البصمة الوراثية وعلاقتها بالأنساب

المؤرخ والمحقق حسون حسن الشيخ علي
أيّها الأخوة الأفاضل مع قوة الإنفجار المعرفي والتقدم الصّناعي الذي أصبح الإنسان به مخدوما وفي الوقت ذاته قلقا مضطربا نحتاج إلى تَأَمل قَوله تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيعَلَّمَ الإِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ) العلق5
وقوله تعالى: (وَأَنْزَلَاللهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُوَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) النساء113
يحاول هذاالإنسان إختراق هذا المجهول عن طريق التجربة الحسية والحفريات والتوثيق والتأمُّل والتحليل والإستقراء والإحصاء وأحيانا عن طريق الحدس والتوهم ونحن كإنسانيين أولا وكمسلمين نستفيد مما صلح من ذلك كله إضافة إلى وسيلة لا ينتفع بها غيرنا ألا وهي العلم بالغيب الذي يخبر به الشرع فإذا كان الأمر كذلك فإن المسلم لا يحجر على العلم الإنساني ولكنه في ذات الوقت لا ينساق خلفه إنسياقا أعمى بل يضعه في موضعه الصحيح وهو أن نسبته مهما بلغت إلى علم الله قليلة بقوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)الإسراء: 85
وقوله( ولا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ) البقرة 255
(وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَن) البقرة: 216
وقوله
جل ثناؤه: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ*أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ *بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْنُسَوِّيَ بَنَانَهُ) القيامة 1-4
قال إبن منظور في لسان العرب:البنان أطراف الأصابع من اليدين والرجلين. البنانة: الإصبع كلها وتقال للعقدة من الإصبع. في عام1823م إكتشف عالم التشريح التشيكي بركنجي (Purkinje) حقيقة البصمات ووجد أن الخطوط الدقيقة الموجودة في رؤوس الأصابع (البنان) تختلف من شخص لآخر ووجد ثلاثة أنواع من هذه الخطوط أقواس أو دوائر أو عقد أو على شكل رابع يدعى المركبات لتركيبها من أشكال متعددة. وفي عام 1858م أشار العالم الإنكليزي وليم هرشل (William Herschel ) إلى اختلاف البصمات باختلاف أصحابها مما جعلها دليلا مميزا لكل شخص. وفي عام 1877م إخترع الدكتور هنري فولدز(Henry Faulds) طريقة وضع البصمة على الورق باستخدام حبر المطابع. وفي عام 1892م أثبت الدكتور فرانسيس غالتون (Francis Galton) أن صورة البصمة لأي إصبع تعيش مع صاحبها طوال حياته فلا تتغير رغم كل الطوارىء التي قد تصيبه وقد وجدالعلماء أن إحدى المومياء المصرية المحنّطة إحتفظت ببصماتها واضحة جلية.وأثبت جالتون أنه لا يوجد شخصان في العالم كله لهما نفس التعرجات الدقيقة وقد أكد أن هذه التعرّجات تظهر على أصابع الجنين وهو في بطن أمه عندما يكون عمره بين 100 و120يوماً. وفي عام 1893م أسس مفوّض اسكتلند يارد إدوارد هنري (Edward Henry) نظاما سهلال تصنيف وتجميع البصمات لقد إعتبر أن بصمة أي إصبع يمكن تصنيفها إلى واحدة من ثمانية أنواع رئيسية واعتبر أن أصابع اليدين العشرة هي وحدة كاملة في تصنيف هوية الشخص. وأدخلت في نفس العام البصمات كدليل قوي في دوائر الشرطة في اسكتلند يارد.كما جاء في الموسوعة البريطانية. ثم أخذ العلماء منذ اكتشاف البصمات بإجراء دراسات على أعداد كبيرة من الناس من مختلف الأجناس فلم يعثر على مجموعتين متطابقتين أبداً.
