رسالة مفتوحة إلى "الشحرورات "



قبل كل شيء لا علاقة للمغنية صباح - 1927 - 2014 - بالأمر .. والنسبة هنا لبعض أخواتنا الفضليات المعجبات بالمفكر المهندس الدكتور محمد الشحرور.
كنت قد دخلت في حوار مع بعض الأخوات اللائي يروجن لأفكار الدكتور"الشحرور" .. ونقلت لهن ما كتبه الأستاذ ماهر المنجد .. أن المفكر المذكور لا يفرق بين كلمتين في القاموس - فهو مهندس وغير متخصص في اللغة العربية - مما جعله يخطئ خطأ فادحا . . كما سنبين .. وتقول الأخت الكريمة : هو يقول أنه لا يفتي!
وهذا عجيب .. إذا قال الإنسان يجوز للمرأة كذا .. ولا يجوز لها كذا .. فما الفتوى إلا هذا؟!!
وأخت أخرى .. حين قلت لها أن "الشحرور" لم يستطع أن يفرق بين كلمتي"جَوَب" و"جَيَب" في القاموس .. قالت لي - لعدم التخصص أيضا - أنها لم تفهم هذا الكلام .. فقلت لها أن الأمر .. مثل من يخلط بين "فريد أبوحديد" و"فريد شوقي" .. أو يخلط بين "محمد بن عبد الوهاب" و"محمد عبد الوهاب"!!
أولا : "فتوى" المهندس "الشحرور"حول لباس المرأة. كتب الأستاذ "المنجد" :
( ... فمسألة التناقض المزعوم بين الحنفية المتذبذبة والاستقامة الثابتة، والتي مثّلها بالتوابع المستمرة .. استغلها في فرض حالات للحدود، لعل من أهمها حالتي الحد الأعلى والحد الأدنى في التشريع والفقه، ومن هنا نجد أن السيد المؤلف يفتي بأن لباس المرأة المسلمة يتراوح بين حدين، حد أعلى وحد أدنى، أما الحد الأدنى فهو اللباس الداخلي للمرأة فقط واعتمادا على ذلك يصبح باستطاعة المرأة المسلمة أن تخرج إلى الطريق بلباسها الداخلي فقط دون أن يكون في ذلك تجاوز لحد من حدود الله .. بيد أن القصة لا تنتهي عند هذا الحد، وفتاوى السيد المؤلف وتشريعاته تتقصى الأمور حتى تصل إلى فرج المرأة وإليتيها وثدييها .. فيسميها جيوبا، ويسمح بإظهارها أمام السبعة المذكورين في سورة النور، أي الأخ والأب وابن الأخت وابن الأخ ووالد الزوج وابنه .. وحسب رأيه يجوز للمرأة المؤمنة، أن تظهر عارية تماما أمام هؤلاء المذكورين ... ويصرح قائلا نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي أي إذا شاهد والد ابنته وهي عارية فلا يقول لها هذا حرام، ولكن يقول لها هذا عيب .. ) هكذا على رأي السيد المؤلف أن يتحول بيت كل أسرة إلى نادي للعراة... ولإثبات ما يقول يستشهد بشرحه لآية (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ){ النور 31 } .. إذ رأى أن الله تعالى في هذه الآية قد أمر بتغطية الجيوب فقط، أي تغطية الفرج والإليتين والإبطين والثديين ... فهل يعقل أن يأمر الله بتغطية ما هو مغطى أصلا ؟ أتراه كان يلهو مع عباده؟{ تعالى الله علوا كبيرا ... ونحن نتفهم غضبة الأستاذ ( المنجد) عفا الله عنا وعنه ولكن كان ينبغي له التأدب مع الخالق سبحانه وتعالى} أم أن نساء العرب كن يمشين في الطرقات مكشوفات الفروج والأدبار حتى نزل الأمر الإلهي بتغطيتها؟ .. إن الجيب لغة هو فتحة الثوب وطوقه، وهذا معنى معروف جدا وشائع في الاستخدام عند العرب، ويقال جيب القميص أي طوقه، وقد يراد بالجيب الصدر، لأن الصدور تلي الجيوب وتلامسها، ومن هنا قيل : فلان ناصع الجيب، ويعني بذلك قلبه وصدره.
