الوحدة والشراكة لقطع الطريق على الاهداف الاسرائيلية
منظمة التحرير الفلسطينية طوق النجاة لاطراف المصالحة

بقلم:عماد موسى
يرجع مصطلح “المصالحة الوطنية” إلى الزعيم الفرنسي شارل ديجول، الذي أستخدمه ارتباطا بشكل أساسي بضرورة تحمل مسؤولية محو جرائم الماضي التي وقعت تحت الاحتلال أو أبان حرب الجزائر، ليستخدمه من بعده نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا عندما كان ما يزال قابعاً في السجن، إذ رأى أن من واجبه أن يضطلع بنفسه بقرار التفاوض حول مبدأ إجراء العفو العام والمصالحة الوطنية، لأنه رأى أن البلاد ستكون عرضةً لمزيد من الاحتراق وإراقة الدماء التي سيقف وراءها الانتقام بكل تأكيد، وتشمل المصالحة الوطنية الإجراءات والعمليات التي تكون ضرورية لإعادة بناء الأمة على أسس شرعية قانونية وتعددية وديمقراطية في الوقت ذاته
فإن أيّ مصالحة حقيقة لا يمكن لها أن تنجح دون التعامل مع إرث الانقسام الثقيل، وهو ما يتم من خلال تحقيق العدالة للضحايا الذين انتهكت حقوقهم خلال فترة الاقتتال وما تلاها من الانقسام، كأمر ضروري لتحقيق المصالحة ذاتها، ذلك أن أي مصالحة لا تضع نصب أعينها قضية العدالة الانتقالية ستكون منقوصة، خاصة فيما يتعلق بإنصاف الضحايا ومنع إفلات من ارتكبوا جرائم وانتهاكات جسيمة وخطرة لحقوق الإنسان وحرياته من العقاب.
فبعد ان ان توقف العدوان على الاسرائيلي على غزة،وبعد ان تشكل وفد فلسطيني للتفاوض غير المباشر مع الوفد الاسرائيلي برعاية مصرية، بات واضحا ان قبول حماس بفكرة ان يرأس عزام الاحمد الوفد الفلسطيني،مقدمة ايجابية للقبول بانجاز ملف المصالحة وانهاء حالة الانقسام السياسي والتي تركت اثقالا اضافية على كاهل الشعب الفلسطيني،
ونعتقد ان الفرصة اليوم للمصالحة قد لا تتكرر،خصوصا ان الشارع الفلسطيني والشارع العربي والمجتمع الدولي ينتظر من الفلسطيني مثل هذه الخطوة ماذا تعني المصالحة؟
اولا: تعني انهاء الانقسام الجيوسياسي بين غزة والضفة وعودة الولاية الجغرافية للسطلة المعترف بها دوليا وعربيا وتعني ايضا بسطة السيادة القانونية على غزة
ثانيا: تعني الشراكة السياسية والقبول بالاخر ورفض الاقصاء وعدم التهميش والاستبعاد،والعزل.
ثالثا: وتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية المشتركة لقيادة الشعب الفلسطيني، خصوصا ان الوقائع على الارض اثبت انه ليس بمقدور اي حزب سياسي اليوم ان ينفرد بقيادة الشعب الفلسطيني لوحده في ظل مرحلة التحرر الوطني، واننا نعتبر اوسلو نشاط تدريبيا للاحزاب وللشعب لممارسة الديمقراطية، وللمثاقفة على مرتكزات بناء النظام السياسي الفلسطيني على اساس الشراكة والتعددية واحترام الرأي والراي الاخر،وانه لا يمكن لفصيل ان يستحوذ على مقاليد الحكم وان يمسك بتلابيب السلطة دون مشاركة القوى السياسية الاخرى؛ فقد ولى زمن الهيمنة والاستفراد والاقصاء والابعاد،وعلى الجميع ان يتعظ، وأن يتعلم درسا اساسيا من نتائج الربيع العربي الذي جاءردا على احتكار سلطة الحزاب الواحد الشمولي والاقصائي والاستبعادي.واما الخطوات الاجرائية والمتداولة من جميع القوى السياسية، فهي:
اولا:تشكيل حكومة وحدة وطنية من سائر الفصائل تكون مهمتها اعادة الاعمار التحضير للانتخابات التشريعية والمجلس الوطني والرئاسية بشكل متزامن، وإعادة الحياة للمجلس التشريعي بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لمدة شهر او 45 يوما للمساعدة في التحضير لإجراء الانتخابات.
رابعا: الانخراط في منظمة التحرير الفسطينية، ومؤسساتها عبر اعادة بناء المنظمة، وبعث الروح فيها على اساس اجراء انتخابات للمجلس الوطني تتزامن مع اعادة الروح لمؤسسات السلطة باجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ايضا، وأما في الدول التي يتعذر فيها اجراء الانتخابات للمجلس الوطني يتم التوافق على تبني مبدأ المحاصصة (الكوتا) وبهذا يمكن تطوير المنظمة وبناء مؤسساتها على اساس الشراكة السياسية،وهذا يكسب جميع القوى السياسية الشرعية السياسية من خلال صناديق الاقتراع.
خامسا:
فإن التقطت حماس اللحظة التاريخية وذهبت بهذا الاتجاه تكون بذلك قد صنعت مع حركة فتح والفصائل الفلسطينية صفحة جديدة من التاريخ للشعب الفلسطيني، تاريخا متأسسا على الوحدة الوطنية، وعلى الشراكة السياسية؛ واما ان اخذتها العزة بالاثم فإن اسرائيل جاهزة تماما لتنفيذ خططها لتحقيق اهدافها المؤجلة،وهي:

