نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



علقوني وجهزوني للجلاد . . ! ! وشمر صفوت الروبي عن ساعده ورفع سوطه وأخذ في تنفيذ أمر مولاه شمس ! !
خمسمائة جلدة . . وأنا أستغيث ضارعة : "يا الله ، يا الله " و شمس بدران يقول : "أين هو الله ؟!" الذي تنادينه ، فلينفعك إن كان موجوداً ! . .
ثم أخذ بلسانه يتطاول على جلال الله سبحانه ، مما تأبى ألسنة المؤمنين أن تتفوه والتلفظ به ؟ ولو كان إعادة لما قاله الفاجر الكافر .
وتم الجلد . وأنزلوني من التعليقة وأوقفوني والدم ينزف من قدمي . . وأمرني بدران أن أؤدي حركة "محلك سر" مدعيا أن هذا علاج لقدمي! ! .
وبعد فترة أسندت ظهري إلى الحائط ، ثم جلست من شدة العناء، فجذبني صفوت بغلظة، ولم أستطع الوقوف فهويت على الأرض . .
وهنا جاء حمزة البسيوني وحش السجن الحربي، وقال : إنها تمثل يا باشا! ! . .
وأغمى على، وتنبهت على الطبيب الذي أعطاني حقنة في ذراعي وأمر لي بكوب من عصير الليمون واسقوني إياه . .
قال شمس بدران : هيا ! لن ينفعك العناد . . نفذي ما نريد وإلا علقناك ثانيا. وثالثا . ورابعا . ومائة مرة . .
لا يخطر على بالك أبدا أننا عاجزون عن انتزاع ما نريده منك . . إننا نعطيك الفرصة فقط. مفهوم ؟!! من يمنعنا عن دفنك وأنت حية؟إ!
فقلت : يفعل الله ما يشاء ويختار، وله الحمد حتى يرضى .
فقال في غيظ وضيق : لا تكلميني بهذه اللغة وهذا الأسلوب.
ثم أخرج ورقا وقلما واستأنف حديثه أو نصائحه : خذها يا صفوت إلى المستشفى ودعها تكتب كل ما تعرفه عن الإخوان . .
وجاء صفوت ، ومعه جنديان ليأخذاني إلى مكتب شمس بدران وبنفس الطريقة السابقة قطعت الطريق سيرا على قدمي مع الوقوف على فترات في "محلك سرا بأمر صفوت الروبي! !
ودخلت مكتب شمس بدران فنظر لي في وحشية وقسوة وهو يمزق أوراقا ويلقيها في سلة المهملات ثم قال : يا بنت الـ . . ألم يكفك كل هذا العذاب ؟! ! ماذا كتبت ؟ كلام فارغ . . أجلدها مرة أخرى يا حمزة!
فقال حمزة البسيوني وحسن خليل : سنعيدها للكلاب أحسن يا باشا، فقال شمس بدران في عصبية : أحضر الكلاب هنا يا صفوت ! !
أسرع صفوت وعاد ومساعده نجم بكلبين كالوحشين من مجموعة الكلاب المدربة التي كانت لي معها سابقة في اليوم الأول من أيام "باستيل مصر" . . السجن الحربي . . وقال شمس بدران : أطلق عليها الكلاب يا صفوت ! !
وهجم على الوحشان ، فأغمضت عيني . وأنا أقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، اللهم اكفني السوء بما شئت وكيف شئت .
وظل الكلبان ينهشان جسمي كله بأنيابهما ويشعلان فيه نارا موقدة. . و شمس بدران لا يكف عن سبابه يا بنت الـ. .
ويبدو أن شمس بدران قد شعر بأن لا جدوى من الكلاب فصرخ في صفوت ، وجسمه كله يهتز من الثورة : اصرف الكلاب يا صفوت ، وجهز بنت الـ . . للجلد ! واستدعوا الطبيب ، فحضر ثم فحصني وقال لشمس بدران : إذا سمح الباشا يؤجل جلدها اليوم فحالتها "لا تتحمل " .
. لقد كان العذاب فوق ما أحتمل ، وأغمى على ولم أفق إلا وأنا في المستشفى!
من مذكرات الحاجة / زينب الغـزالي|| كتاب ايام من حياتى .
في سجون عبد الناصر
لا تنسى شاركها بـ "إعجابك" ليراها غيرك ..