سورة النور
(2-..كسراب بقيعة)

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ 39 (النور)


يبين هذا المثل حقيقة عمل الكافر (سراب لا يفيد صاحبه) :

لنتصور شخصاً ضالاً في الصحراء القاحلة المستوية (قيعة)، ويبحث عن ملجأ له يقيه حرارة الشمس أو يوفر له الماء والطعام، وبهذا البحث سيتعرض للعطش الشديد ، ومع جهد البحث سيبدو له سراب (منعكس ضوئي) يشبه غدير الماء ، فيركض بحثاً عنه وطلباً لهذا الماء، وكلما اقترب منه يجده يتلاشى ويغيب أو يظهر في مكان أبعد ، وعندئذ يدرك أنه وهم أو سراب يتجلي بصورة الماء . وعندئذ يدرك أنه هالك لا محالة.
وتنطبق هذه الصورة على حقيقة عمل الكافر وحال الكافر معه يوم العرض والحساب عندما يخرج الناس من قبورهم ويدركون أن لا ينفع المرء في ذلك اليوم ذي الشمس الحارقة والعطش الشديد إلا شيء من عمل صالح أريد به وجه الله تعالى، فسيكون له ظلاً وماء ، وعندما يبحث عن أعماله فلا يجد شيئاً خصصه لوجه الله تعالى حتى ولو كان ظاهرها كذلك كبناء المساجد والمستشفيات والمدارس أو التبرعات التي ما أراد بها سوى منازل الدنيا التي غالباً ما يكون قد وصل لها ، والدنيا قد ذهبت وولت ولم يبق إلا ذكرها.
إذن هي أعمال حقيقتها وهْمٌ مثل السراب غير نافعة لصاحبها، ولا قيمة لها في ذلك اليوم العظيم حيث سيذهب كل عمل أريد به غير وجه الله هباء منثوراً. (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً). وثقل هذه الأعمال في ذلك الميزان الحساس لا تعدل شيئاً ، وزنها صفر (0) ، فهو سراب.
إنَّ لحظة الحساب عسيرة عندما سيجد الخلق دقة الحساب بمثقال الذرات. وسيجد الكافر حساب الله عادلاً ، ويوفيه حسابه جهنم وبئس المصير لعله يطهر فيها. فإن لم يطهر ولم يكن له مثقال ذرة من إيمان فسيخلد فيها.

والله أعلم