قصة قصيدة--قصة جبلي نعمان-محمد عيد الخربوطليقال ابن حجة الحموي: "روى المرزباني بإسناده أن المجنون (مجنون ليلى) خرج مع أصحابه من وادي القرى فمر بجبلي نعمان، فقالوا: إن هذين جبلا نعمان وقد كانت ليلى تنزلهما، قال: فأي ريح تهب من نحو أرضها إلى هذا المكان؟ فقالوا: الصبا، فقال: والله لا أبرح حتى تهب الصبا. فأقام في ناحية من الجبل ومضوا ثم عادوا إليه فأجلسهم معه حتى هبت ريح الصبا ورحل معهم وفي ذلك يقول:
أيا جبلي نعمان بالله خليا
نسيم الصبا يخلص إليَّ نسيمها
أجد بردها أو تشف مني حرارتها
على كبد لم يبق إلاَّ صميمها
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت
على نفس مهموم تجلت همومها
وورد أن الإمام ابن الجوزي كان له زوجة اسمها نسيم الصبا، فاتفق أن طلقها فحصل له عند ذلك ندم وهيام أشرف منه على التلف، فحضرت في بعض الأيام مجلس وعظه فلمحها وعرفها ولكن جاءت امرأتان وجلستا أمامها فحجبتاها عنه فأنشد في الحال:
أيا جبلي نعمان بالله خليا
نسيم الصبا يخلص إلى نسيمها
وجاء في كتاب روضة الجليس ونزهة الأنيس لمؤلفه بدر الدين حسن بن زفر الطبيب الأربلي أن بعض الرؤساء قال: كنت جالساً يوماً عند صديق لي بالموصل، إذ جاءه كتاب من بغداد من صديق له وفيه تشوق وعتاب بهذا البيت وهو:
تناسيتم العهد القديم كأننا
على جبلي نعمان لن نجتمعا
فأخذ يستحسن هذا البيت ويهتز له طرباً، فقلت له: بالله عليك أسألك شيئاً لا تخفه، قال: سل، قلت: هذه معشوقتك صاحبة هذا الكتاب هل كنت تأتيها من وراء الدار؟ فقال: أي والله ومن أين علمت ذلك؟ فقلت: من البيت لأنها ذكرتك فيه بجبلي نعمان، وهما كناية عند الظرفاء من أهل الأدب عن جانبي الكفل للمليح والمليحة. فقال: والله ما أدركتُ ما أدركتَ.