ثمانية مسلمين في الفضاء.. والبقية تأتي

تامر المغربي

ترجمة - ضحى زهير




صورة مركبة لرواد الفضاء الثمانية المسلمين
تستعد ماليزيا لإضافة اللمسات الأخيرة لبرنامجها الفضائي؛ لتكون أول دولة مسلمة تؤسس برنامجًا للفضاء، وترسل أحد أبنائها كرائد على متن سفينة الفضاء الروسية Soyuz TMA-11 وذلك في أكتوبر 2007، كجزء من صفقة طائرات مقاتلة تم إبرامها بين الدولتين قيمتها مليار دولار.

لم يشهد العصر الحديث سوى القليل من المساهمة المسلمة في مجال الفضاء الذي أصابه احتكار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، حتى تمكنت الصين من كسر هذا الاحتكار وإرسال رواد للفضاء في أكتوبر 2003. ورغم أسبقية ماليزيا في تأسيس برنامج فضائي فإن رائدها الشيخ "مظفر شكر" ليس أول مسلم يجتاز حاجز الفضاء الذي يرتفع 100 كم عن سطح الأرض. فقد سبقه 8 مسلمين.

ففي عام 1985 انضم الأمير السعودي سلطان بن سلمان عبد العزيز آل سعود إلى طاقم مهمة STS-51G على متن مكوك الفضاء الأمريكي Discovery؛ ليكون أول مسلم ينطلق إلى الفضاء، حيث عمل كاختصاصي حمولة على المركبة لإرسال قمر الاتصالات ARABSAT 1-B في المدار، وبذلك أصبح آل سعود ليس فقط أول مسلم وإنما أول فرد من عائلة مالكة يرسل إلى الفضاء.

وفي يوليو 1987 أُرسل الملاح السوري محمد فارس إلى مهمة Soyuz TM-3 الروسية، وكان عقيدًا في القوات الجوية السورية، وأُرسل بصفته باحثًا إلى محطة الفضاء السوفيتية مير.

وفي ديسمبر 1987، أي بعد 5 أشهر، أُرسل موسى مناروف، عقيد أذربيجاني كان يعمل في القوات الجوية السوفيتية، إلى مير كمهندس طيران في مهمة على متن Soyuz TM-4 الروسية. وبعودة أفراد الطاقم في ديسمبر من عام 1988 إلى كوكب الأرض أصبح مناروف ومن معه أول من يقضون عامًا كاملاً في الفضاء.

كما أرسل مناروف مرة ثانية كمهندس طيران في مهمة على متن Soyuz TM-11 في ديسمبر 1990، حيث قضى عامًا و3 أشهر في الفضاء وسار خلال هذه المدة أكثر من 20 ساعة في الفضاء.

خلال مهمة مناروف الأولى في أغسطس عام 1988، أُرسل عبد الأحد محمند الطيار في القوات الجوية الأفغانية كباحث على متن Soyuz TM-6، وقضى 8 أيام في مير يجري التجارب مع أفراد الطاقم. وقد سجل التاريخ اسم محمند لإنقاذه أفراد طاقمه من كارثة فضائية كادت تحدث.

محمند.. بطل فضائي

فبعد أن انتهت مهمة محمند وطاقمه على متن محطة الفضاء مير، اتجهوا عائدين إلى الأرض، وقبل دخولهم المجال الجوي، فشل محرك السفينة في الاندفاع بشكل كاف، وبعد محاولات عدة من قائد السفينة، تقرر الانتظار في مدار حول الأرض حتى تأتي التوجيهات من مركز القيادة في الأرض.

وعلى الرغم من أن محمند لم يكن قائد السفينة، فقد دفعه حدسه كطيار في السلاح الجوي إلى رصد شاشات التحكم بها. فلاحظ محمند أن البرنامج الذي فشل في دفع المحرك بشكل سليم لا يزال يعمل، وقد افترض البرنامج أن مرحلة العودة إلى مجال الأرض سارية، حيث تتخلى السفينة بعدها عن المحرك لتخفيف وزنها وقد افترض قائد السفينة أن البرنامج قد توقف مع توقف المركبة عند دخول الغلاف الجوي. وفي الوقت الذي أمضاه مركز القيادة ليقدر المشكلة، استمر البرنامج في العد التنازلي للتخلص من المحرك، حينها هرع قبيل الانفصال بأقل من دقيقة لينبه القائد الذي أغلق بدوره البرنامج في الحال.

ظل الطاقم يدور حول الأرض ليوم كامل في مساحة السفينة الضيقة ينتظر تقدير مركز القيادة وتوجيهه والذي أبلغ إلى القائد فور صدوره. كان على القائد أن يعيد توجيه برنامج الملاحة حتى يتم دخول الغلاف الجوي والهبوط على الأرض، ولولا حدس محمند لظلت السفينة معلقة دون نظام الدفع ولهلك الطاقم في الفضاء.

تحطيم الأرقام القياسية

مرت 10 أعوام قبل أن ينطلق مسلم آخر إلى الفضاء، حيث انطلق "تختار أوباكيروف" من كازاخستان عام 1991 على متن Soyuz TM-13، متوجهًا إلى مير وأمضى 8 أيام في الفضاء رغم عدم إكماله التدريبات الخاصة برواد الفضاء.

وفي عام 1994 انطلق كزاخستاني آخر وهو تلجات موسابايف على متن Soyuz TM-19 كمهندس طيران، ثم قام بعد ذلك برحلتين في عامي 1998 و2001. اشتهرت الرحلة الأخيرة لكونها أول رحلة فضاء تحمل سائحًا بأجر.

