أيتها الأمّ الموجوعة بنا.!
صباحُكِ كما قطوف اللوز، لم تنم عيناكِ من حرقة الوجع، ولم تصحُ إلا لمواصلة حياة ستبدأ شحيحة قاسية تافهة بعد أن دفنتِ، في موكب عبثيّ، حُلمَ عمرِك..
أنتِ، منذ نبَضت حياة الأنثى في صدرك، كان حلمك الأبهى رفدَ الحياة بأيقونات فرح معلّقة على صدر وليد يخرج من أحشائك، وعندا رأى النور، أصبح المركز في دائرة حياتك..
كبر الحلم، يكبر ببطء، أنت وحدك كنت تدركين أنه يكبر، تتفتّح مداركه، تكبر مقاسات ملابسه، صار يصفف شعره بعناية، يعتني بفتح عروة من قميصه فسحة نور لزغبٍ حريريّ بدأ ينمو على صدره..
أيتها المذبوحة بنصل صدئ، فجأة.. سقط الحلم في وساعة الفراغ.!
لم يعد له مقابض، ولا أصابع، ولا حتى إغفاءة على إيقاع ابتسامة فرح.
تبخّر الحلم، واقتصر الإعلان عن موته بصمت مسجّى على مدِّ عينين مسبلتين، وجسد مقطّع، وفردة حذاء أخذتها الريح مع قطعة من الساق.
أيتها الثكلى كما حمامة ضيّعت فراخها عندما نفضت أيادٍ عبثية عشّها.
لك وحدك نسجد، مع كل صباح يتفتّق على صرخة وجع منكِ..
ستبقى الأرحام تُنجب، وستبقى آلة الموت تطوف، وسيبقى الصباح يشرق بعد كل ليل..
ستفرحين ذات يوم، عندما تحضرين عرس شاب يشبه ابنك، ستعلنين بصمتك الموضوع بنا، أن الحياة لن تقف، والأرحام لن تجفّ، والأمل لا بد أن يتجدد.
دائما، صباح الشهداء أكثر إشراقاً..