كافور الفلسطينيد. فايز أبو شمالة
بعض الفلسطينيين يحلم بزوال دولة الكيان الصهيوني من الوجود؛ رغم قوتها العسكرية، وقنابلها النووية، وتأثيرها الاقتصادي، ونفوذها السياسي، وسطوتها في الساحة الدولية، هذا البعض الفلسطيني يرفض الاعتراف بوجود دولة الكيان، رغم أنه جائع، وفقير، وممزق، وفي حصار، فهو يحاول جاهداً أن يوفر ما يقدر عليه من وسائل القتال، والمقاومة.بينما بعض الفلسطينيين يحلم بالمصالحة التاريخية مع إسرائيل، ويتفاوض معها من أجل اعترافها فيه، وأمنية هذا البعض الفلسطيني أن يقيم له دولة ولو على خمس تراب فلسطين، ضمن الشروط الإسرائيلية، وهو منشغل في توفير رواتب الموظفين آخر الشهر!.
حال الفلسطينيين كحال كافور الإخشيدي وصاحبه، وكلاهما كان معروضاً للبيع في سوق النخاسة، ولا يملك من أمره شيئاً، وقد أدركا أنهما سيفترقان عما قريب.
سأل كافور الإخشيدي زميله في القيد، قائلاً: ماذا تتمنى وأنت معروض للبيع في هذا السوق؟ فقال الجائع: أتمنى أن يشتريني طباخ، كي أشبع اللحم، وأزهد في المرق!.
فماذا تتمنى أنت يا صديقي، وبماذا تفكر أنت يا كافور، وأنت معروض للبيع؟
قال كافور: إنني أفكر كيف أمتلك أمر هذه البلاد!.
بعد سنوات تحقق حلم الاثنين، الأول شبع اللحم بعد أن اشتراه طباخ، أما كافور الإخشيدي فقد امتلك أمر مصر، وصار حاكماً عليها لمدة ثلاثة وعشرين عاماً ساد فيها الاستقرار، رغم ما افتراه المتنبي على كافور، ورغم ما قال فيه في ذلك العصر، عندما كان المتنبي أهم وسيلة إعلام، وأهم موقع إلكتروني ينشر الأخبار، حين قال:
لا تشتري العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيدُ.
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن يسيء لي فيه عبدٌ، وهو محمودُ
من علم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض، أما آباؤه الصيدُ؟
رغم هذا التشهير والتجريح الذي تعرض له كافور، إلا أن كتب التاريخ تقول لنا: لقد حقق كافور حلمه، ونشر العدل بين الناس، وحقق التطور والرخاء والازدهار.
نشرت هذا المقال سنة