من ينقذنا من أنفسنا؟
مصطفى ابراهيم
7/6/2015
السؤال الذي يكرره الناس كل يوم ولا إجابات وطنية تشفي غليلهم و توصلهم إلى اليقين، ماذا تريد حركة حماس وماذا تريد الجماعات السلفية، وماذا نريد نحن وماذا يريد الرئيس محمود عباس؟ وأي مشروع وطني نريد؟
وسائل الإعلام الإسرائيلية تقول إن إسرائيل تعيش حال من الإرتباك ووضعها الدولي يتدهور من سيئ إلى أسوأ وبسرعة ويشتد الطوق عليها وفقدت القدرة في مواجهة كارثة سياسية واقتصادية، فالحركة العالمية لمقاطعة (bds)، تشتد وباتت إسرائيل تدرك حجم الخطر عليها، ونواجه إسرائيل سحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها وتحقق المقاطعة نجاح في تعرية وجه إسرائيل القبيح، والتي كانت نتاج نشاط وحراك المجتمع المدني الفلسطيني منذ سنوات.
كما كاد الفلسطينيين أن ينجحوا في طرد إسرائيل من الإتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" لولا سوء التقدير وخوف السلطة وتراجعها تحت حجج واهية. وكان للتوصية التي قدمتها مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال في الصراعات المسلحة الخبيرة الجزائرية ليلى زروقي، وقع الصاعقة على إسرائيل بوضع الجيش الاسرائيلي على القائمة السوداء للدول والمنظمات المتهمة بالمس التسلسلي بالأطفال إلى جانب تنظيمات "داعش" و"القاعدة" و"طالبان" و "بوكو حرام" ودول افريقية.
ولمواجهة التقرير الذي أدركت إسرائيل خطورته على إثر ارتكابها جرائم حرب في العدوان الاخير على القطاع و استشهاد نحو 540 طفلاُ فلسطينيا، فحركت ماكينتها السياسية والدبلوماسية للضغط على الأمين العام لمنع تضمينه التوصية المشار لها، و شكلت "خلية عمل" برئاسة بنيامين نتنياهو، ومسؤولين كبار في وزارة الخارجية، و منسق عمليات الحكومة في المناطق المحتلة، وممثلين عن الجيش ومندوب إسرائيل في الأمم المتحدة. وربما تنجح في منع تضمين التوصية.
إسرائيل تعيش معركة حقيقية وتقوم بكل ما هو في إستطاعتها لمواجهة أي محاولات نزع الشرعية عنها وتعتبر ذلك تحدياً جاداً للشعب اليهودي والدولة اليهودية كما قال نتنياهو الذي أضاف أن الحديث لا يدور عن سياسات إسرائيل، بل يدور الحديث عن حقنا في الوجود كشعب حر.
و استنجدت بالمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة التي هبت للدفاع عن إسرائيل لمواجهة حملات المقاطعة، وبمبادرة من المليارديران اليهوديان شلدون أدلسون، وحاييم سابان، بدأت أعمال مؤتمر يهدف إلى بحث سبل التصدي لمقاطعة إسرائيل، تشارك في المؤتمر 50 منظمة يهودية إلى جانب شخصيات مناصرة لإسرائيل.
وماذا عن الفلسطينيين الذين يعيشون صراعاً مريراً ضد أنفسهم ولم يحسموا بعد أمرهم أهو الانقسام والقطيعة أم هناك أمل في وضع حد لهذا الحال البائس على جميع المستويات في الضفة وغزة والمخيمات خارج الوطن ومأساة اليرموك ما زالت ماثلة، و غزة تعيش مأساة وكارثة حقيقية والأمر لا يتعلق بإعادة الاعمار والبطالة والفقر وفرض الضرائب من جديد ومشكلة الموظفين وغيرها من القضايا العالقة وعدم تمكن حكومة الوفاق الوطني من عملها وتقصيرها تجاه القطاع، إنما بصراع جديد قديم من نوعه من بعض المجموعات السلفية التي تخوض صراع وجود مع حماس ومع الناس على حياتهم وتعكيرها يومياً، وشبح الحرب والدمار ما زال ماثلاً أمامهم.
و في ظل هذه النجاحات والنضال السلمي الذي تحققه حركة المقاطعة وأزمة إسرائيل الجدية، يبقى السؤال والإجابات المفقودة من ينقذنا من انفسنا وماذا يريد الفلسطينيين؟
ماذا تريد حماس هل ستستمر في الإعداد والتسلح وبناء قدرات المقاومة من أجل المواجهة القادمة؟ أم أنها تعد العدة من أجل تحرير فلسطين كما يصرح بعض من مسؤوليها أو هو فقط من أجل الدفاع عن القطاع وعن نفسها؟
في نظرة شاملة وبإجابة سريعة تبادرنا الأسئلة القاتلة، ماذا حققنا من المواجهات السابقة سوى القتل والحزن والدمار؟ وهل حماس جادة في تهدئة طويلة الأمد ومفاوضات على فصل غزة نكاية في الرئيس عباس وإقامة إمارة غزة؟
في المقابل السلطة الفلسطينية تعيش حال من التيه والتخبط وهي لم تستطع تحديد بوصلتها والرئيس عباس متمسك بموقفه من حركة حماس ويوجه الاتهامات لها ليل نهار بالمسؤولية عن تعطيل المصالحة والتفاوض مع اسرائيل من خلف ظهره وغير مقتنع بان المشروع الوطني في خطر، ويخشى رد فعل إسرائيل ضده من خطته السياسية الباهتة لإنهاء الاحتلال، كما أن موقف السلطة غير واضح ولم يحسم من نزع الشرعية عن إسرائيل ومقاطعتها وهو تعبير عن حال العجز وعدم مواكبة التطورات المتسارعة في حملة المقاطعة وتقدمها.
على القيادة الفلسطينية أن تتبنى إستراتيجية وطنية واضحة و تخرج من الوهم وحال التخبط والخوف التي تعيشها والعمل على إعادة الإعتبار للمشروع الوطني بسرعة لتوحيد الصف الفلسطيني من اجل التحرر تقرير المصير وبشراكة الكل الفلسطيني. كما على حماس الإجابة بواقعية و بشفافية و التعبير عن موقفها بصراحة، وتغليب المصلحة الوطنية والتقدم خطوات نحو المصالحة وليس المحاصصة مع فتح.