ومكمن الخلل أن السيد المؤلف لا يعرف كيف يقرأ في المعجم، ولا كيف يستخرج كلمة منه، نقول هذا الكلام لأن (الجيب) من مادة (جيب) أي مما عينه ياء، ولكن المؤلف لفرط جهله بأمور اللغة فتح المعجم على مادة (جوب) ومن هنا جعل الجيب هو الفرج .. وقد نص المعجم صراحة للاحتراز من هذا الوهم في كلا المادتين، فجاء في المعجم تعليقا على (جيب القميص)، فليس من لفظ الجيب لأنه من الواو، والجيب من الياء. ثم كرر ذلك في مادة (جيب) فقال : "فليس (جيب) من هذا الباب، لأن عين (جبت) إنما هو من جاب يجوب، والجيب عينه ياء، ولقولهم جيوب" ... ومعروف أيضا أن زينة المرأة في ذلك العهد كانت على قسمين زينة ظاهرة وزينة مخفية،(..) بيد أن السيد المؤلف يفهم الزينة على نحو آخر، فيرى أن الزينة نوعان، زينة الأشياء وزينة المواقع،فالأولى هي الأشياء المضافة إلى الشيء أو المكان، والثانية هي الزينة المكانية، ويشرح الزينة الشيئية أنها الحلي والمكياج... والزينة المكانية أنها جسد المرأة كله، وهذه الزينة الجسدية منها ما هو ظاهر بالخلق كالبطن والظهر والرأس والأطراف، وهذا يجوز إظهاره حسب رأيه لقوله تعالى (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) { النور 31 } ، ومنها ما هو خفي كالجيوب التي شرحنا فهم المؤلف الخاص لها. فإذا سألنا المؤلف كيف انقسمت الزينة إلى شيئية ومكانية؟ وما الأدلة المنطقية على ذلك؟ لا نجد جوابا. فالزينة لغة هي ما يُتزين به من أشياء مختلفة، فهلا يأتينا بدليل عقلي أو فلسفي أو قرآني أو لغوي ... على زعمه بانقسام الزينة إلى شيئية ومكانية؟ وإلا فما معنى المنهج العلمي والبحث الموضوعي؟ أفلا يعني – على الأقل – الاستناد في النتائج إلى مقدمات مثبتة وملزمة منطقيا؟ ولكن السيد المؤلف يخترع المقدمات من خياله الخصيب دون أن تكون مثبتة أو مسلما بها، ثم يبني عليها{ مجلة (عالم الفكر) الكويتية( المجلد الثاني والعشرون – العدد الرابع – إبريل – مايو – يونيو 1993م }
ثانيا " اطلعت على حوار أجراه موقع"العربية نت"مع الدكتور المهندس"الشحرور"وفيه يسمي زواج المتعة ،وزواج المسيار""ملك يمين"!!
(وقال د. شحرور للعربية.نت: ورد نوعان من العلاقة الجنسية في القرآن وهما الزواج وملك اليمين. الزواج هو صهر ونسب وأسرة، ويوجد فيه مساكنة ونفقة وشراكة وأولاد واسرة. هناك حالة ثانية لا تنطبق عليها كل هذه الشروط، مثلا عندما ينام شخص مع فتاة في الفراش ويمارس الجنس معها لكن دون شروط الزواج أعلاه، وبرضا الطرفين، فهذا ملك يمين.
وأضاف "زواج المسيار ليس زواجا وإنما ملك يمين لأن الزوجة أعفت الزوج من النفقة والمصروف والمساكنة. وفي هذه الحالة الرجل هو ملك يمين المرأة لأنها تنفق على نفسها ويأتي إليها بناء على طلبها".

