نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
عام جديد 1436 هجرية ،
وأمل في السير على هدى الهجرة مديد


الهجرة تجردٌ وتضحية وإخلاص لله عز وجل فيها مجاهدة للنفس والهوى والشيطان في مواجهة الشر والباطل والطغيان.
جاء في حديث رواه الإمام أحمد والنسائي وصححه ابن حبان وحسَّنَهُ ابن حجر من سيرة ابن أبي فاكه رضي الله عنه بشواهد كثيرة
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي إن الشيطان قعد لابن آدم بأَطْرُقِهِ ؛فقعد له بطريق الإسلام فقال : تُسْلِمُ وَتَذَرَ دِينًكَ ودين آبائك وأجدادك ! فعصاهُ فَأَسْلَم ،ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : تهاجرُ وتدعَ أرضَكَ وسماءك !؛ فعصاه فهاجر ، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال : تُجاهدُ فهو جُهْدُ النفس والمال ؛ فتقاتل فتقتل ، فتنكح المرأة ويُقَسَّمُ المال !، فعصاه فجاهد ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن فعل ذلك كان حقا على الله عزّ وجلّ أنْ يُدخِلُهُ الجنَّة )
من هنا فهم المؤمنون الأوائل رضوَان الله عليهم معنى الهجرة الصادقة إلى الله وعملوا بها ، واستفاد الكثيرون منهم من دروسها
وتلك نماذج من الصحابة نلخص قصصَ هجرتِهِم ليستفيد منها المؤمنون في عصرنا المليء بالفتن والإغواء وعداوة الدين ومحاولة حربه في سلوك المتمسكين به ممن لم يفهموا الهجرة الفهم الصحيح
1- هجرة صهيب بن سنان ( سابق الروم إلى الإسلام ) رضي الله عنه
قال : لمَّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه كنت قد هممت بالخروج معه ، فصدَّني فِتيانٌ من قريش ،فجعلت ليلتي تلك أقوم ولا أقعد ، فقالوا شغله الله عنكم ببطنه ــ ولم أكن شاكيا ــ فناموا ، فخرجت فلحقني منهم ناسٌ بعدما سِرْتُ (بريدا ) أي حوالي اثنى عشر ميلا ليردوني ؛ فقلت لهم : هل لكم أن أعطيكم أواقي من ذهب ، وتُخَلُّون سبيلي وتَفُونَ لي ؟ فتبعتهم إلى مكة ، فقلت لهم : احفروا تحت ( أسْكِفَةِ الباب ) يعني عتبتهُ ، فإن تحتها الأواقِ ...... وخرجت حتى قدمت المدينة قبل أن يتحول الرسول عن (قباء )
فلما رآني قال : يا أبا يحي ربح البيع (ثلاثا) فقلت : يا رسول الله ، ما سبقني إليك أحدٌ ، وما أخبرك إلا جبريل عليه السلام ) أخرجه الحاكم ، وصححه عن أنس رضي الله عنه وقال :إن قوله تعالى ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) البقرة 207 نزلت في صهيب ، لتضرب لشباب المسلمين مثلا في التضحية والفداء والإخلاص عساهم يسيرون على الدرب
2- هجرة آل أبي سلمة رضي الله عنهم :
ومنها نتعلم أن الثبات على الحق صفةُ المجاهدين من المهاجرين المخلصين إلى الله تعالى الذين يبتغون فضله ورضوانه
وهذه الأسرة ما أصاب أهل بيت من المسلمين ما أصاب أفرادُها ( أب وأم وطفل ) كما ذكرت أم المؤمنين أم سلمة في حديثها
أخرج ابن إسحاق بسند حسن على لسان أم سلمة رضي الله عنها قصة هجرة آل أبي سلمة ؛ ونوجز تلك القصة فيما يلي :
فلمَّا خرجت أم سلمة مهاجرة مع زوجها إلى المدينة ومعها طفلها ، غضب رهط أبي سلمة ، وقالوا :لانترك ابننا عندها
فتجاذبوا ابنها بينهم حتى خلعوا يده ، وحبسها أهلها عندهم ، ثم انطلق أبو سلمة زوجها إلى المدينة ، فَفُرِّقَ بينها وبين زوجها وبين ابنها ، حيث حُبِسَتْ عند رهطها ، فما زالتْ تخرجُ وتبكي قُرَابَة سنةٍ حتى مرَّ بها رجلٌ من بني عمها فرحمها وكلم أهلها ، فسمحوا لها باللحاق بزوجها ، ورُدَّ إليها ابنها فخرجت مهاجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
3- هجرة ضمرة بن جندب رضي الله عنه :
وهو ممن نزل فيهم قول الله تعالى :(
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ غ– قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ غڑ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا غڑ فَأُولَظ°ئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ غ– وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَظ°ئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ غڑ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) غ‍

