الله منفرد بذاته وصفاته وأعماله / كتبه غالب الغول
من أغرب الغرائب , وأعجب العجائب , أن كثيراً من المثقفين , عندما يصطادون خطأ لمثقف مثلهم , يبدءون بالتطبيل والتشهير , ولم يعلموا بعد بأن لغتنا العربية واسعة جداً وكلماتها لها اشتقاق واسع قد تكون على قياس وقد تكون على غير قياس .

فالشعراء اليوم يعانون من النقاد الذين ليس لديهم أدوات النقد الكافية ليقحموا أنفسهم بنقد غيرهم , لأن النقد الحقيقي لأي قصيدة شعرية من حيث اللغة نحوها وصرفها وعروضها وموسيقاها, يجب أن يتوفر للناقد الأدوات الآتية :

1 ــ فقيه في اللغة العربية في الصرف
2 ــ فقيه في اللغة العربية في النحو
3 ــ فقيه في اللغة العربية في العروض
4 ــ فقيه بلغة الموسيقى بالأوزان والإيقاع .
5 ــ غير متحيز ولا يميل لأهوائه >
ولا يقصد بالنقد لرفعة نفسه بالعلو والاستعلاء .

وعندما نأتي بالناقد الحقيقي الممارس والفقيه , لنقد قصائدنا , فلا تفلت من يديه أي قصيدة من الهفوات والعيوب , لأن الناقد لا يمكن له أن يلم بكل فقه وبكل علم بالتفاصيل المشار إليها أعلاه .
وهنا يقف الشاعر في حيرة , إما أن يترك القلم عرض الحائط خشية إحراجه من عيوب القصيدة التي بناها , وإما أن يرمي النقاد عرض الحائط ليكتب كل ما يجيش به صدره دون خوف أو وجل بشرط أن يمسك مفاتيح النحو والصرف والعروض والأوزان , ويقبل نصائح الآخرين الذين يريدون للشعر البقاء خشية الانقراض والزوال .

لقد كتب أحد الشعراء قصيدة , ذكر فيها بأن (
الله منفرد )
وجاء أحد النقاد يعيب عليه كلمة منفرد قائلاً :
(((((فباعتقادي لا تصح عبارة (منفرد) بحقه سبحانه وتعالى، وأنا أعلم أنك ربما قصدت فيها معنى الفرد وأتيت بمنفرد للوزن.
لكن (
المنفرد) تحمل معنى (المنعزل) ، وذلك غير وارد بحقه سبحانه وتعالى فهو القيوم القائم على خلقه دواماً ولا يتركهم طرفة عين ))))))))
فيقول : (
فباعتقادي ) أي أن تفسيره يعتمد على اعتقاده هو , وليس على صحة ما يقوله علماء اللغة , فالنقد لديه أصبح أهواء شخصية كما يعتقد هو وليس كما يقوله المفسرون . ثم نفى صحة ( منفرد ) ونسبتها إلى الله , ثم اتهم الشاعر بأنه أتى بمنفرد ( لصحة الوزن ) علماً أن البيت لا عيب في وزنه , ولم يدرك الناقد بأن ( المنفرد ), وإن كانت تعني (منعزل ) , لكنها تعني الشيء الكثير بحق الله تعالى , وإن الذي ينفرد برعيته فهو راعيها وينظر إليها عن كتب لضبطها وتنظيمها ,
ورد عليه صاحب القصيدة قائلاً :
((
أخي الدكتور ..... , واعلم يا أخي أنني أعرف بأن أسماء الله حساسة في معانيها , وأنا لا آتي بالمعاني إلا من المفسرين )))
ثم قال له في مكان آخر ((
قلت لك بأنني في أبحاثي أعتمد على مصادر من أهل العلم والمعرفة )))
ولما لم يتنازل الناقد عن قصوره في النقد , قام الشاعر وترك مكانه وأخذ لنفسه إجازة طويلة لا يريد قول الشعر احتجاجاً على هذا النوع من النقد الذي قد يهزم أناس أبرياء , ثم بدأ الشاعر يبحث في كلمة (
منفرد ) ليجد معناها اللغوي , ثم ما يقوله العلماء بمعناها , فكانت النتائج كما يلي :
يقول لسان العرب:
1 ـ
(( فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير، ))
2 ــ
((والمُنحَرِد: المنفرد، في لغة هذيل؛ قال أَبو ذؤيب: كأَنه كوكب في الجوّ منحرد ورواه أَبو عمرو بالجيم وفسره منفرد، وقال ))
3 ــ ((
فَجَعَلَ السَّبْعَ لها راعياً إذْ هو مُنْفَرِدٌ بها، ))
ومن الموسوعة الحرة ننقل إليكم ما يلي ورابطه أمامكم :
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
((فلا يدانيه ولا يساويه أحد من خلقه لأنه الله منفرد بذاته ووصفه وفعله ، فالأول هو المتصف بالأولية .))
وعلى الرابط الآتي جاء مفسراً لمعنى منفرد وكما يلي :
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=21175
بعنوان ((( الله منفرد بذاته )))
(( وَأَقل مَا يتناهى إِلَيْهِ الْكثير هُوَ الْوَاحِد فسبب الْأَسْبَاب مَوْجُود وَهُوَ وَاحِد وَلَا يجوز أَن يكون ذَات السَّبَب وَذَات الْمُسَبّب وَاحِدًا فسبب أَسبَاب الْعَالم مُنْفَرد بِذَاتِهِ عَمَّا دونه )))
وجاء على الرابط الآتي ما يلي :
http://www.almawsil.com/vb/showthread.php/125430-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D8%AF%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%87

(( والأحد سبحانه وتعالى هو المنفرد بذاته ووصفه المباين لغيره، كما قال تعالى في معنى الأحدية: «ولم يكن له كفواً أحد»، فالأحدية هي الانفراد ونفي المثلية، وتعني انفراده سبحانه بذاته وصفاته وأفعاله عن الأقيسة والقواعد والقوانين )))
وجاء على الرابط الآتي ما يلي:

http://www.baiyt-essalafyat.com/vb/showthread.php?t=9811
((كيف تجمع بين قولك: إن الله منفرد بالملك وبين إثبات الملك للمخلوقين، مثل قوله تعالى:
( أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَه)(النور: من الآية61)
(إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم)(المؤمنون: من الآية6 )

ومن هنا وجب على كل ناقد إما أن يحبب الشعراء بنقده فيجذبهم ويشجعهم على قول الشعر , بكلمات فيها التودد والتأكد التام مما يقوله , أو أن يترك النقد لغيره .
كتبه / غالب الغول