وتابع "زواج المتعة أيضا ليس زواجا وهو ملك يمين حيث تكون المرأة ملك يمين الرجل لأنه يعطيها الأولاد والنفقة. زواج المصياف ملك يمين متبادل لأن الاثنين ينفقان على بعضهما".
ورفض الدكتور شحرور الربط بين ملك اليمين وموضوع الرق والعبودية، وقال إن ملك اليمين كما جاء في القرآن 15 مرة لم يكن له علاقة بالرق الذي ذكر ليعبر عن "فك الرقاب، معتمدا على قوله تعالى: "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برآدي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون".
وأضاف: "الآية الكريمة (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) تتحدث عن أن الجنس إما زوجة أو ملك يمين، والفروج هنا تشير للذكور والاناث".
وتساءل "كيف أنه في الرق تؤخذ المرأة سبية بالإكراه وتذهب لسوق النخاسة بالإكراه، وتباع بالإكراه وينامون معها بالاكراه والعملية في النهاية يقولون عنها حلال ويطلقون عليها ملك يمين.
بينما تنام فتاة مع شخص برضاها ويقولون هذا حرام".
الزنا هو نكاح علني ويحتاج أربعة شهود، والفاحشة غير العلنية لا تكون زنا. والمتزوجة التي تشرك شخصا آخر في فرجها غير زوجها تكون قد أشركت، ولهذا نقول للشباب إياكم والاقتراب من المتزوجات حتى لو لم يركم أحد.){
http://www.alarabiya.net/articles/2008/01/27/44810.html}
العجيب أن كثيرات يثرن عندما يفتي أحد شيوخ السلفية بصحة زواج المسيار،أو الزواج بنية الطلاق - مع الاعتراف بوجود خلط كبير في الموضوع ليس هذا محله - ولكن حين يسمي المفكر "الشحرور" المرأة"ملك يمين"لا نسمع لهن صوتا!! بل يواصلن الترويج لأفكاره!!
بل نتساءل : أين جمعيات حقوق المرأة؟ أين اللبراليين .. والعلمانيين .. وحقوق الإنسان عن مفكر يسمي المرأة "ملك يمين"؟!!ليس هذا فقط .. بل يقول المفكر "الشحرور"بالنص :
(والمتزوجة التي تشرك شخصا آخر في فرجها {سبحان الله ألم يكن له في اللغة العربية ما يغنيه عن استعمال "فرجها"؟! مثل : تشارك شخصا في نفسها.. في الفراش؟!! - محمود } غير زوجها تكون قد أشركت ولهذا نقول للشباب إياكم والاقتراب من المتزوجات حتى لو لم يركم أحد".
نلاحظ هنا .. أنه وصف المرأة بأنها"أشركت"،لو كان"سلفيا"لنعتُ بأنه"تكفيري"!! ثم نصح الشباب ولم يكلف نفسه أن ينصح المرأة .. بينما الإسلام .. حتى"الأمة = ملك اليمين" حين ترتكب الخطيئة .. يعاقبها بنصف ما يعاقب به الحرة .. (فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) : النساء 25
وكأن المفكر "الشحرور"هنا لا يرى المرأة إنسانا يستحق أن ينال عقوبة على جرائمه !!
وقد قال علي عزت بيجوفيتش :
( وفقا لهيجل فإن العقوبة هي الحق الإنساني للمجرم "هيجل،مبادئ فلسفة الحق"لأن العقوبة"كانتقام"هي نتيجة الحرية،ولذا فإن المجرم المعاقب يصبح إنسانا من خلال العقوبة،ويتأكد كإنسان){هروبي إلى الحرية}
حتى هذا الحق .. يسلبه المفكر "الشحرور"من المرأة المتزوجة؛حين تقع في الخطيئة!!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقطيي المدني