الإشارات الربانية: د. ريمه الخاني
أغلبنا يصادف في حياته إشارات ربانية، يعتقد بعضنا أنها كرامات، أو من وراء عبادته ،فيراها رؤيا، أو مصادفات في حياته، أو مواقف يترجمها لأمور كان يبحث عن إجابة لها يوما ما...لذا فهناك من يؤمن بها إيمانا كبيرا ، ويجد لها اسماء مختلفة، ونبقى ندور في فلك هذا المفهوم استفهاما.
تقول الدكتورة هادية إدريس: أتفاءل بأمور تتصادف جميعها في يوم معين أنتظر فيه نتائج امتحاناتي أو أمر مصيري مشابه.
وتقول الدكتورة أديبة هيكل: عندما يواجهني سؤال هام ومسألة هامة في العمل، أجد إشارة للرد من خلال حوار جانبي أو أمر موح آخر.. يدفعني ويرشدني لما أريد فعله.
وتقول الأستاذة نجود زنون: أواجه مع الأطفال وفي سن يبدأ بالمراهقة، صعوبة الدخول إلى عقولهم لإفهامهم فكرة ما، فأستوحي من طالبة ، وقد حكت حكاية موحية، قالتها بسعادة أو أمر مشابه، فأجده أقرب السبل لتبسيط وتوضيح الأمور وحتى الإقناع.
هنا سيكون موضوعنا هذه المرة عن تلك الإشارات الموحية، ندور حولها ونحاول أن نجد لها تفسيرا بقدر الإمكان.
1-يقول الأستاذ: أسيد الحوتري حول موضوع: سعادتك وفهم الإشارات الربانية
كثيرة هي الإشارات التي يرسلها الله عز وجل لنا في حياتنا لكي يقوّم اعوجاجنا ولكي يهدينا إلى سواء السبيل. فالرجل السعيد من انتبه لهذه الإشارات وأحسن التعامل معها وأحسن استغلالها. إن هذه الإشارات قد يطلق عليها البعض اسم الصدفة أو المصادفة، ولكن الله عز وجل خلق كل شيء بقدر، فلا مصادفة ولا صدفة بل هي إرادته سبحانه وتعالى. فها هو الفضيل بن عياض الذي قال فيه خادمه لإبراهيم بن الأشعث: ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله عنده، أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن وفاضت عيناه فبكى حتى يرحمه من بحضرته. هذا هو الفضيل بعد أن استجاب للإشارة الربانية وقد كان في السابق عاشقا وقاطع طريق!
فهل حان الأوان ان نخشع لذكر الله؟
وهل حان الأوان ان نتبه للإشارات الربانية؟[1]
***********
كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس! و كان قد عشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها، إذ سمع تاليا يتلو: ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما أنزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون (الحديد: 16). فلما سمع الآية قال: بلى قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة (جماعة من المارة) فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم: حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا! فقال فضيل : ففكرت وقلت: أنا أسعى في الليل بالمعاصي، وقوم من المسلمون يخافونني ها هنا! وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام، وانتقل إلى مكة فنزلها وجاور فيها إلى أن مات بها.
[تهذيب التهذيب/ابن حجر العسقلاني]
2- يقول الأستاذ جمال شقدار حول موضوع الإشارات الربانية التي ترشد عن مكامن الخطأ والصواب:
إن من لطائف قصة سيدنا موسى عند توجهه لسيدنا الخضر عليهما السلام أنه سار مسافات طويلة في المسار الصحيح باتجاه "مجمع البحرين" دون تعب ولا نصب ، ولم يصبهما التعب إلا بعد أن جاوزا المكان المحدد وأصبحا يسيران في الاتجاه الخاطئ ..!!
فكان الشعور بالتعب والنصب في "المسيرة" علامة تنبيه لسيدنا موسى عليه السلام كما تقول التفاسير فتوقف للاستراحة والمراجعة وطلب تجهيز الغداء من "فتاه" الذي تذكر ما أنساه الشيطان أن يذكره للنبي موسى عن علامة وصولهما للمكان الصحيح وهي عودة "الحوت" للحياة وتسربه لمياه البحر ..!!
(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا * فَلَمَّا "جَاوَزَا" قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا "نَصَبًا" ))
هذه "الفائدة" القرآنية نتعلم منها أن :
(( كل مسار في حياتنا سواء كان دنيوي أو ديني سيكون "ميسر" لنا طالما أنه في الاتجاه الصحيح ، وعندما ننحرف عن المسار الصحيح أو نتجاوزه ستأتينا "إشارة" ربانية نشعر فيها بالتعب أو اﻹحباط أو التخبط "المستمر" )).[2]
إن موضوع الإشارات الربانية، موضوع حساس جدا، موضوع إشاري بامتياز، وربما لهذا علاقة ما بفراسة المؤمن، من قريب، وربما له علاقة بصلاة الاستخارة بطريقة ما، وربما و ربما.
اقتبسنا فقرة قد تفسر حيرتنا حوله:
لا نعلم أصلا شرعيا لمثل هذا الكلام، إلا أن بعض العلماء أدخل ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك. وأن الله يحفظ العبد بأشياء منها مثل هذه التنبيهات، وباب الاعتبار والاتعاظ باب واسع، فالعبد المؤمن له في كل شيء عبرة وعظة، كما قال سبحانه: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ {الحجر:75}.
قال السعدي: أي: المتأملين، المتفكرين، الذين لهم فكر، وروية، وفراسة، يفهمون بها ما أريد بذلك. اهـ.[3]
نسأل الله لنا ولكم السداد والتوفيق والسير على ما يرضي الله تعالى، وللموضوع بقية..
ريمه الخاني 14-9-2014




[1] المصدر:
happichino مشروب السعادة: سعادتك وفهم الإشارات الربانية


[2] المصدر :
(( ط¥ط´ط§ط±ط§طھ "ط±ط¨ط§ظ†ظٹط©" طھظ†ط¨ظ‡ظ†ط§ ط¹ظ„ظ‰ "ط§ظ„ط®ط·ط£" ظˆ "ط§ظ„طµظˆط§ط¨" ظپظٹ ظ…ط³ط§ط±ط§طھظ†ط§ !! )) - TwitMail


[3] المصدر:
ط§ظ„ظ…ط´ط§ظ‡ظٹط± | ط¥ط´ط§ط±ط§طھ ط±ط¨ط§ظ†ظٹط© ظ„ط*ظپط¸ ط§ظ„ط¹ط¨ط¯