أما السياق القرآنى فمعناه أنه يجب النظر إلى أى نص قرآنى فى ضوء النصوص القرآنية التى ترسم الخطوط العامة للإسلام، وبخاصة تلك التى تتعلق بموضوع النص المراد تفسيره. ولنأخذ مثالين على ما نقول: فأما المثال الأول فله صلة بما كتبه ابن سلام فى مقدمة كتابه: "طبقات الشعراء" عن النحل والانتحال فى الشعر الجاهلى، إذ كان من رأيه أن ما بلغنا من أشعار لعاد وثمود هى أشعار منحولة لهاتين القبيلتين. وحجته فى ذلك، وهو ما يهمنها هنا، أن القرآن قد أخبرنا أنهما قد أبيدتا عن آخرهما طبقا لما جاء فى سورتى "النجم" و"الحاقة". ومن ثم فالسؤال هو: من يا ترى حفظ أشعارهما وأداها إلينا رغم أن أحدا لم يبق منهما؟ وقد كنت أمر على تلك الحجة موافقا تمام الموافقة مثلى مثل جميع الباحثين الذين تناولوا ابن سلام ونظريته فى النحل والانتحال، إلى بضع سنين مضت، إذ بدا لى، فى سياق لا يهم القارئ ذكره هنا، أن أراجع ما قاله القرآن عن عاد وثمود فألفيته يقول بمنتهى الوضوح والصراحة فى سورة "هود" إن الله قد نجى كلا من هود (نبى عاد) وصالح (نبى ثمود) والذين آمنوا معه. وهو ما يعنى أن حجة ابن سلام باطلة تمام البطلان، وأنه لا يصح الارتكان إلى دعوى تدمير هاتين القبيلتين لأنها دعوى متهافتةلا حقيقة لها. والسبب هو أن ابن سلام توقف إزاء نصين قرآنيين يذكران أن تينك القبيلتين لم يتبق منهما باقية، مغفلا نصين آخرين يوضحان أن الذين تم تدميرهم إنما هم الكفار المعاندون من القبيلتين لا كل القبيلتين. لكن هذا لا يعنى بالضرورة أن ما بلغنا من شعر منسوب لعاد وثمود هو شعر صحيح، بل تلك قضية أخرى.




رواه المغيرة بن شعبة فى قوله: "لما قدمتُ نجرانَ سألونى فقالوا: إنكم تقرأونَ: "يَا أُخْتَ هَارُونَ"، وموسى قَبْلَ عيسى بكذا وكذا. فلما قدمتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سألتُه عن ذلك، فقال: إنهم كانوا يُسَمُّونَ بأنبيائِهم والصالحين قبلهم"، وإن كانت هناك رواية أخرى تقول إن ذلك التساؤل، أو بالأحرى: التشكيك، النجرانى إنما تم فى المدينة المنورة حين زارها نصارى المدينة اليمانية. يقصد صلى الله عليه وسلم أن أم المسيح ليست أختا لهارون على الحقيقة، لكنْ كان من عادة الإسرائيليين نسبتهم ناسا منهم إلى المشاهير الماضين من بنى جلدتهم رغم انتفاء صلات الدم بين الطرفين.

سؤال دكتور:
بالنسبة لجهود العلماء في التفسير استعانة بما مضى وعلى ضوء الحاضر، وهناك اعرفهم من المجددين، فهل هذا يمنحهم الحق بالتأويل فوق الحقائق التاريخية، ام برأيكم ماهي هقومات المفسر حتى لو كان عالما؟؟؟
ولكم جزسل الشكر والامتنان.