ودعها وقلبه مازال معها ....
خواطر لاتغيب عن مخيلتي ....
كان الأول من رمضان والناس صيام عندما أيقظنا أبي الحبيب وقد جهز لنا السحور لنتقوى على الصيام وأمي الغالية كانت في المشفى ....
غادرنا المنزل إلى المدرسة وهو غادر بعدها إلى عمله ليسعى وراء رزقنا بعد أن يطمئن على الوالدة الحبيبة ....
أيام كانت تبعث القلق في نفوس الجميع فقد كانت أمي تحت المراقبة لمرضها الشديد ...
وما إن جاء المساء وإذ بأخي العزيز يقول نامي أخيتي فلدينا الكثير لنقوم به غدا ....!!
فاستفسرت قائلة ولم ؟!
فأجاب سأيتينا ضيوف لزيارة ماما ..!!
لم أقتنع بكلامه ولكني خلدت للنوم ...
وما إن أشرقت شمس اليوم التالي واسيقظت أمي في المشفى ونادت الممرضة قائلة لها زوجي سيرحل عن الدنيا .
فسألتها وكيف تنبأت بذلك ...؟!
فأجابتها وهي تسرد لها الرؤيا التي شاهدته بها قائلة :رأيته واقف على نهر من ماء امتزج به اللؤلؤ وتجري به مياة شديدة الصفاء ويلوح لي مشيرا للرحيل ....
سألته أنتظر أين ترحل ؟
فأجاب لابد من الرحيل الآن ...
فقلت له خذني معك فأجاب لا ستبقين فترة مع الأولاد ثم ستلحقين بي ....
عندها صمتت الممرضة فقد كانوا على علم بوفاة والدي ذاك اليوم ويمهد الأطباء لأمي كيف سيخبرونها بالأمر بأقل صدمة ممكنة....
ولكنها أخبرتهم قبل أن يخبروها ...
وفعلا لحقت به بعد 11 شهرا ...
تلك هي العشرة الطيبة والمودة والرحمة التي يزرعها الله بين الأسر المؤمنة والتي لم تبن سوى لتعمر أسرا أخرى وأفنت أجسادها لتكبر صغارها حتى يستطيعون مواجهة الصعاب ...
رحمة الله عليك يا أبي ...
هذا رمضان على الأبواب ونفتقد وجودك
بيننا ....
ورحمة الله عليك يا أمي الحبيبة التي تعبت من أجلي وأجل إخوتي لنغدو كما يريدنا هذا الدين ....
أترانا حظينا ببركم ....
أترانا سنكون معكم ....
نسأل الله أن يجمعنا بكم في فردوسه الأعلى فهو على كل شيء قدير...