اولا: فصل غزة عن الضفة جيوسياسيا واجتماعيا وثقافيا فصلا نهائيا، بحيث يصار الى خلق نظامين سياسين نظام مهلهل ضعيف في رام الله بفعل الاستيطان والتهويد والاعتقالات والحواجز...الخ ونظام متآكل في غزة ومُجَرَم ومُؤَثَم دوليا اما بتهمة الارهاب او بتهمة الدعشنة وكلاهما وجهان لعملة واحدة.
ثانيا: الاستيلاء على مزيد من الاراضي في الضفة وخنق الاقتصاد الفلسطيني، وفتح باب الهجرة للشباب في الضفة لتفريغ الضفة من السكان، لان الشيوخ يموتون، وعلى هذا يراهن الاسرائيليون على الزمن ولكن عبر التحكم بالزمن.
ثالثا: شطب فكرة الدولة الفلسطينية على الاراضي التي احتلتها اسرائيل في الرابع من حزيران عام 1967.
رابعا: شطب حق العودة عبر التهجير، والدمج في المجتمعات الغربية.
ويمكننا قراءة المخطط الاسرائيلي كما يلي:
اولا: حشر حماس وفصائل المقاومة لدرجة الانفجار بحيث تستفزها لاطلاق رشقات صاروخية تقوم اسرائيل على اثرها توجيه عدوانها بشراسة اكبر لعدة ايام بحيث يفضي العدوان الى تدخل الامم المتحدة،بحيث يتم تمرير قرار في مجلس الامن تقدمه امريكا او احد حلفائها ينص على مايلي :
اولا وقف اطلاق النار فوريا
ثانيا:السماح بمرور المساعدت الانسانية(الغذائية والدوائية) الى قطاع غزة
ثالثا: اعادة اعمار غزة باشراف الامم المتحدة،ووضع خطة تتضمن رقابة الامم المتحدة لاعادة الاعمار.
رابعا:بناء المطار والميناء
خامسا: نزع اسحة حماس وسائر الفصائل الفلسطينية.
سادسا: تفكيك البنية التحتية لصناعة الصواريخ
سابعا: تدمير الانفاق المستعملة للتصنيع او لانفاق الهجومية

ولكن، يمكن لحماس ان تتخذ خطوة استباقية، بحيث تجنب رأسها ورأس القضية الفلسطينية المقصلة الدولية، من خلال تقديم بعض التنازلات السياسية والفكرية، ونقصد بالفكرية ان تتبنى حماس مرجعية وطنية بدلا من المرجعية الاخوانية بحيث تتحول الى فصيل سياسي اساسي في الحياة السياسية الفلسطينية، والى شريك وطني عبر الدخول في منظمة التحرير الفلسطينية لانه يمنحها الحصانة، ضد الافتراءات الاسرائيلية، ففي السابق شبهت اسرائيل حماس بالقاعدة ووجهت لها تهمة الارهاب، واليوم تحاول اسرائيل دعشنة حماس، واتهامها بقتل المدنيين والاطفال والنساء لتبرير حجم الضربة العسكرية والامنية.
فإن دخول حماس الى منظمة التحرير يجنبها كل ضغط دولي الذي يطالبها الاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقات الموقعة، فقد سبق وان اعترفت المنظمة عبر رسائل الاعتراف المتبادل والمتزامن بين الشهيد ياسر عرفات والراحل رابين،وكذلك وبهذا تكتسب شرعيتها السياسية وشرعية وجودها من خلال شرعية منظمة التحرير المعترف بها عربيا ودوليا والمنظمة هي انجزت الاعتراف بدولة فلسطين غير العضو في الامم المتحدة، والانضمام الى المعاهدات والاتفاقات الدولية.
وبهذا تكتمل وحدانية التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني في اماكن تواجده،وبحيث يتم العملعلى إعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية العليا للشعب الفلسطيني، بنشيد واحد، وعلم فلسطيني واحد، وبكوفية فلسطينية واحدة،وببرنامج سياسي واحد،ونودع حقبة من التنازع على تمثيل الشعب الفسطيني والتنازع على السلطة .ولا شك ان انه اذا انضوت حماس والفصائل تحت لواء منظمة التحرير تكون لهم طوق النجاة .