هذا ليس جنونا، بل هو عين العقل، وصدقوني: "إنَّ أولَّ الغيثِ قطراً" (!!)في ضوء المتغيرات التراجيدية والمتسارعة التي تشهدها المنطقة، ليس أمام الأردن بوضعه الوظيفي الحالي، سوى واحدٍ من خيارين:فإما أن يُحتَلَّ جزءٌ من أرضه من قِبَلِ داعش في الشرق والشمال، يليه جزءٌ آخر من قِبَلِ إسرائيل في الغرب، بكل ما سيترتب على ذلك من كوارث (!!)وإما أن يكون أول بلد في العالم يعترف بدولة داعش قبل أن تحتلَ أرضه، ويقيم معها علاقات دبلوماسية كاملة، وتبادل سفارات وسفراء، ويوقع معها اتفاقيات حسن جوار، فإسرائبل ليست أولى منها، ولا هي أنفع للأردن من داعش، على أن تكون سفارتها في منطقة "الرابية"، ليرفرف "علم داعش" و"علم إسرائيل" في عاصمة العروبة والإسلام "عمان"، جنبا إلى جنب (!!)
الخيار الثاني سوف تباركه واشنطون بشكلٍ أو بآخر، وسوف تتفهمه إسرائيل وتغَطْرِش عنه، لأنه سيترتب عليه تأمين نفط مجاني للأردن لحل أزمة الطاقة المستفحلة لديه، ويفكُّ أزمة الفاسدين ومنهج الإفساد، وسوف يعفيه من تحمل مسؤولية احتلال جزء من أرضه من قبل إسرائيل، فيتم حفظ عوراته من الانكشاف أمام شعبه بأكثر مما هي مكشوفة إلى حدِّ الافتضاح، لأنه سيضمن لها – أي لإسرائيل – أن داعش لن يتوسَّع في أراضي الأردن ويقترب منها، والأهم من ذلك فإنه سوف يجعله – أي الأردن – الوسيط الوحيد الدائم لحل الأزمات التي ستستفحل بين دولة "داعش" من جهة أولى، وكل من "الدُّوَلِ السورية"، و"الدُّوَلِ العراقية" المرتقبة التي يهدِّدها داعش ويقاتلها من جهة ثانية، ودول الخليج التي سوف تقوم بدور دافع الأتاوات لضمان عدم غضب البلطجي "داعش"، ولهذه الوساطة أثمان ليست بالهينة، ستعود علينا باليمن والخير والبركات بكل تأكيد، بصفتنا سنكون جامعي الأتاوات والعاملين عليها من جهة ثالثة (!!)
لو كنتُ مكان القيادة السياسية الأردنية الوظيفية، فسوف أبدأ على الفور في إجراء الاتصالات السرية مع داعش – هذا إن لم أكن قد بدأتها بالفعل – وأُخْبِر الأم الحنون "الولايات المتحدة"، والأخت الشقيقة "إسرائيل" بتحركاتي لضمان النتائج وعدم مفاجأة الأحبة، وأنطلق على بركة الله (!!)
وإلا فليس أمام الأردن سوى أن يعلنَ الحربَ على إسرائيل، بعد أن يعلن إلغاء اتفاقية وادي عربة، والرجوع عن قرار فك الارتباط، والسعي إلى استعادة الضفة الغربية بصفتها أرضا أردنية محتلة، والتعامل مع السلطة الفلسطينية إذا لم تستجب لأوامر حلِّ نفسها باعتبارها سلطة خارجة عن القانون الأردني، وباعتبار أفرادها متهمين بالتخابر مع المحتل، وذلك كي يستبقَ كلَّ الخطوات المحتملة والمتوقعة، سواء من داعش أو إسرائيل، فتختلط كل الأوراق، وترتبك كل الأجندات، ويصاب بالذهول كل المرتزقة والمتملفين (!!)
ولأن النظام الوظيفي الأردني لن يُقْدِمَ على ما يظهرُه صاحبَ قرار مستقل وتفكير إستراتيجي، حتى لو طَوَّبوا له فلسطين مجانا، فاستعدوا أيها الأردنيون لقتال داعش في الشرق والشمال الشرقي، وإسرائيل في الغرب والشمال الغربي، أو جهزوا أنفسكم لنومة "أهل الكهف"، فذلك أشرف لكم وأكرم (!!)