها وأنا
ما ذقت بعدك خبزا فيه لذاتي
ولا شربت من النبع الذي عرفت
خطوات أمي وقفر بات جراتي
عطشت أمي وبت الليل في ظمئي
فلتسعفيني فهاتي غيمك الشاتي
ولتدفئيني فجسمي بات يرجفه
برد الشتاء وريح قرّه عات
فدثريني فقلبي ليس يُدْفِؤُه
إلا حنانك هاتي دفأه هاتي
يا من جعلتَ لحب الأم مغفرة
سطرت في محكم التنزيل آيات
يا رب هب لي من الصبر الجميل سنا
حتى ألاقي التي من ذاتها ذاتي
واجعل سبيلي إلى الجنات طاعتها
ما قلت أفا لها في عسر أوقاتي
ولتجعل الله قبرا بات تسكنه
نورا يصاحبها في ظل روضات
واجعل عزائي بها الفردوس تسكنها
مع النبيين في أعلى المقامات