مد حبش: خاص كلنا شركاء
خبراء العالم ... يؤسسون لفهم مشترك بين القرآن وحقوق الإنسان
...........................
في سياق الصعود الرهيب لداعش والحركات المتشددة التي لا تؤمن بمنطق الحوار مع الآخر ولا ترى في العالم إلا جاهلية وثنية يجب تدميرها وتحطيمها لإقامة شرع الله……
وفي ظل الإعدامات الرهيبة التي تمت يوم أمس في الموصل وكرست القطيعة التامة بين الشريعة وحقوق الإنسان.
وفي ظل الحملات المتزايدة التي نتابعها كل يوم لكتاب عرب ومسلمين باتوا يهاجمون قيم الإسلام ويتهمونه بهدر حقوق الإنسان وكرامته.
أقدم للقراء الكرام هذه الدراسة الدقيقة التي أنجزتها مع السيد هانس كوريل الفقيه السويدي في القانون الدولي على هامش مؤتمر ليوبولد سكرون في سالزبورع حول القرآن والقانون الدولي، وهو أهم معهد للبحوث القانونية والحقوقية في النمسا.
هانس كوريل فقيه سويدي في القانون الدولي وهو واحد من ألمع خبراء القانون الدولي في العالم، وقد عمل عشر سنوات من 1994-2004 مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة ومستشاراً للهيئة الدولية لشؤون القانون الدولي.
يتبنى الرجل رؤية فريدة في إطار التكامل بين حقوق الإنسان ونصوص القرآن، وهو موقف على غاية من الأهمية ، خاصة حين يصدر عمن يمكن تعريفه بأنه واحد من أكبر العقول الحقوقية في العالم اليوم.
إنه لأمر مؤسف اننا خلال عقود طويلة مارسنا هنا في الشرق رجم الديقراطية الغربية بالحجارة، واتهمنا إنجازات الغرب في إطار حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات على أنها ديمقراطيات زائفة، وتم تخوينها عبر كتاب إسلاميين بأنها جاهلية القرن العشرين، أو أنها استكبار عن العبودية لله وحاكمية الشريعة وانكفاء إلى استفتاء الناس بدل استفتاء الوحي المعصوم.
ومع أن أكبر سبب لهذه القطيعة بين الإسلاميين والديمقراطية مرده إلى الاستبداد الذي مارسته الأنظمة العربية التي تدعي العلمانية والديمقراطية حيث بدا للناس أن ممارسات الأنظمة العربية الاستبدادية هي صورة عن الديمقراطية المزعومة، وأن الديمقراطية الغربية هي تطور في الدرجة لا في النوع، وأنها تحقق لمواطنيها العدالة عبر ظلم الشعوب الأخرى، وأنها المآل قائمة على المظالم والاستغلال.
وحتى إعلان حقوق الإنسان الذي يسجل أروع ما حققه الإنسان في نضاله من أجل الحرية والكرامة تمت مهاجمتها بضراوة عبر جحافل الواعظين على أساس أنها انحراف عن حاكمية الله.
فقد جرت بالفعل مهاجمة إعلان حقوق الإنسان من منطلق إسلامي لعقود طويلة واعتبرت شرعنة للخطايا والإثم والفحشاء تحت ستار الحرية، فيما انصرف عدد من الكتاب والفقهاء إلى الدعوة إلى أسلمة هذا الإعلان أو تقديم إعلان بديل بعنوان إعلان حقوق الإنسان الإسلامي.
وفي المقابل كان هناك شرفاء احرار يعملون بروح أخرى تعتمد العقل والعلم والواقعية الحضارية، ويؤسسون لمشترك إنساني يعلي من شأن الإنسان في حريته وكرامته، ويعزز الاحترام المتبادل للوحي الإلهي والكفاح الإنساني ويؤكد الأفق المشترك الذي يلتقي فيه الوحي مع الكفاح الإنساني النبيل.
ولذلك فإنه من الطبيعي أن تتقارب شرائع السماء مع ما تم إقراره في المحافل الإنسانية الدولية من أحكام وقوانين تهدف لتحقيق كرامة الإنسان وحمايته من الظلم والاستبداد والدكتاتورية والدعوة إلى تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم.
وأشير هنا إلى جهد هام كنا قد أنجزناه خلال مؤتمر خاص تم تنظيمه في معهد ليوبولد سكرون في سالزبورغ بالنمسا تم عقده تحت عنوان الإسلام والقانون الدولي، وقد قمنا بإجراء مقارنة دقيقة بين ما ورد في القرآن الكريم وما ورد في شرعة الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان، وقد صدر عن تلك الندوة مجموعة توصيات تؤكد على هذه الحقيقة.
