من محاضراتنا في رابطة تحقيق الأنساب العربية وتوثيقها
رسول الرحمة
إعداد المؤرخ والمحقق حسون حسن الشيخ علي المفرجي
إمتلأت الأرضظلما وجورا وأصبح الإنسان عبدا للإنسان يسخره حيث يشاء وأنى يشاء وجعله جزءا منممتلكاته يفعل فيه ما يشاء. وعبد الإنسان مخلوقات الله من دونه سبحانه فأخذالمستضعفون في الأرض ينظرون إلى السماء ويقولون متى فرج الله متى تتحقق نبوءةإبراهيم التي ذكرها القرآن الكريمنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيرَبَّنَاوَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَوَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُالحَكِيمُ) البقرة 129
وقول عيسى عليه السلام لبني إسرائيل إنه يأتي من بعدي نبي إسمه أحمد فاتبعوهوآمنوا به وصدقوه (
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُمَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِإِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِوَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف 6
وفي الآيتين42-43 من الإصحاح الحادي والعشرين من إنجيل متي يخاطب عيسى عليه السلام قومه بأنالملك سوف يعطى لغيركم ودين جديد غير دينكم ( لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكمويعطى لأمة تعمل أثماره).
وعلى هذا الأساسأخذ الله سبحانه عهدا على كل نبي يبعثه للناس أنه إذا ما أرسل الله نبينا الكريممحمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤمن به وينصره ويتبع دينه الذي هو مكمل ومهيمنعلى كل الأديان التي سبقته وقد أخذ عليه عهدا مغلظا وأشهدهم على ذلك. (وَإِذْأَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍوَحِكْمَةٍ ثُمَّجَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِوَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَأَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِيقَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْوَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)آل عمران 81
وقد بين سبحانه وتعالى في الكتب السالفة من التوراة والإنجيل بأنه سيرسل من بعدهمرسولا وبين لهم صفته وإسمه فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم كثيرا منالأشياء التي حرموها على أنفسهم وطلب منهم أن يتبعوه فمن تبعه منهم وآمن به فأولئكهم المفلحون في الدنيا والآخرة (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَالنَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِيالتَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِالْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَوَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْفَالَّذِينَآمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَمَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)الأعراف 178سبحانك ربنا لك المنة علينا لقد أرسلت رسولا من أنفسناأي من أشرف القبائل العربية نسبا وشرفا رحيم بهم ورءوف ويعز عليه إشراكهم ودخولهمالنار يتلوا علينا آياتك ويزكينا ويعلمنا قراءة القرآن والحكمة ولقد كان آباؤنا فيضلال مبين: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْبَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِوَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْقَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) آلعمران164 بدأ رسول اللهمحمد صلى الله عليه وآله وسلم مشوار حياتهالدنيوي تحت إشراف ورعاية الله سبحانه وتعالى مهيئا لتحمل أعباء الرسالة التيستلقى على عاتقه لتبليغها إلى الناس كافة فكل خطوة محسوبة وكل قول أو عمل يحسب لهحساب وكان تحت رعاية الله وإشرافه فقد كان معصوما من الخطأ وإن الله العظيم أدبهفأحسن تأديبه فيقول عليه الصلاة والسلام (أدبني ربى فأحسن تأديبي). أليس الأحرى بناأن نتأسى بمن أدب من قبل الرب الكريم ونتبع خطواته ونسير عليها ونهتدي بهداه (لَقَدْكَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَوَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ)الممتحنة6
تعلم صفات العربي النبيل من الصدق والكرم والشجاعةوالأمانة كبر وترعرع على الصدق والأمانة ولقب بالصادق الأمين وأصلح الله به قريشحين أعادت بناء الكعبة فاختلفوا على وضع الحجر الأسعد مكانه ووصلوا إلى الإقتتالكل قبيلة تريد هذا الشرف أن ينسب لها فوقاهم الله الشر واتفقوا على التحكيم بأنأول من يدخل عليهم سيكون الحكم وإذا بالصادق الأمين يطل عليهم فرضوا جميعابتحكيمه. فالصدق أمانة وهي صفة من صفات الأنبياء ومصداقية ذلك أنهم أدوا رسالتهمبكل أمانة ولقد كان عليه الصلاة والسلام صادقا مع نفسه قبل الآخرين فلا يقول إلاالحق فالصدق يعبر عن ثقة بالنفس وشجاعة الذات فلنتأمل لحظات مع أنفسنا ونتسائل هليا ترى هل نحن صادقون مع أنفسنا وهل يا ترى هل نحن صادقون مع الآخرين وهل باتت هذهالصفة مفقودة في زماننا وهل أصبح الصادقون عملة نادرة كالأحجار الكريمة أم نخدعالآخرين بمجاملتهم لأغراض مادية أو كسبية.
