مدينة نينوى ذات تاريخ عريق يرجع إلى الالف الخامس من قبل الميلاد-ويرجح اناها اقدم لان هي اول مدينة بعد الطوفان، وكونها قرية زراعية فقد سكنها الانسان القديم ثم الاشوريون، واصبحت عاصمة لهم من القرن الحادي عشر والى 611 قبل الميلاد. في هذه السنة سقطت نينوى العظمى بيد الكلدانيين الذين كانوا في أوج قوتهم وعنفوانهم.
كانت نينوى والمناطق التي تحيطها مأهولة بالشعب الآشوري الذي خلف للانسانية حضارة لازال الكتشافات الأثرية تشهد له. وعند بزوغ فجر المسيحية إعتنق
الآشوريين الايمان المسيحي. وكانت نينوى بلاد الرهبان والمدارس اللاهوتية تستقطب العديد من الدارسين والباحثين عن نور المسيح. وهي التي أنجبت القديسين أمثال مار إسحاق النينويومار ميخائيل وغيرهم.
سقطت نينوى تحت الحكم الساساني الذي دام طويلا وأفقرها كثيرا وجردها من عظمة هويتها الاشورية. بعد سقوط نينوى الاشورية انتقل التجمع السكاني إلى الطرف الثاني من نهر دجلة حيث يوفر مكانا اكثر تحصينا لوقوعه على منطقة مرتفعة محاطة بالنهر عرفت ب(عبوريا)ثم الموصل بعد الاحتلال العربي الإسلامي.

وإحتلها من بعد ذلك العرب المسلمون القادمين من شبه الجزيرة العربية في عهد الخليفة
عمر بن الخطاب وكانت حينئذ تحت إحتلال وسيطرة الفرس الساسانيين وغيروا هم الآخرون هويتها بتعريبها وتبديل إسمها من نينوى إلى الموصل.
ولقبها العرب بالموصل لأنها كانت توصل بين الشام وخورستان يعني بلاد فارس التي إحتلها العرب المسلمين من بعد. سماها العرب كذلك بالحدباء لأن فيها منارة للمسجد الكبير وهي منارة منحنية وسميت أيضا بام الربيعين لأن الخالق عز وجل وهبها ربيعين إثنين في السنة فخريفها هو الربيع الثاني والزاهي بعذوبة هواءه.
ومن هنا ننطلق الى الجامع النوري الكبير الذي هوعنوان للموصل الحدباء منارة الحدباء بأفاريزها الغنيه بعبق التأريخ

ذكر منارة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها يبلغ (45،49 متراً) لصق اسمها بل اننا أحيانا نكتفي بلفظ ( الحدباء ) للدلالة على (الموصل ) لأنها من معالمها التراثية وشواهدها التاريخية التي تؤكد عراقتها ويرجع المؤرخون تاريخها الى القرن السادس الهجري 1172م حيث أنشئت بأمر من السلطان (نور الدين محمود عماد الدين زنكي) وبتكلفة قدرتها كتب التاريخ بنحو ستين الف دينار من الذهب وهو تاريخ إنشاء (الجامع النوري) أو ما يعرف اليوم بـ (الجامع الكبير) حيث تقع منارة الحدباء في الجزء الشمالي الغربي منه على قاعدة مكعبة تغطيها الزخارف
ورغم ميل (الحدباء ) الشديد الا انها ظلت متماسكة على مدى قرون تتحدى الزمن وتقلباته , مزهوة بقامتها الممتدة الى الأعالي رغم شيخوختها التي وهبتها انحناء الوقار !!
مناسبة هذا الاستذكار انني قرأت مؤخرا ان عددا من متخصصي الآثار في نينوى يؤكدون أن منارة الحدباء التاريخية تعيش أيامها الأخيرة وأن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد إنهيار أهم معلم اشتهرت به مدينة الموصل وعلى مدى قرون طويلة - - ذلك لأن قاعدتها "تطفو الآن فوق بحيرة من المياه الجوفية وهي تتآكل يوما بعد آخر، وحذروا من أن الشقوق والتصدعات الخطرة التي بدأت تظهر وتتضخم في أجزاء كبيرة منها ستؤدي الى انهيارها حتماً إذا لم تتدخل أيد ماهرة ومتخصصة في إنقاذها."