بسم الله الرحمن الرحيم
العقلُ فاق الكون
د.ضياء الدين الجماس

العقل إبصارٌ بلبِّ كِرامِ ... عينٌ تَرى مالا يُرى بظلام
بشُعاعِه نورٌ خفيٌّ خارقٌ ... يسري وينفذُ عابراً لغَمام
عَبَـرَ الكواكب والنجومَ يفوقها ... فقد امتطى في مركب العَلاّم
أقوى من البدر التمام بنوره... وضياؤه يسري بكل سلام
فيرى الخفايا لو تدلى سترها ... وتدثرت مستورة بهلام
يصحو الضمير به فيوقظ غافلاً ... كالشمس توقظ أعيناً لنيام
والفكرُ مُختبرٌ يحلل ما يرى ... كجهاز هضمٍ هاضمٍ لطعام
أنزيمه كل العلوم بما احتوتْ... فيمد عقلاً ظامئاً بـمدامِ
ويفُتُّ من سُمٍّ قتول للجوى ... يرديكَ محروق الحشا بضرام
والعقل ميزانٌ لكل عدالة.... يغنيكَ عن قاضٍ به ومـحامٍ
في الدين مرتكز وقاعدة له ... يعلو عليها شامخاً كسنام
فإذا أصاب العقلَ لوثُ أذية ... غاصَ العليلُ بلجة الأوهام
فإذا تداعى العقل في بنيانه ... أضحى كعهنٍ عالقٍ بركام
وسيسقط التكليف عن زلاته .... متساوياً معه بهيمُ هوام
فالله قد خلق العقول كرامة.... نعلو بها عن رتبة الأنعامِ
والعقل فاق الكون في إدراكه ... فدنا لربٍّ دائم الإكرام
حتى الغرائز تنضوي بجناحه ... شهوات نفسٍ تمَّحي بصيام
فارْضِ الكريمَ تنلْ جنائن حبه ... فيها السعادة مَفْرشٌ لهُمامِ
يا ربِّ صلِّ على النبيِّ المصطفى... ما دام جودك دائم الإنعام