لأنكِ ربيع حياتنا الدائم..
في بؤس الوقت الذي نعيشه الآن، عندما يطوف الموت بمنجله المخيف، يغيّب الجمال، ونسغ الحياة، يفتت ما بقي في أكبادنا من صمود وصبر، نقف.. نتأمّل.. نستنهض الذاكرة.. ونتذكّر.
يتربّع نيسان "الربيع" على هرم الشهور، يعلن ولادة فصل زاخر بالجمال والحب والحياة، وكما في كل الشهور، تتدافع الأحداث بكل صنوفها، لكنه "نيسان" يبقى يحمل في طيّات حروفه، ربيعا لا يغيب، يتجدد في كل عام، ويحرض فينا سيول الذكريات، ويفرض علينا، عندما تتألّق الروح سموّاً، أن نقدّم فروض العرفان إلى من ساهم في دفع مسيرة الحياة قُدماً، وتجاوز بنا السدود والحواجز، وأرسى فينا روح الصمود والصبر والتحمّل، وأسس فينا ألق نيسان، دائماً..
في الحادي عشر من نيسان، في مثل هذا اليوم، أعلن القدر ولادتها، تنَفّست عطر نيسان فأزهر في روحها قدرة باهرة على العطاء وزرع الأمل في أرض كانت قاحلة عقيم، فضجّت بالحياة.
كانت الربيع الدائم في مسيرة حياتي وحياتنا، مسيرة طويلة أوشكت أن تقطف، بعد شهور قليلة "يوبيلها" الذهبي وهي تغلق مسيرة الخمسين سنة بالتمام.. كانت الوفيّة الحاضنة، والحضن الدفيء للكبار الذين غادروا عالمنا وهم عنها راضون، وكانت الأم الراعية لكل وافد جديد إلى الأسرة، وقلب يسعُ الجميع.
مسيرة عمر، تناوبت الأحداث بصنوفها متابعة الأيام والشهور والسنوات، جمعت في ذاكرتها النابضة، حكايات وحكايات.. حزن وفرح.. رحيل وإقامة.. خوف وأمان.. بؤس وأمل.. أبناء وأحفاد، وكان الجامع بين كل ذلك (وجعلنا بينكم مودّة ورحمة)..
في نيسان من كل عام، تتجدد الذاكرة، ويتجدد بيان الشكر والحمد لله أن جعلَكِ الله أبهى علامة في حياتي وأنت تنثرين حولنا دائماً زهور ربيع لا ينتهي معطّراً بالحب والعطاء والرعاية.
ولأنك الربيع دائماً، تبقين سيدة بيتك، وسيدة القلب.
في ذكرى مولدك يا رفيقة العمر والمسار، في الحادي عشر من نيسان، ومهما قدّمتُ بين يديك من عرفان، لن أوفيك جزءا من فيوض ما تعطين وما أعطيت.
وسأبقى أردد بين نفسي وبيني، مبروك لنا بك.. دمت بخير دائماً أم ناصر.
ع.ك