ضرورة النقد الذاتي:
للحركات الإسلامية:
تأليف :خالص جلبي
عرض وتحليل: د.أحمد محمد كنعان.
طرح الفكر الإسلامي المعاصر نفسه في صورة فكر وحركة, وضع أمامه هدف تغيير المجتمع وتولي قيادته, ومع كل الإخلاص الذي اندفع به العمل الإسلامي , فقد عجز عن الوصول إلى هدفه, مما يستدعي إعادة الدور الفعال للنقد
الذاتي في حياتنا الفكرية : باعتباره مفهوما إسلاميا أصيلا.
يقع الكتاب في 312 صفحة من الحجم المتوسط , وقد قسمه المؤلف إلى مقدمة وثلاثة فصول , فتناول في المقدمة مجموعة من الأفكار التي تعتبر العمود الفقري للكتاب, أما الفصل الأول فقد خصصه للحديث عن مبررات النقد الذاتي , وتحدث في الفصل الثاني عن وجع الممارسة
لمبدا او فكرة ما, من خلال مفهوم النقد الذاتي, ثم تحدث في الفصل الثالث عن التطبيقات.
***
لماذا النقد الذاتي:
ركز المؤلف في الفصل الأول على أهمية النقد الذاتي:لأنه وحدة أساسية من وحدات العمل المتكامل وهي (التصور, الممارسة, النقد الذاتي),ولأنه يعيد ربط النتيجة بالسبب,فالكون كله يخضع لسنن الله في الخلق,وهذه السنن لاتتبدل ولاتتحول.
وأشار المؤلف إلى ان أبحاث البشر قد تطورت كثيرا في القطاع المادي والبيولودي,أما الأبحاث التي تناولت سنة التاريخفما زالت ضحلةمهتزة وغير واضحة ,إلى جانب أن الآراء فيها متناقضة ,فقد اتجهت جهود المؤرخين ,نححو تسجيل الحوادث فحسب.وتكدست حوادث بحاجة لتحليل,ولغياب اداةر التحليل (وهي فهم التكوين الداخلي للتاريخ..أو سننه) فقد تعذر فهم التاريخ فهما صحيحا.كما ان الذين دونوا
التاريخ أعطوا الجانب السياسي وتاريخ الملوك والحروب جل اهتمامهم ,وأغفلوا الجوانب الجتماعية وحركة العقل الإنساني عبر العصور, اما في العقود القليلة الماضية ,فقد بدأ ينمو اتجاه لفهم قانون التاريخ ودورات الحضارة,وهذا مالاحظه المؤلف وخاصة في الغرب.
تحدث المؤلف عن علاقة السنة بتطور العقل,والنصر من خلال سنة الله في الخلق.
جدلية الزوجية:
النقد الذاتي يخصب جو الحركة ضمن جدلية الزوجية باعتبار ان الزوجية هي قاعدة الوجود التي ينطلق منها النمو والتكاثر ,فتزاوج فكرتين بشروط الزوجية يخصب العلاقة بذرية جديدة صحيحة البنية من الأفكار , بشرط أن تصدر هذه الأفكار عن شخصين عاقلين.
والله خلق الناس مختلفين , لأن في الاختلاف تفاعلا وصحة وخصوبة وكشفا لصورة الحق.
هي زوجية الفكر,
في النقد الذاتي هناك العامل الداخلي: ولقد ركز المسلمون انتباههم حتى الآن على خصومهم, وحذفوا أنفسهم من المشكلة, أي ان العامل الخارجي هو المتهم حتى الآن مع العلم بأن العامل الداخلي هو الأصل في ولادة الأحداث.
إن المؤلف يرد ظاهرة الاستعمار , فيرجعها إلى العامل الداخلي الذي يستعير وصفه من المفكر الإسلامي"مالك بن نبي"دعاة القابلية للاستعمار يستعمر الشعوب بسبب ضعفها الداخلي,ويرد المؤلف الضعف لظاهرة الاستضعاف والاستكبار:
إن الاستضعاف هو الذي يولد على الطرف الآخر الاستكبار.
في النقد الذاتي تدريب على توجيه العقل وقيادته لتكوين الأحكام الصحيحة, ويرجع المؤلف ضعف روح النقد في صفوف الاسلاميين:إلىالضعف في تركيب عقليتهم, لاعتمادهم الروح النقلية وعدم اهتمامهم بالروح النقدية ويعد ابن خلدون اول من اعتمد الروح النقدية.ونبه ان النقل وحده لايكفي.
***
في الفصل الثاني:يبين المؤلف أن ثمة علاقة جدلية مابين لماذا وكيف او بين مبرر العمل وممارسة هذا العملفالمبرر يدفع إلى الممارسة والممارسة تؤدي إلى إنضاج وتعديل الحركة.ووضع قوالب تدفع بعملية الفكر إلى الأمام.
التغيير تعني تبديل القناعات.
وأشار للعلاقة بين السنة والاية والتفسير على هوى النفس ,لذا توجب تجنب الهوى أو سوء الفهم.
وهذا ماادى الى فهم جامد,وحتى لو كان متن الحديث صحيح فإنه يمسخ استعماله.

من جهة أخرى وضع المسلمين مثلا أعلى عجزوا عن الوصول له فاصيبوا بالاحباط.
وعبر التنظيمات السرية حتى لو ظهر منها الدعوة فقط, ينبغي الانتشار بشكل واسع بتصعيد الفعالية ويتطلب الخروج من هذا المأزق السير بالعمل الاسلامي وفق فكرة الكتلة الحرجة, اي تشكيل كمية كافية من الناس والمؤسسات والراي العام وتمليح المجتمع بالافكار الى قدر معين.بحيث يتحول المجتمع سليما الى الصيغة الجديدة التي نبتغيها ,وهذا الشكل من التنظيم الهلامي سوف يجعل القضاء عليه مستحيلا.
إن الفارق بين الوظيفة الاجتماعية والفردية في الاسلام من خلال استخدام العنف غن الجهاد المسلح وظيفه اجتماعي من مسؤولية الدولة,فلايصح ان تتحول الدعوة لتصبح دولة تقوم بالجهاد المسلح, واستحلاله واراقة الدماء. المشكلة تكمن في كيفية تنفيذ هذا الاخلاص اي في الفنية والصواب لتحقيق الهدف.
العدد 330 مايو 1986 من مجلة العربي
ص 188-191