الأرق ومعصرات الكتابة
《مهداة إلى الشيخ محمد الشهري》.
لم أكن أمس بحاجة إلى شيء كحاجتي إلى النوم، فاستوخمت كل المراتع، وضاق بمد بصري فسيح الشوارع، ولو خيرت حينئذ بين النوم وبين طارئ اللذات قاطبة، لكان خيرا لي مما عدل به.
وكنت أدري - إذ هجرني ليلة أمس - أن السرير لن يشفع لي، ولو لزمته طول النهار، حتى قلت:
أغافل العين عل اللهو يسعفني
في وصل نوم أقام الليل يسبيني
خلت السرير شفيعا دونما طمع
إذ زاد منعي وساق الهم يطويني
للنوم بين يعاني الضر ذائقه
كأن كل المطايا اليوم تقصيني.
ولم يبق لي إلا ترقب الليل، ووصل أرق النهار بوجد الانتظار، لعل عارض المساء يأتيني بسانحة تزيح عني الصعداء، ويذهب جدبي بسقيا ارتواء.
كان ترقبي كترقب من شام سنا برق بشارة، أعقبت مناجاة استسقاء، فلم ألبث حتى زارني حبيبنا الشيخ محمد الشهري حفظه الله، حيث قدم لزيارته المباركة الميمونة بإشعار هاتفي أسال هذا البيت الشهري العاطفي:
أي السوانح أقبلت تستلني
إيناس خل بالوفا يحتلني
ولا حد لوصف ما آنسني به من كريم اهتمامه، وراقي اعتنائه جزاه الله خيرا، مع لطف في الإقبال، ودافق لين رائع الانثيال، يعرفه من طعم شرب فؤاده، وأصاب من فضله لجة شهاده.
وجعلها حفظه الله زيارة خفيفة وافقت من مناي لب الغاية، وجرت بجرعة وسط لم تزد عن حد الكفاية، كانت حاجتي إليها بقدر، أغرى نومي بلذة الوصال، فلما طلبني نومي واستجبت بعد يسير تدلل، ودعني الشيخ محمد توديع مبصر لبيب، ثم قصدت غرفتي، ونمت بحمد الله تعالى نومة لم تقل عن خمس ساعات هنية، ولم تخل من آثار مباحثات الشيخ العلمية.
الرياض
صباح يوم الإثنين 2/3/2015.





نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي