نفسي أفهم كيف يفكر اليساريون العرب وما الذي يريدونه على وجه الحقيقة، هذا إذا سلمنا جدلا بأن هناك يساريين عرب فعلا، وهو أمر مشكوك فيه (!!)غالبيتهم وباستثناءات قليلة جدا، يؤيدون نظام البعث السوري ومن خلفه إيران، وكانوا يعارضون نظام البعث العرافي أيام كان هناك بعث عراقي ذات زمن ولى واندثر (!!)فإن سألناهم: لماذا هذه الازدواجية، فالجميع بعثيون، في سوريا وفي العراق، والجميع يحملون لواء القومية العربية، وينادون بالاشتراكية، وبالعدالة الاجتماعية.. إلخ (!!)قالوا: لأن البعث السوري نظام ممانع يدعم المقاومة ويناهض الإمبريالية وكذلك إيران (!!)
فإن تجاوزنا هذا الادعاء الذي يصعب إيجاد مؤشر يؤيده على وجه الحقيقة، وقلنا لهم: والبعث العراقي أيضا كان يدعم المقاومة ويناهض الإمبريالية، بل هو قد حاربها فعلا واجتمعت عليه، وقصف إسرائيل بـ 39 صاروخ باليستي، خلافا للبعث السوري الذي لم يفعل رغم أن أرضه محتلة، بصرف النظر عن الظروف التي جعلت البعث العراقي يقصف إسرائيل، هل هي جادة أم تظاهرية، فإذا كنتم تؤيدون من يعلن ويصرخ مجرد تصريح بأنه معاد للإمبريالية والصهيونية، فمن باب أولى أن تؤيدوا من قصف معقلها بالصواريخ (!!)
عندئذ يقولون: البعث العراقي كان نظاما دكتاتوريا مستبدا يقمع معارضبه ولا يرحم وقد أعدم الشيوعيين والأكراد.. إلخ (!!)
هكذا أفحمونا فعلا، فقد غاب عن بالنا أن البعث السوري جعل من سوريا واحة الديمقراطية وقبلة من يريد أن يتعرف على دلالات التنوع والتعدد، أما إيران فخدث عن ديمقراطيتها ولا حرج، فهي الدولة الوحيدة التي لم تبد شيوعييها إبادة كاملة ممثلين في "حزب تودة"، وهي الوحيدة التي تقيم حكما تعدديا ديمقراطيا غير مسبوق في العالم يعترف بكل أنواع الحقوق التي تخطر على البال والتي لا تخطر على البال، والتي ليس الدين ببعده الطائفي الممعن في انطوائيته هو وعاءها الحاضن (!!)
عندها شعرت بالخجل بسبب جهلي الذي جعلني لا أعرف هذه الحقائق التي غابت عن بالي، والتي انتبه إليها اليساريون العرب حماهم الله وزادهم من علمه وأغدق عليهم من واسع رعايته (!!)