رعى الغنم بقراريط في مكة واشتغلبالتجارة فاشتغل أجيرا عند خديجة بنت خويلد يبيع ويشترى لها مقابل نسبة من الربحفرأت خديجة فيه أمانته ونزاهته فخطبته لنفسها وتزوجته ففازت في الدنيا والآخرة
. شد الرسول الأعظم مئزره وشمر عن ساعده لتبليغ رسالة ربهللناس جميعا أسودهم وأبيضهم وبدأ بالدعوة إلى الله بأقرب الناس إليه زوجته خديجةوابن عمه علي بن أبي طالب وربيبه زيد بن حارثة وصديقه أبو بكر الصديق فآمنوا بهوصدقوه فبدأ الدين الجديد يدخل قلوب الناس سرا وإيمانا فآمن به العبيد والضعفاءوتجاهله سادة القوم وكبراءهم وأغنياءهم خوفا على مناصبهم وأموالهم فبدأت مقاومتهمللدين الجديد بالإنذار والتهديد والإغراء ثم تصاعد الموقف شدة وعنفا ولجؤا إلىأسلوب التعذيب والإضطهاد فانصب أول الأمر على الموالي والعبيد حتى لقي بعضهم حتفه.إستعمل الطغاة أسلوبا جديدا للتعذيب وهو الحصار الإقتصادي كما تستعمله الآن الدولالطغاة بالشعوب المستضعفة بأن تقطع عليها أرزاقها فحاصروا المسلمين في شعب أبيطالب لا يشترون منهم ولا يبيعون عليهم وكتبوا وثيقة بذلك وعلقوها في الكعبة حتى وصلتبهم المجاعة بأن أكلوا جلود الحيوانات. بعدها بدأ النور يظهر في النفق المظلمويتسع رويدا رويدا وتنجلي صفحة جديدة وها هو يقيم دولة الإسلام في المدينة المنورةوتبدأ ملحمة الإيمان ويصبح الخيال حقيقة يتجرد فيه الإنسان عن ماله طوعا زرع ملحمةالإسلام فهذا سعد بن الربيع من الأنصار بعد أن آخى رسول الله صلى الله عليه آله وسلمبينه وبين عبدالرحمن بن عوف فيدور الحوار بينهم... يا أخي يا عبدالرحمن أنت تعلمإني ذا مال كثير ولي زوجتان سأقسم مالي بيني وبينك وانظر إلى زوجتي هاتين أيهماتعجبك طلقتها وعند انقضاء عدتها زوجتها إياك. يا أخي يا سعد أتقول الحقيقة أم هذاضرب من الخيال! لا يا أخي يا عبدالرحمن إنها الحقيقة ولماذا إذن الإخوة فيالإسلام. بارك الله لك في مالك وزوجك يا أخي يا سعد ولكن دلني على السوق لأني رجلتجارة لأعمل. فضل العمل على التسول. يا الله إنها والله لملحمة الإيثار. أمر لايصدقه العقل فيا ليتنا نتأسى بهم ونعمل معشار ما عملوا فنتصدق على الفقير ونرعىاليتيم ونقيم العدل والمساواة بيننا. ونزدكم من مأثرة أخرى جاء ضيوف إلى رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم فطاف في بيوته فلم يجد شيئا من طعام فخرج إلى المسجد وقالمن يضيف ضيفي فقال أحد الصحابة أنا يا رسول فأخذهم إلى بيته وقال لامرأته ما ذاعندنا من طعام لنقدمه للضيوف فقالت قريصات من شعير لأطفالنا الجياع قال لها ماالعمل فاتفقا على أن ينوما أطفالهما قبل العشاء وأن يطفئا السراج أثناء تقديمهاالطعام لضيوفهم وينتحون جانبا ليوهمهم بأنهم يتناولون الطعام. أكل الضيوف الطعاموناما هانئين وعند الفجر ذهبوا إلى المسجد فتلقاه رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم بابتسمات عريضة قائلا له لقد عجب الله من أمركما (وَيُؤْثِرُونَعَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة) وهذه مأثرة من أعظم المآثر يبيت الإمام علي مع أهل بيته ثلاثة أيام علىالطوى ليعطوا طعامهم للمسكين واليتيم والأسير(وَيُطْعِمُونَالطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) هذا هو الإسلام الحقيقي فأين نحن منه الآن. وصدق من قال:بمُحمدِخطرالمحامديعظم وعقودتيجانالقبولتُنَظمُوله الشفاعة والمقامالأعظميومالقلوبلدىالحناجركُظمُ بحياتكمصلواعليه وسلمواعليه صلىاللهماقلمٌجرىوجلاالدياجينورهالمتبسمولا نجمولاشجرولاوحشالفلاإلايصليمفصحا ويسلمُلِمَلاوسر المرسلينثوىبهِ قمرالمحامدوالرؤوفالأرحمُوالجذعُأفهمشوقهُبحنينهِوبكفهِصُمالحصىتتكلمُوالرسلتحشرتحتظللوائهِيومالمعادويستجيرالمجرمُماأسعدالمتلذذينبذكرهفييومتعرضللعصاةجهنمُياخيرمبعوثٍلأكرمأمة وبعمركالوحيالمنزل يُقسِمُسجدتمفتخراوقلتأنالهاجاهيوحبلُوسيلتيلا يُصرمُ بحياتكمصلواعليهوسلموا