كذبة اسمها فاشونيستا : ريم الميع


قبل فترة سألني أحد الزملاء متعجبا، كيف يمكن لطالبة جامعية أن تحمل حقائب تساوي راتب سنة كاملة لو تخرجت وتوظفت؟ وإذا عرف السبب بطل العجب، فالطالبة إياها تحصل على الحقائب تلك بالمجان للتصوير بها ثم إرجاعها للمحل، مقابل نشرها في إنستغرام الذي يحقق لها مدخولا يتيح لها اقتناء هذه الحقيبة من إيراد بعض البوستات.. عليها بالعافية.


***


في مجتمع محافظ مثل الكويت أصبح عدد فتيات الإعلانات أكثر من عدد الأسر المحافظة، وهذا ليس مشكلة في ظل حراك مجتمعي اجتماعي، لكن المشكلة الحقيقية تبدأ عندما لا نسمي الأشياء بمسمياتها، وتبدأ هذه المعلنة أو تلك بوصف نفسها بفاشونيستا، وهي لا علاقة تربطها بالفاشن ولا الستايل، وتقوم متعمدة بإفساد الذوق العام بالترويج لسلع راكدة باهظة الثمن لمصلحة محال تجارية بالإضرار بموازنة البسطاء ومحدودي الذوق والاطلاع، الذين يتابعونهم في إنستغرام ولا يعرفون أن الفاشونيستا الحقيقية لا تستعرض شغفها بالفاشن في إنستغرام لأنها تعيشه واقعا كأسلوب حياة.


***


المتضرر الأكبر من ظاهرة التصنع الإنستغرامي تلك هو الذوق العام، بعد أن أفرزت عنها ظاهرة استنساخ الأشكال بعيدا عن الأذواق، واستعراض الماركات دون مراعاة لمشاعر أحد، فلا أحد مستعد أن “يمد لحافه على قد ريوله”، وفق ما قال المثل، والجميع مستعد للاقتراض في سبيل الاقتناء أو الاستعارة أو اللجوء للتقليد لمداراة شخصية مزيفة بتقليد الغير، لتكون كالغراب الذي قلد مشية الحمامة فابتلي، لا استطاع أن يكون حمامة ولا أن يعود غرابا، وفي الكويت تحديدا لا تضيف الثياب قيمة لمرتديها، لأن الجميع تقريبا يعرفون بعضهم، ولكن البعض لا يعرف قدر نفسه!


***


في طفولتي سألتني جارتي عن سعر حذائي المدرسي (كان لا يتجاوز 35 دولارا تقريبا)، لكنها صدمت من سعره، أما أنا فصدمت من توبيخ أمي لي للاستعراض بقيمة حذائي أمام من لا يملك قيمته، أو يملكها لكنها تثقل كاهله، ولم تشفع لي براءتي في الدفاع عن نفسي بأنني كنت أجيب على سؤال فقط، إذ أصرت علي، ومن اللباقة في مثل هذه المواقف الإجابة بـ “لا أتذكر”، أما اليوم فمن الروتين اليومي أن نقرأ في إنستغرام عبارات من نوع: تنورتي بـ 500 دينار يا بلاش!


هذه العبارات والصور المرفقة ليست سوى إعلانات مدفوعة غير معلنة، لا تصدقوا كذبة اسمها فاشونيستا.

https://reemalmee.wordpress.com/2014...3%D8%AA%D8%A7/