مازال مفهوم السيميائية كمصطلح تطبيقي قبل ان يكون نظري , بعيد عن الأذهان وغير جلي بالنسبة لكثير من النقاد, ولم يصنف غوغل لنا عبر المواقع العربية سوى بحثين له فقط يستأهلون القراءة ,وإن لم نتطور نقدا فنحن نراوح مكاننا ولا نقدم سوى نقد سطحي جدا لا يستأهل التوقف وهذا نقرأه كثيرا ,لذا فنقول :
مازال المفهوم بعيد اعن متناول النقاد تطبيقا ,وبشكل واسع, ربما مرت أسماء لم نعرها انتباها .
فهل هذا بسبب عدم قرب المفهوم للأذهان؟, ام هناك أسباب أخرى تبرر هذا التقصير؟.
نقدم بعض أسماء كتب مع مؤلفيها لنلمس مدى تقصير المختصين في مطالعة ما جادت به أقلام الدارسين:
محاضرات في السيمولوجيا: محمد السرغيني
تيارات في السيمياء عادل فاخوري:
معرفة الآخر –مدخل إلى مناهج النقدية الحديثة.عبد الله إبراهيم وسعيد الغانمي ورشيد بن مالك
دلالية القصص وشعرية السرد سامي سويدان
كتاب في الخطاب السردي-نظرية كريماس للناقد التونسي محمد ناصر العجيمي
دلائلية النص الأدبي عبد القادر فيدوح
مدخل إلى السيميائية السردية سعيد بن كراد
عتبات النص :البنية والدلالة عبد الفتاح الحجمري
العنوان وسيموطيقيا الاتصال الأدبي محمد فكري الجزار
النقد والدلالة نحو تحليل سيميائي للأدب محمد عزام. دراسة في مقامات السيوطي عبد الملم مرتاض[1]
*****************

تقول بهذا الصدد الدكتورة : د.سعدية موسى حسن البشير:
بالرغم من أن الكثيرين قد حاولوا جادين تقريب مفاهيم هذا العلم (السيميائية ) إلى الأذهان إلا أنه لا يزال يعاني عدم التمكن من الأداة المعرفية التي يقدم بها مسائله .وكذلك يشكو كثير ممن ولج أبوابه من اختلاف مصطلحاته وتعددها لدرجة تؤدي إلى تعدد خطابه .ومع ذلك فإن هذا لا يمنعنا من القول إن أوسع فضاء للسيميائية هو بلا شك : حقل اللغة والأدب .
وهي محصورة بالمفاهيم التالية:
أ- العلامة.
ب- المحايثة.
ج- المعنى.
د- الدلالة[2]


