الأصدقاء الكرام.....
..........
لقد قرات مقالاتكم الكثيرة فيما يتصل بالجزية وقطع اليد وبقية الحدود....
شعرت بالحرج لأن معظم التعليقات على قسوتها نابعة عن محبة وغيرة... لأشحاص يعتقدون فينا الخير .... ولكنهم لم يتقبلوا أبداً أو صدمهم موقفي من الحدود والجزية.........
والحقيقة أن مواقفي الفقهية التي يرفضها رجال الدين كثيرة وقديمة، ومنها موضوع المصارف وموضوع الحجاب، ومسألة نجاة الموحدين.... وغيرها كثير....
ولمن لا يعلم فقد دفعت ثمن مواقفي... وصدرت بحقي فتاوى تكفير متعددة، وربما تأتي فرصة نتحدث فيها عن تفاصيل في هذا الباب.
وأنا في هذه الصفحة لا أتحدث في أي منبر عام ولا صحيفة وطنية ولا جامعة إسلامية... أنا أتحدث في صفحة شخصية ، وحالي حال الألوف من الكتاب الذين يمتلكون صفحات في العالم الأخضر.
ويشهد الله أن هدفي من إنكار الجزية التي فرضتها داعش وآليات الحدود الشهيرة هو أنني لا أرغب أن يكون هناك تناقض بين العقل والدين، فقد عرفت الله بالعقل، وهو من قال لي آمن بالله، واليوم هو من يقول لي يجب تطوير هذه الوسائل....
قناعتي أن الحدود باقية إلى يوم القيامة، لا يبطلها شيء، بل هناك حاجة لحدود جديدة على المخدرات والتزوير والقرصنة والاغتصاب، يجب أن يجتهد فيها الفقهاء ورجال القانون.
ولكن آليات تنفيذ الحدود يجب أن تتطور، كما تطورت آلة الأذان من صعود المنارات إلى زر الكمبيوتر ، وآلة الخطبة من التبليغ إلى المبكرفونات ، وآلة الدفن من الساريتين إلى التابوت، وآلة السواك إلى المعجون، وآلة النقل من البعير إلى السيارة والطائرة وآلة الجهاد من الخيل إلى الدبابات... وهلم جرا.....
لقد تم تغيير كل هذه الوسائل على الرغم من وجود أجايث كثيرة في الثناء على الآليات المنقرضة... وبالمناسبة لا يزال بعض المشايخ لا يوافقون على تطوير هذه الآليات ... مع أن تطويرها قد صار من باب تحصيل الحاصل....
ولو توفر للرسول الكريم سجن إصلاحي يرد شر السارق ويحقق النكاية فيه ويعصم المجتمع من شره لما قطع يداً... بالمناسبة لست متأكداً أنه قطع أي يد، ولعله هدد بذلك.
إن موقفي هذا ليس نابعاً من ضحالة العلم وقلة الاطلاع، بل هو ناشئ من كثرة الاطلاع وطول النظر في كلام الفقهاء، ولمن يريد أن يعلم اطلاعي فليقرأ ألفية أصول الفقه التي نظمتها منذ ثلاثين عاماً، وفيها أعمق مسائل أصول الفقه شعرا، أو ليقرأ رسالتي في الدكتوراه القراءات المتواترة وأصرها في الحكم الشرعي.. التي كانت محل إعجاب كبار الفقهاء وثنائهم.....
باختصار فأنا لا أريد أن يكون الدين في واد والموقف الحضاري في واد آخر.... ولا أريد أن أكون شريكا في أي صراع بين العقل وبين الدين....
أما دليلي من الكتاب والسنة، فإنني أمتلك أكثر من مائة دليل نصي على احتياري ، ولكن لا أحتاج أكثر من قول النبي الكريم كما في الصحيح: أنتم أعلم بأمور دنياكم،