أنا والليل

أنا والليل و الأفكار نستبق
فبعض الليل أفكار
بها الأفهام تندفق
و أرجو الليل أن يمضي على مهل
ويأتي إلي في خجل فيرجوني ..فنصطحب
سكون الليل أحوال
بها الآمال و الآمال تصطرخ
و إني بينهم أرنو
وعين القلب ساهرة
وترقب في تحيرها ..تقول لهم :
ألا يا صحب فاتفقوا
وتأتي الشمس مشرقة
وصحبي بعدُ ما اتفقوا
ويمضي الصبح في لهف
ليدرك عش غفوته
عن الإعياء يبتعد
ويصحو الليل في عيني
لنكمل حيثما كنا
ونبعد صبحنا عنا
ونقطع من مسافات ومن ماضٍ فنقترب
لهيب الأمس يحرقنا ويؤلمنا
ويضنينا
ولا ندري ..ولا نعلم
فكيف الأمس يشقينا ..
وجرح غائر فينا ..
ولم نلق له حلاً ..
سوى النسيان منعتق
وفي محراب أدمعنا
يموت حديثنا دوماً
على عتبات آمالٍ
نحط رحالنا عجزاً
وبالدعوات نبتهل

وبعض الليل أنات لتذكار
وبعض الكل في الذكرى يجاذبني
وفي الذكرى تذوب جميع شمعاتي
وتهمي جل دمعاتي
ولا يبقى من النور سواه وميض نجماتي
يلملم شتاتيَ الليلُ
وتسري كل آمالي كما السيل
وبين بريق آمالي ..أصاب بنشوةٍ سكرى
فأبعد عن متاهاتي
لتصحوَ عنديَ الفكرة
تلاحقني ..أطياف الأحبة
لا تفارقني
يخبئني الليل تحت جناح خيمته
ويقرضني بعضاً من سحر هدأته
ويسرج من فضاءاته ..لي الأمل
ليشفى الجرح من نزف فيندمل
ونزف الليل في جرحي يطوف بروح سكرته كما الثَّمِلُ

أريد الآن أن أمضي ..و أحزم كل أمتعتي
أودع ليليَ الساجي
ألحد كل أفكاري
لألحق بالغد الآتي
فإن اليوم من يومي
أقلبه.. وبين الكف من كفي ألاطفه َ
فينساب النهار بسرعة قصوى
كما الشلال ينسكب
و أما الليل يا ليلي
ففي كفيه يأخذني ..يقلبني
فلا للنوم يخلدني
ولا للحل يرشدني
فليلي مثل دائرة
جميع حدودها النار
و إني في تمركزها
أعيش العجز في أمري فينهرني

سئمت السوء
سئمت الليل
سئمت جميع أفكاري
سئمت حتى من نفسي
أريد خيوطك شمسي
خذيني إليك ودعيني
أعيش الصفو كالناس
ونجيني ..
لأكتب كل ماضيَّ بكراسي
و ألقيه ..
لموج البحر يأخذه
بعيدا عن مدى عيني
لتبدأ لي صباحاتي
و أحكي عن سباقاتي لمن بعدي
فإن الليل أضناني
وصوت الفكر لم يرقد بآذاني
رفعت بحزني الراية
فلم ألق ليَ الغاية
أريد الشمس في صبحي وفي ليلي
أريد النور أن أبقيه كدليلي
و ألقي برأسيَ التعِبُ
بحضن النور.. كي تغفو جراحاتي
وأبني جدار النور كي أعزل متاهاتي .
26-5-2015