هو مفهومها معجميا:
معنى السيميائية لغةً :
السِّيمَاء والسِّيمِيَاء، بياء زائدة: لفظان مترادفان لمعنى واحد. وقد ورد ذلك في كتاب الله ، لكن مقصوراً غير ممدود، أي بلا همز، هكـذا: (سِـيمَا). قال ـ تعالى ـ: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29]. وقال ـ سبحانه ـ: {تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273].
والسِّيمَاءُ في معاجم اللغة: هي العلامة، أو الرمز الدال على معنى مقصود؛ لربط تواصلٍ ما . فهي إرسالية إشارية للتخاطب بين جهتين أو أكثر، فلا صدفة فيها ولا اعتباط .
والسُّومة والسيمة والسيماء والسيمياء: العلامة، والخيل المسوَّمة: هي التي عليها السمة[3]
أما المعاجم الأجنبية فقد فرّقت بين مصطلحين : الكيمياء وهي العلم المعـروف Chemistry) ) وعلم أخر ( Alchemy )وهو يرمز إلي ما كان يسمي عند العرب بعلــم السيمياء وهو علم كيمياء القرون الوسطي . وربما سموه (الخيمياء ) لقرب اللفظتين لفظاً ومعني . (4) و يمكننا أن نقول أنها تحريف للفظ العربي السيمياء ، خاصة لاحتفاظها ب( أل ) التعريف التي لازمت المصطلح دلالة علي أصوله العربية . ويرى بعض العلماء أن لفظ السيمياء هو أحد المعربات الثلاثة السيمولوجيا والسيولتيك والسيميائية للفظ يوناني هو ( السيميو طيقا) من كلمة
( السيميولوجيا ) وتعني العلامة . ويعرفه بأنه :" علم يدرس العلامة ومنظوماتها ( أي اللغات الطبيعية والاصطناعية ) كما يدرس الخصائص التي تمتاز بها علاقة العلامة بمدلولاتها . " (5) أي تدرس علاقات العلامات والقواعد التي تربطها أيضاً.[4]
اصطلاحا:
معنى السيميائية اصطلاحًا :
السيميائية أو السيميولوجيا هي " دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية " ( بنكراد ، 2003) . وهي في حقيقتها " كشف واستكشاف لعلاقات دلالية غير مرئية من خلال التجلي المباشر للواقعة ، إنها تدريب للعين على التقاط الضمني والمتواري والمتمنِّع ، لا مجرد الاكتفاء بتسمية المناطق أو التعبير عن مكنونات المتن " ( بنكراد ، 2003) .[5]
وتعد دراسة الاستاذ عطية العمري أقرب للتطبيقية من الشروح الأخرى.
تقول الدكتورة سعدية حول هذا المصطلح:
اقترن مصطلح السيمياء في حركة التأليف المبكرة عند العرب بعدد من العلماء . منهم جابر بن حيان ( 200ه ـ 815م ) الذي كان عظيم الثقة بنفسه وبعلمه ولكن لم تساعده أدوات ذلك العصر الباكر على تحقيق ما كان يفكر فيه من خيال علمي طموح . ومن تلك الأفكار في ذلك الزمان فكرة تحويل المعادن الخسيسة إلي معادن ثمينة . ولما لم يستطع تحقيق بعض ذلك الطموح ، تحول علم الكيمياء عنده إلي ما عرف بعلم ( السيمياء ) . وقد كان مفهوم هذا العلم في ذلك الوقت قريباً من السحر . يقول صاحب كتاب أبجد العلوم : " السيمياء هي اسم لما هو غير حقيقي من السحر ...وسيمياء لفظ عبراني معرب أصله (سيم به ) " (1) وذكر إضافة إلي جابر بن حيان أسماء علماء آخرين منهم ابن سينا والسهر وردي وابن خلدون والحلاّج وكمال الدين بن يونس .
و جاء في كتاب :كشاف اصطلاحات الفنون ، أن السيمياء هي : علم تسخير الجن . . . بعض أنصاف العلماء أدخلوا تحت السيمياء علوماً عدة منها علم أسرار الحروف وهو تفا ريـع السيمياء ، ولا يوقف علي موضوعه ، ولا تحاط بالعدد مسائله ." (2) ولكن ماذا تقول المعاجم العربية ؟
جاء في إحدى هذه المعجمات : " السومة والسيماء والسيمياء : العلامة ،
وسوم الفرس :جعل عليه السيمة وقوله عز وجل : حجارة مسومة عند ربك للمسرفين
لكن حقيقة هو علم يصعب تحديد جغرافيته او حدوده لاصطدامه بقواعد أخرى وسمات اخرى:
يقر الكثيرون أن تعريف هذا المصطلح ليس بالأمر الهين لسببين :
الأول هو تعدد وجهات النظر، والثاني :هو الحداثة . فهم يرون أن : (أية محاولة للتعريف ،لابد لها أن تصطدم بتعدد وجهات النظر في تحديد هوية هذا الحقل المعرفي تحديدا قارا .خصوصا إذا أدركنا الحيز الزمني الذي يستغرقه وهو حيز قصير ".
لغويا:
فهو يرتبط به بقوة تقول الدكتورة سعدية هنا:
إن دي سوسير كان يرى أن اللسان نسق من العلامات التي تعبر عن المعنى ،وهو ما يمكن أن يقارن بلغة ا لصم والبكم والطقوس الرمزية الأخرى دينية كانت أم ثقافية مادامت وسط المجتمع .
وقد تزامن هذا التبشير مع ما كان يقوله عالم آخر هو بيرس (1839-1914) من أن النشاط البشري بمجمله نشاط سيميائي .
يقول بيرس عن نفسه :" إنني وحسب علمي الرائد أو بالأحرى أول من ارتاد هذا الموضوع المتمثل في تفسير وكشف ما سميته السيميوطيقا أي نظرية الطبيعة الجوهرية والأصناف الأساسية لأي سيميوزيس محتمل .إن هذه السيميوطيقا التي يطلق عليها في موضع آخر المنطق تعرض نفسها كنظرية للدلائل وهذا ما يربطها بمفهوم السيميوزيس
معرفيا:
فقد تطورت السيميائية في القرن العشرين وأصبحت حقلاً معرفياً واسعا,يضم علوما لغوية كثيرة.[6]
جهود العرب في هذا المجال:
- جهود العرب في هذا المجال :
عرف العرب هذا العلم ومارسوه في حياتهم ،وذلك قبل أن تقعد له القواعد وتوضع له الأصول .ومن ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه للصحابة رضوان الله عليهم ،حين عهد لعمر بالخلافة : " فكلكم ورم أنفه . " (14) أي اغتاظ وذلك يعد لغة إ شارية تحكي الواقع بصدق ويقين .
وفي مجال الدراسات العلمية الجادة قدم الجاحظ دليلا باهرا على عبقريته المشهود بها .وهو يرفد الدراسات العلمية ببحث سيميائي مميز نلخص ملامحه فيما يلي :
1- تعريفه البيان بأنه :" اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى . أي كل ما أوصل السامع إلى المعنى المراد، .يستوي في ذلك كل أجناس الأدلة،فبأي شيء بلغت الأفهام ووضحت المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع ". (15)
تعداده العلامات والإشارات التي تدل على المعنى وهي خمسة أشياء :اللفظ والإشارة والعقد والخط والحال .
أما ابن خلدون فقد خصص فصلا في مقدمته لعلم أسرار الحروف ويقول عنه : " المسمى بالسيمياء نقل وضعه من الطلسمات إليه في اصطلاح أهل التصرف من غلاة المتصوفة ،فاستعمل استعمال في الخاص وظهر عند غلاة المتصوفة عند جنوحهم إلى كشف حجاب الحس ،وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر وتدوين الكتب والاصطلاحات ومزاعمهم في تنزيل الوجود عن الواحد ...فحدث بذلك علم أسرار الحروف وهو من تفاريع السيمياء لا يوقف على موضوعه ولا تحاط بالعدد مسائله ،وتعدد ت فيه تآليف البوني وابن العربي ،ومن فروع السيمياء عندهم استخراج الأجوبة من الأسئلة بارتباطات بين الكلمات حرفية يوهمون أنها أصل في المعرفة ..
وهكذا نجد أن السيمياء موجودة في علوم المناظرة والأصول والتفسير والنقد ،فضلا عن ارتباطها الوثيق بعلم الدلالة الذي كان يتناول اللفظة وأثرها النفسي كذلك ،وهو ما يسمى بالصورة الذهنية والأمر الخارجي عند المحدثين . فالواقع يقول أن :"المساهمة التي قدمها المناطقة والأصوليون والبلاغيون العرب مساهمة مهمة في علم الدلالة انطلاقا من المفاهيم اليونانية ،وقد كانت محصورة ضمن إطار الدلالة اللفظية ،وتوصل العرب إلى تعميم مجال أبحاث الدلالة على كل أصناف العلامات ،ومن الواضح أنهم اعتمدوا اللفظية نموذجا أساسيا .كذلك فأقسام الدلالة عند العرب قريبة من تقسيم بيرس ، وتبقى أبحاثهم التي تتناول تعيين نوعية دلالة الألفاظ المركبة أو بوجه عام العلامات المركبة وتحليل الدلالة المؤلفة من تسلسل عدة توابع دلالية مدخلا جديدا ذا منفعة قصوى للسيمياء المعاصرة
هدفها:
إن هدف السيميائية وأصولها الفلسفية :
تسعى السيميائية إلي تحويل العلوم الإنسانية ( خصوصاً اللغة والأدب والفن ) من مجرد تأملات وانطباعات إلي علوم بالمعنى الدقيق للكلم
مصطلح السيميوطيقا أي :علم السيمياء أو الرموز
*************************
عمليا وتطبيقيا:
لم تنتشر الدراسات السيميائية بين النقاد عموما واقتصرت على بعض المتعمقين في الأبحاث لذا نعتبر انه من السباقين للدراسات العملية والتطبيقية بسهولة ويسر وقدم منهجا واضحا للتطبيق: الباحث الفلسطيني :
عطية العمري وريمه الخاني [7]
وتبدأ الدراسة من العنوان ,وتمر بالصور, بالزمان والمكان, الأحداث, وتتبع دراسات خاصة بالنص تتفرع عنها من خلال دلالاتها وتأويلاتها والمعاني والعبرة الخ...نختصرها بالتالي:
1- دلالي/على مذهب رولان بارت وجوليان كريماس
2-تواصلي واتصالي/على مذهب جورج مونان وآخرون
3-وثقافي على مذهب يوري لوتمان وآخرون\
ومرورا بمذهب فلاديمير بروب الذي نادى بتوظيف النص



بماذا تبحث السيميائية:
تبحث السيميائية عن المعنى ،من خلال بنية الاختلاف ولغة الشكل والبنى الدالة .وهي لذلك لا تهتم بالنص ولا بمن قاله ،وإنما تحاول الإجابة عن تساؤل وحيد هو كيف قال النص ما قاله ؟ (31) ومن أجل ذلك يفكك النص ويعاد تركيبه من جديد لتحدد ثوابته البنيوية
يقوم على :
التحليل المحايث
التحليل البنيوي
تحليل الخطاب
استخدامات السيمياء وتطبيقا تها :
كشف الكذب
العلامات
العلامة الأيقونية : Iconic Sign مثل الصور والرسوم البياني
العلامة الإشارية : Indexical Sign وهي التي بينها وبين مدلولها تلازم مشهود
الرمز أو العلامة الاصطلاحية Symbolوهي ما اتفق عليه مجموعة من الناس بناء على اصطلاح معي
تقسيم العلامات: طبيعية -صناعية
********
.د- الدلالة :
مفهوم الدلالة مفهوم مركزي ينتظم حوله النشاط السيميائي في مجمله
،يقول عبد القاهر الجرجاني :"وإنك لتجد اللفظة الواحدة قد اكتسبت فيها فوائد حتى تراها مكررة في موضع ،ولها في كل موضع من تلك المواضع شأن مفرد ،وشرف منفرد
هـ- التأويل :
يعني التاويل أخذ المعنى على غير معنى الكلمات بتجاوز الظاهر إلى الخفي ففي الاصطلاح :"هوصرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به[8]
و- التداولية وعلاقتها بالسيميائية
أصبحت التداولية في السنوات الأخيرة موضوعاً مألوفاً في اللسانيات وفي الدراسات الأدبية بعد أن كانت السلة التي ترمى بها العناصر والمعلومات التي لا يمكن توصيفها بالأدوات اللسانية التقليدية . يقول جفري ليج بهذا الصدد: "لا نستطيع حقيقة فهم طبيعة اللغة ذاتها إلا إذا فهمنا التداولية : كيف نستعمل اللغة في الاتصال " .
تختلف التداولية (( Pragmatics)) عن المذهب الذرائعي في الفلسفة ( Pragmatism )
ب- العلاقة بين التداولية والسيميائية
يمكن تقسيم التداولية العامة إلي اللسانيات التداولية والتداولية الاجتماعية
فالأولى يمكن تطبيقها في دراسة الهدف اللساني من التداولية - المصادر التي توفرها لغة معينة لنقل أفعال إنجازيه معينة - والثانية تعنى بالشروط والظروف الأكثر محلية المفروضة على الاستعمال اللغوي وهو حقل أقل تجريداً من الأول . فالتداولية تدرس المعني في ضوء علاقته بموقف الكلام .
ريمه الخاني 17-12-2013


[1] المزيد في كتاب: د. محمد فليح الجبوري: الاتجاه السيميائي.

[2] http://www.ta5atub.com/t408-topic#ixzz2nWYN5xw

[3] http://www.rabitat-alwaha.net/moltaq...ad.php?t=8774j


[4] المصدر الاول.

[5] المصدر الثاني.

[6] المصدر الاول.

[7] من خلال دراساتها المتتالية للنصوص المنشورة في موقعها "فرسان الثقافة"..

[8] المصدر الاول.