فالكلام في مناهج بحث الأنساب يعتريه الكثير من الطموحات لما في كتابات الأنساب من افتراضات ومسلمات لم تثبت بأيّ وسيلة منوسائل الثبوت العلمية.وليس المقصود بهذه المحاضرة الوصول إلى إجابات محددة بقدر ما هو تسليط الضوء علىمدى احتياجنا لمنهج علمي وعرض بعض وسائله.إنّ تتبع تاريخ الشعوب يدل على أنّ هناك حلقات تاريخية حاسمة تتكرر في كثير من البلاد يتم فيها طمس بعض المعالم التاريخية للشعب أو القبيلة لعدة أسباب أكثرها يتعلق بمظاهر القوة والعزوة. والناس في الغالب ترغب في الانتساب إلى الأقوى. ومن لم يستطع ذلك فالأرجح أن ينتسب إلى طرف آخر يمكن أن يشكل تحديًا للأقوى. والباقون يحكم عليهم بالفناء والإبادة أو طمس تاريخهم. فبعد سيطرة قريش على مقاليد الأمور وخاصة بعد المكانة التي اكتسبتها بعدالبعثة النبوية الشريفة ظهرت القطبية التي ترفع من شأن الآخرين وهم اليمن وتم اختصار أنساب العرب إلى قحطان وعدنان وقضاعة التي تحيرت بين الاثنين. هناك بعض الاتجاهات الحديثة في الأنساب بدأت تأخذ مساحة كبيرة في الغرب. ولنتطرق إلى بعضها في عجالة. إنّ أهم هذه الاتجاهات في تقديري هو إستخدام البصمة الوراثية أو البصمة الجينية في إثبات النسب. بدأ هذا الاتجاه بعد إكتشاف العالم البريطاني جيفريز بعض طلاسم الجينات التي تنقل المقومات الوراثية من جيل لآخر وهي ما يُسمّى بالحمض النووي الريبوزي المختزل dna مشروع علمي خطير ومفيد في نفس الوقت لتحديد وتوضيح أنساب القبائل وعلاقتها ببعضها البعض وماهي العناصر الغير عربية التي دخلت في النسب العربي مثل الأحباش والأعاجم وغيرهم. ويتوقع أن يأخذ موضوع البصمة الوراثية زخما كبيرا في المستقبل القريب وأن يكون له أبعاد قانونية وحضارية وتاريخية كبيرة. وليس من المستحب أن نكون بعيدين عن هذا الموضوع ونظل نتمسك بنظريات قديمة دون الإستفادة من التقنيات الحديثة في الإستدلال عليها أو معرفة حقائق أخرى لم تكن معروفة.
تتوالى النتائج حول الحمض النووي لقبائل الأزد فالسلالة المهيمنة على الأزد هي السلالة E1b1b1c التحور M123 فقد أخذت عدة عينات م نقبائل الأزد ووجدت أنها تحت السلالة j1e وهي المكون الرئيسي لقبيلة الأزد وهي كما قلنا السلالة الإسماعيلية الإبراهيمية أو السلالة العربية. ومنها العينة رقم133 و154 و202و203 و330 و331 وهي لأشخاص من قبيلة غامد من الأزد. والعينة رقم 146 و164و 199 وهي لأشخاص من قبيلة الشحوح من زهران من الأزد. والعينة رقم 149 وهي لشخص من قبيلة بلقرن من الأزد. والعينة رقم192 وهي لشخص من قبيلة بني شهر من الأزد. والعينة 258رقم وهي لشخص من قبيلة زهران من الأزد. والعينة رقم297 وهي لشخص من قبيلة الدواسر من الأزد وقد أجري فحص خمسة أفراد من الأنصار ينتمون إلى هذه السلالة.واليوم ومن خلال النتائج الجديده التي طرأت مؤخرا عن مشروع اليمن في موقع الحمض النووي للعالم العربي خرجت نتائج جديده وآراء حديثة فقد كان الإعتقاد السائد فيما مضى أن السلالة السائدة في اليمن هي J1e التحورL147 وتصل نسبتها إلى 75 % ولكن الآن تراجعت هذه النسبه إلى60 % والبعض قال 50% ومن المعلومات الملفتة للنظر أن هناك من الأزد في تهامه ظهرت نتيجته تحت خط السلاله الهندو أوربيه R1b وJ2 وعلى ما يبدو أن هذاالتنوع السلالي في نتائج مشروع اليمن قد أشار إليه إبن خلدون حينما قال في الفصل التاسع في القفر من العرب: وأما العرب الذين كانوا بالتلول وفي معادن الخصب للمراعي والعيش من حمير وكهلان مثل لخم وجذام وغسان وطيء وقضاعة وإياد فاختلطت أنسابهم وتداخلت شعوبهم‏.‏ففي كل واحد من بيوتهم من الخلاف عند الناس وما تعرف‏.‏وإنما جاءهم ذلك من قبل العجم ومخالطتهم‏.والعجيب في الأمر أنه تم فحص العينة رقم 492 لأحد الأخوة من قبيلة بني عمرالعلي حتى تعرف سلالته فكانت النتيجة هي على السلالةT وهي سلالة نشأت في ايران وانتشرت في كل من مصر وشرق إفريقيا. وللبحث بقية