ولتوضيح هذا التقارب بين ما ورد في القرآن الكريم وبين ما ورد في إعلان حقوق الإنسان فقد قمنا بإعداد الجدول المرفق حيث تمكن المقارنة بين النص الإسلامي من قرآن أو سنة، وبين النص الذي ورد في إعلان حقوق الإنسان.
وغني عن القول أننا لا نزعم التطابق بين ما ورد في الشرعة الدولية وبين ما جاء في القرآن الكريم، فالقرآن كتاب موعظة وهداية وليس نصاً سياسياً، والقرآن خطاب بلاغي والميثاق نص حقوقي، والقرآن نص ديني والميثاق دستور توافقي، ولكن على الرغم من ذلك كله فإنك ستشعر بالدهشة ولا ريب من التقارب الشديد بين دلالة القرآن الكريم ودلالات النص العالمي لحقوق الإنسان، وهذا يعزز الحقيقة التي نتحدث عنها وهي أن مقاصد الوحي الشريف وما بشر به الأنبياء الكرام لإسعاد الإنسان، يلتقي مع ما توصل إليه الإنسان في كفاحه من أجل الحرية والعدالة والكرامة.
(نرفق الرابط الخاص بكامل الدراسة)
http://all4syria.info/wp-content/upl...%A7%D9%86.docx
هذا باختصار ما أعددته بالتعاون مع البروفسور هانس كوريل في ليوبولد سكرون بسالزبورغ، وأعتقد أنه مقاربة في غاية الأهمية لبيان ما بين القرآن الكريم وإعلان حقوق الإنسان من تكامل ولقاء.
إن هذه المقاربة ليست حكماً نهائياً في التكامل بين الشريعة وإعلان حقوق الإنسان، بل إنها مدخل لطرح هذه القضية الكبيرة التي ينبغي أن نوضحها للأجيال الآتية، وهي أن كفاح الإنسان لا يتعارض مع هداية الأديان، وأن علينا أن نخلص أجيالنا الآتية من عقدة الصراع مع العالم من أجل الدفاع عن قيمنا الإسلامية.
وبعد هذه المقارنة فإن من المنطقي تماماً أن نقول إن شرائع الله تهدف إلى الغايات النبيلة نفسها التي أنجزها الإنسان في كفاحه الطويل من أجل العدالة والكرامة والمساواة.
See Translation
‎محمد حبش: خاص كلنا شركاء
خبراء العالم ... يؤسسون لفهم مشترك بين القرآن وحقوق الإنسان
...........................
في سياق الصعود الرهيب لداعش والحركات المتشددة التي لا تؤمن بمنطق الحوار مع الآخر ولا ترى في العالم إلا جاهلية وثنية يجب تدميرها وتحطيمها لإقامة شرع الله……
وفي ظل الإعدامات الرهيبة التي تمت يوم أمس في الموصل وكرست القطيعة التامة بين الشريعة وحقوق الإنسان.
وفي ظل الحملات المتزايدة التي نتابعها كل يوم لكتاب عرب ومسلمين باتوا يهاجمون قيم الإسلام ويتهمونه بهدر حقوق الإنسان وكرامته.
أقدم للقراء الكرام هذه الدراسة الدقيقة التي أنجزتها مع السيد هانس كوريل الفقيه السويدي في القانون الدولي على هامش مؤتمر ليوبولد سكرون في سالزبورع حول القرآن والقانون الدولي، وهو أهم معهد للبحوث القانونية والحقوقية في النمسا.
هانس كوريل فقيه سويدي في القانون الدولي وهو واحد من ألمع خبراء القانون الدولي في العالم، وقد عمل عشر سنوات من 1994-2004 مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة ومستشاراً للهيئة الدولية لشؤون القانون الدولي.
يتبنى الرجل رؤية فريدة في إطار التكامل بين حقوق الإنسان ونصوص القرآن، وهو موقف على غاية من الأهمية ، خاصة حين يصدر عمن يمكن تعريفه بأنه واحد من أكبر العقول الحقوقية في العالم اليوم.
إنه لأمر مؤسف اننا خلال عقود طويلة مارسنا هنا في الشرق رجم الديقراطية الغربية بالحجارة، واتهمنا إنجازات الغرب في إطار حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات على أنها ديمقراطيات زائفة، وتم تخوينها عبر كتاب إسلاميين بأنها جاهلية القرن العشرين، أو أنها استكبار عن العبودية لله وحاكمية الشريعة وانكفاء إلى استفتاء الناس بدل استفتاء الوحي المعصوم.
