غيوم الغيب


رضعت الشِِّعرَ من صغري وينمو

على أهداب دفتريَ المحالُ

فلولا القحطُ ما جادت سمائي

ولولا اللَّيل ما بزغ الهلالُ

يطوفُ الحلمُ أروقتي ويرقى

على أردان أشواقي الجمالُ

ويثمل بين أنفاسي وبيني

مجازٌ ضمَّ سوسنه الدّلالُ


كأنّي في المدى أحلامُ ظبيٍ

تطرّزُني الفيافي والجبالُ

وتشربُ من أهازيجي البوادي

ويطرحُ من أفانيني السُّؤالُ

يروحُ القربُ مفتوناً بوصلي

ويأتي في قفا البعد الوصالُ

كأنّي في هوى الدنيا غيومٌ

على فستانها حطَّ الجلالُ

وبات الحظُّ يرشف من رحيقي

ويسكر بين أحداقي الخيالُ

فما جفَّت على كفِّي المراثي

ولا نضبت على غصني الغِلالُ

ولا ماتت حروفُ النُّور عندي

ولا نامت على نوقي الرِّحالُ

أُصارع في زماني لا أُبالي

سنينَ الدَّهرِ إن طال الزَّمانُ

فحدِّي جيشُ ألفاظي وحدِّي

سليط الحدِّ إن سطتِ النِّبالُ

أعيشُ بوحي أشعاري رسولاً

فتؤمن بين شطآني الرِّمالُ

وأحضنُ بالمحبةِ كلَّ بغضٍ

وأبغضُ في المحبّةِ يا حلالُ

ألفُّ الكونَ لا أدري وسرِّي

على أقفالِ أبوابي يُقالُ

فينضج بين أوهامي يقينٌ

ويصغرُ وسط إيماني الضَّلالُ

كأنَّ الكون مسبحةٌ بكفِّي

وكأسَ السِّحرِ يملأهُ المقالُ

أداوي بالقوافي جسمَ سقمٍ

وقلبي بات يمرضُه المآلُ

أسجِّلُ نشوةَ الدُّنيا صباحاً

وعند الليلِ تخنقُها الظِّلالُ .