والعبرةُ التي نأخذها من درس هجرة هذا الصحابي الجليل أن كلَّ من أقام في ضلال الباطل ،وهدْم الحق ومحاربتِهِ وهو قادرٌعلى الهجرة والمجاهدة وبقي مفتونا بهذا الباطل فهو ظالم بحق نفسه ، ليس متمكنا من إقامة الدين الحق ؛ فلقد أجمع العلماء على حرمة بقائه بين ظهراني المشركين ، وأعفت الآية الكريمة المستضعفين من هذا الحكم ، ومنهم الصحابي ( ضمرة بن جندب ) فقد كان مريضا ذا عذر ؛ وهو مع ذلك أراد أن يلحق ركب التوحيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرج أبو يعلي والطبراني بسندٍ رِجالُهُ ثقاتٌ وله شواهد قال عن ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خرج ضُمْرَةُ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه من بيته مهاجرا : فقال لأهله : احملوني فأخْرِجُوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فنزل الوحي بقول الله تعالى :(
وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً غڑ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ غ— وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)النساء

فقد رأى ضمرة بن جندب رضي الله عنه أنه مادام له مال ولديهِ من يستعين به ليُحْمَل إلى المدينة فقد انتفى عذره في البقاء وهذا فقه أملاه الإيمان وزكَّاه الإخلاص واليقين
4- هجرة عياش بن أبي ربيعة
تعلم الناس الحَيْطَةَ والحذرَ وأخْذَ كلِّ الاحتياطات لنجاح الهدف بثبات اليقين على الدين ، ومن يتخلى عن مواجهة مكر أعداء الدين ،ويفتتنُ بهم فهذا يوقعه في البلاء وهلاك الفتنة لتهاونه في المجاهدة والهجرة
وقد قرأنا وعلمنا من أفعال قريش ومكرهم بالمهاجرين ومنه ما حدث مع عياش بن أبي ربيعة وقصته :
كما يرويها ابن إسحاق بسند صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي اتَّعَدتُ ( أي تواعدت ) لما أردنا الهجرة إلى المدينة ، أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل السهمي التناضب ( أي :وصول الماء ) من أضاة بني غِفَار ( يعني غدير أو مستنقع قبيلة بني غفار ) ... وقلنا : أيُّنا لم يصبحْ عندها فقد حُبِسَ أي مُنِع ، فليمض صاحباه ، قال فأصبحت أنا وعياش عند التناضب ، وحبس عنا هشام ؛ وفُتِنَ فاتتن ( أي استجاب للكفر بعد الإسلام ) ، فلما نزلنا المدينة في بني عمرو بن عوف بِقِباء ، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما وقالا له : إن أمَّكَ قد نذرتْ ألا يمسَّ رأسُها مُشطٌ حتى تراك ، ولا تستظلَّ من شمسٍ حتى تراك ؛ فَرَقَّ لها ، فقلت له : يا عياش إنه والله إن يريدك القومُ إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم ؛فوالله لو قد أذى أمَّك القُمَّلُ لامتشطت ، ولو قد اشتد عليها حرُّ مكةَ لاستظلتْ
قال ، فقال : أَبَرُّ قَسَمَ أمي ، ولي هنالك مالٌ فآخذه ، قال فقلت : والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا ، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما . قال فأبى عليَّ إلا أن يخرج معهما ، قال عمر : فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها ، فإن رَابَكَ من القوم ريبٌ فانجُ عليها( أي داخلك ريبة أو شك )، فخرج عليها معهما ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل : يا ابن أخي ، والله لقد استغلظتُ بعيري هذا ، أفلا تُعْقِبْني على ناقتك هذه ؟ قال : بلى . فأناخ وأناخا ليتحول عليها ، فلما استووا بالأرض عَدَوَا عليه فأوثقاه وربطاه ، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن .
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، أنزل الله تعالى فيمن عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم :
(
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىظ° أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ غڑ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا غڑ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَىظ° رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) سورة الزمر

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتبتها بيدي في صحيفة ، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي ، قال هشام فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى ،وأصعد بها فيه وأُصَوِّب ولا أفهمها حتى قلت : اللهم فَهِّمْنِيها ، قال فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما نزلت فينا ، قال فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة ، وقد كان في صلاته يدعو لهؤلاء المستضعفين والمفتونين ، أن ينجيهم الله وأن يَشْدُدَ على من فتنهم وضيق عليهم؛
فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول :( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ) يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي اللهم أَنْجِ الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مُضَر واجعلها عليهم سنين كسِنِيّ يوسُف )
==============
فلتكن في سير هؤلاء في الهجرة عبرة لمن أراد أن يعتبر .