ومع أن أكبر سبب لهذه القطيعة بين الإسلاميين والديمقراطية مرده إلى الاستبداد الذي مارسته الأنظمة العربية التي تدعي العلمانية والديمقراطية حيث بدا للناس أن ممارسات الأنظمة العربية الاستبدادية هي صورة عن الديمقراطية المزعومة، وأن الديمقراطية الغربية هي تطور في الدرجة لا في النوع، وأنها تحقق لمواطنيها العدالة عبر ظلم الشعوب الأخرى، وأنها المآل قائمة على المظالم والاستغلال.
وحتى إعلان حقوق الإنسان الذي يسجل أروع ما حققه الإنسان في نضاله من أجل الحرية والكرامة تمت مهاجمتها بضراوة عبر جحافل الواعظين على أساس أنها انحراف عن حاكمية الله.
فقد جرت بالفعل مهاجمة إعلان حقوق الإنسان من منطلق إسلامي لعقود طويلة واعتبرت شرعنة للخطايا والإثم والفحشاء تحت ستار الحرية، فيما انصرف عدد من الكتاب والفقهاء إلى الدعوة إلى أسلمة هذا الإعلان أو تقديم إعلان بديل بعنوان إعلان حقوق الإنسان الإسلامي.
وفي المقابل كان هناك شرفاء احرار يعملون بروح أخرى تعتمد العقل والعلم والواقعية الحضارية، ويؤسسون لمشترك إنساني يعلي من شأن الإنسان في حريته وكرامته، ويعزز الاحترام المتبادل للوحي الإلهي والكفاح الإنساني ويؤكد الأفق المشترك الذي يلتقي فيه الوحي مع الكفاح الإنساني النبيل.
ولذلك فإنه من الطبيعي أن تتقارب شرائع السماء مع ما تم إقراره في المحافل الإنسانية الدولية من أحكام وقوانين تهدف لتحقيق كرامة الإنسان وحمايته من الظلم والاستبداد والدكتاتورية والدعوة إلى تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم.
وأشير هنا إلى جهد هام كنا قد أنجزناه خلال مؤتمر خاص تم تنظيمه في معهد ليوبولد سكرون في سالزبورغ بالنمسا تم عقده تحت عنوان الإسلام والقانون الدولي، وقد قمنا بإجراء مقارنة دقيقة بين ما ورد في القرآن الكريم وما ورد في شرعة الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان، وقد صدر عن تلك الندوة مجموعة توصيات تؤكد على هذه الحقيقة.
ولتوضيح هذا التقارب بين ما ورد في القرآن الكريم وبين ما ورد في إعلان حقوق الإنسان فقد قمنا بإعداد الجدول المرفق حيث تمكن المقارنة بين النص الإسلامي من قرآن أو سنة، وبين النص الذي ورد في إعلان حقوق الإنسان.
وغني عن القول أننا لا نزعم التطابق بين ما ورد في الشرعة الدولية وبين ما جاء في القرآن الكريم، فالقرآن كتاب موعظة وهداية وليس نصاً سياسياً، والقرآن خطاب بلاغي والميثاق نص حقوقي، والقرآن نص ديني والميثاق دستور توافقي، ولكن على الرغم من ذلك كله فإنك ستشعر بالدهشة ولا ريب من التقارب الشديد بين دلالة القرآن الكريم ودلالات النص العالمي لحقوق الإنسان، وهذا يعزز الحقيقة التي نتحدث عنها وهي أن مقاصد الوحي الشريف وما بشر به الأنبياء الكرام لإسعاد الإنسان، يلتقي مع ما توصل إليه الإنسان في كفاحه من أجل الحرية والعدالة والكرامة.
(نرفق الرابط الخاص بكامل الدراسة)
http://all4syria.info/wp-content/upl...%A7%D9%86.docx
هذا باختصار ما أعددته بالتعاون مع البروفسور هانس كوريل في ليوبولد سكرون بسالزبورغ، وأعتقد أنه مقاربة في غاية الأهمية لبيان ما بين القرآن الكريم وإعلان حقوق الإنسان من تكامل ولقاء.
إن هذه المقاربة ليست حكماً نهائياً في التكامل بين الشريعة وإعلان حقوق الإنسان، بل إنها مدخل لطرح هذه القضية الكبيرة التي ينبغي أن نوضحها للأجيال الآتية، وهي أن كفاح الإنسان لا يتعارض مع هداية الأديان، وأن علينا أن نخلص أجيالنا الآتية من عقدة الصراع مع العالم من أجل الدفاع عن قيمنا الإسلامية.
وبعد هذه المقارنة فإن من المنطقي تماماً أن نقول إن شرائع الله تهدف إلى الغايات النبيلة نفسها التي أنجزها الإنسان في كفاحه الطويل من أجل العدالة والكرامة والمساواة.‎
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي