عندما تبقى والدتي في العناية المشددة فإنها تتألم كثيراً لأنها تصحو ليلاً فلا تجد أحداً معها سوى الممرضات فتعاتبني في اليوم الآخر كثيراً جداً . . . وتقول لي لقد عذبوني كثيراً يا أنس . . . لقد حبسوني . . . ماذا فعلت أنا . . .
أمس دخلت إليها وهي في العناية . . . رفعت رأسها وهيأت نفسها وقالت أنس انزع عني ملابسي أريد أن اذهب معك إلى البيت . . . فأخذت أختبئ وراء الدكتور لكي لا تراني أبكي من هذا الكلام . . . وهو يشجعني على الثبات أمامها . . . فلم أتمكن واضطررت للخروج وهي تنادي : أنس . . . لا تتركني ، أنس لاتتركني . . .

آه يا أمي ، ليتني أستطيع أن أهبك صحتي كلها . . . ليتني أجعلك تذهبين إلى البيت ولو اضطررت أن أبقى أنا مكانك . . . المهم أن تنجي أنت . . .
وإذا قرر الرحمن أن ترحلي ليتني أرحل معك . . . لا أريد أن أبقى في هده الدنيا ( وحيداً ) .

كتبت هذا الكلام فجر يوم الجمعة . . .
وفي اليوم نفسه الجمعة 16 / 1 / 2015 الساعة العاشرة صباحاً . . . كنت واقفاً وحيداً على باب العناية المشددة ، دققت الباب فقال لي الطبيب إن عندها حالة توقف قلب وإنه يجري لها إنعاشا . . . مضت ثلاثة أرباع الساعة ، وأنا أدق الباب . . . ثم فتح الطبيب الباب وهز برأسه . . . وقال لي : العمر لك . . .
. . .
لا أبوح بما حصل معي . . . ولكن أقول بعد فترة حضر أبي مع أختي وابنتها . . .
أختي وقعت على الأرض . . . وأبي الغالي الذي هو من مواليد / 1918 / أخذ يصيح ويعول كالولد الصغير . . . نسيت نفسي ونسيت همي ، وأخذت كعادتي أهتم بهما . . .

رحمك الله يا أمي . . .
أطال الله عمرك يا أبي . . .
أعانك الله يا أختي . . .

ماتت التي تحبني في هذا العالم . . .
آه يا أمي . . . آه ، ليتك تأخذيني معك . . .



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي