آخر الوصاياأترحلين.!
حتى أصابعك ما فارقتْ فَرَحها..
زَرَعَتْ رحلاتُها بذورَ لهفةٍ فَنَبَتَت ألفَ شقيقةَ نعمان، زيّنت خصلاتِ شعري وجبيني، ثم أمطرتْ نَداها على يباسِ شفتيِّ.!
أتبخلين حتى بتلويحةِ وداعْ..؟
يأخذك المنعطف البعيد، بعيداً، إلى حيثُ لنْ أراكِ
ويلي.. هل حقاً لنْ أراكِ.؟
من سيغسلُ صحراءَ روحيَ بعدكْ.؟
أيّ عيونٍ كعينيكِ تنضحُ فوق صحرائي جرارَ عَسَلِها.؟
وأيُّ آهةٍ سأقرأُ من إطباقةٍ جفنينِ.. كجفنيكِ يسدلانِ على القمر في لحظاتِ صعودِنا إلى القمر بسمات نشوةْ.؟
هذه أصابعي.. رجفاتي.. ريشتي.. هل نسيتِ.؟
كم قوس قزحٍ رَسَمْتُ من حبرِ شفتيكِ..؟
أترحلين.؟
أين ستجدين بيدراً دافئاً مثلَ صدري، كم أسكنَ في ليالي الصقيعِ سنابِلَكِ الذهبية، وكان فراشَكِ الوثير، هدْهَدَ حُزنك، وطيّرَ العصافيرَ على تفاحتيكِ، فأنطقَ الصمتَ بالصمتِ، يوم أزْهَرَ الكلام
أترحلين.. وكيف، وهل يرحلُ الوطنْ، كيف.!؟
من سيسكنني بعدك، من سأسكنُ بعدك، وقد قاربَ العمرُ هدأةَ الميناءْ..!
أُنزلتِ الأشرعة.. وأُلقيتِ المراسي، ما عادتِ النوارسُ تجوبُ الفضاءاتْ، وما عادتِ العصافير تُغادرُ أعشاشَها..
ثم يأخذكِ المنعطفُ ويأخذني إلى غيابْ..
أيتها الراحلةُ كيف تجرؤين، وبين نبضتينِ تسكنينْ، وبين رفتينِ تسكنينْ، وبين رعشتينِ تسكنينْ
أيتها الراحلةُ
قبلَ أن يأخذَكِ الغيابْ.
هاتي من أصابعكِ رجفاتي، وارسميها تلويحة وداع، واكتبي آخر حرفٍ، على شاهدةِ قبري..
(ع.ك)
ـ ـ