أما عن الرحلة الثانية لموسابايف فكانت على متن Soyuz TM-27، ووصلت إلى محطة الفضاء مير في التاسع والعشرين من يناير عام 1998. حيث صادف نفس التوقيت وجود رائد الفضاء الأوزباكستاني "صالحزان شاكروفيتش شاربوف" على متن المكوك الأمريكي أنديفور Endeavour في المهمة STS-89.

وانطلق شاربوف مرة أخرى عام 2004 في مهمة Expedition10 والتي استمرت حوالي 6 أشهر في الفضاء في محطة الفضاء الدولية. من المفترض أن يشارك شاربوف أيضًا ضمن الطاقم Expedition18 والتي ستنطلق إلى محطة الفضاء الدولية في يوليو عام 2008.

يحتل كل من شاربوف وموسابايف ومناروف المراكز 48 و25 و8 في قائمة أكثر 50 رجلاً من حيث قضاء الوقت الإجمالي في الفضاء بناء على إحصائية تمت في عام 2006.

"أنوشة".. عاشقة الفضاء

لم ينتهِ تحطيم الأرقام القياسية عند رواد الفضاء المهنيين؛ ففي سبتمبر 2006 سجل التاريخ "أنوشة أنصاري" الأمريكية من أصل إيراني كأول امرأة تقوم بعمل سياحة فضائية، وأول من كتب مدونة على الإنترنت من الفضاء، حيث غادرت على متن Soyuz TMA-9 في مهمة Expedition14.

بدأ اهتمام أنوشة أنصاري باستكشاف الفضاء في سن مبكرة، فاستغلت ثروة أسرتها لتأسيس جائزة أنصاري إكس برايز Ansari X PRIZE والتي شجعت على الاهتمام الدولي برحلات الفضاء الخاصة التجارية.

قدرة الجائزة بـ10 ملايين دولار أمريكي، خصصت لأول فريق غير حكومي يرسل 3 أفراد على متن سفينة فضاء تنطلق ذهابًا وإيابًا مرتين خلال أسبوعين. اشترك في هذا السباق 26 فريقًا من 7 دول وفقًا لموقع أنصاري إكس برايز، وفاز بالجائزة فريق موهافي أيروسبيس فنتشرز الأمريكي في 24 أكتوبر 2004، حيث صنع الطائرة الصاروخية "Space Ship One".

واشترى حقوق تصنيع السفينة رجل الأعمال الثري البريطاني سير ريتشارد برونسن؛ ليحقق حلمه في إنشاء شركة فيرجن جالاكتك، ويخطط لإطلاق أول رحلات فضاء تجارية خلال العامين المقبلين.

أما أنوشة أنصاري فتعمل على إنشاء مشروعها الخاص بالاشتراك مع وكالة الفضاء الروسية الفيدرالية وشركة سبيس أدفنتشرز لإنشاء سفن فضاء للمسافرين؛ وهو ما دفع العديد من المستثمرين إلى التفكير في إنشاء مواني فضاء تجارية حول العالم، بما في ذلك ميناء برأس الخيمة في الإمارات العربية المتحدة.

رسالة سلام

ورغم أن المسلم الأول انطلق إلى الفضاء عام 1985، فإن شيئًا من الإسلام سبقه إلى هناك. فقد انطلقت مهمة أبولو 15 إلى القمر في يونيو عام 1971، وسط الكثير من القلق على طاقمها، حيث حملت على متنها معدات جديدة منها سيارة مخصصة للسير على سطح القمر.

ويقول د. فاروق الباز رئيس فريق تدريب رواد فضاء أبولو 15 لـ"إسلام أون لاين.نت": "تحدث رجال الفضاء إلينا، وقلت لهم إنني أريد إعطاءهم صفحة من القرآن، وهي صفحة سورة الفاتحة، أول سورة في القرآن؛ لتكون حماية لهم في مهمتهم.. قال لي قائد المهمة: بالطبع! نحن في حاجة لكل مساعدة!.. فأعطيته الصفحة وكانت مكتوبة بالعربية ومترجمة للإنجليزية، وكتبت في الورقة ذاتها دعاء لحماية رجال المهمة.. وأخذوها معهم إلى القمر".

بمجرد أن تطلق ماليزيا رائدها الأول للفضاء، سيكتب التاريخ اسم تاسع مسلم يقتحم الفضاء. وكما كان الحال في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية حين أقدم المسلمون على اكتشاف مجالات جديدة للعلم، سوف يعطي الشيخ "مظفر شكر" الرائد الماليزي الفرصة لوضع المسلمين على درب الاستكشاف. فهل يلهم ذلك دول إسلامية أخرى بتطوير برنامجها الفضائي ويأذن بميلاد عصر جديد من الكشف العلمي في هذا الجزء من العالم؟.


هوامش ومصادر:

Oberg, James. " Secrets of the Soyuz ." Launchspace Magazine, March/April 1999. pp. 52-54.


Astronauts and Cosmonauts (sorted by "Time in Space") . Last accessed 18 Mar. 2007.



--------------------------------------------------------------------------------

محرر بالقسم العلمي والصحي بشبكة إسلام أون لاين.نيت الإنجليزية. حاصل على بكالوريوس برمجيات وعلم نفس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، يقوم الآن بعمل دراسة الماجستير في مجال العلوم الاجتماعية. يمكن التواصل معه عبر البريد الإلكتروني للصفحة oloom@islamonline.net.






رابط الموضوع للاطلاع
http://www.islamonline.net/servlet/S...ce%2FHSALayout