غرام أدبي عربي- إسرائيلي

الكاتب العربي ذو الموقف الواضح ضد كينونة الاحتلال هو خير من يستغل تلك الفرص في إعلان موقفه المؤازر للإنسانية

العرب نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيغدير أبو سنينة
[نُشر في 23/09/2013، العدد: 9329، ص(14)]

ما الفرق بين كاتب إسرائيلي يميني أو يساري إذا كان كل منهما لم يبرح مكانه من أرض ليست له؟. ولماذا يحتفي الفلسطينيون بيهود مدافعين عن حقوقهم المشروعة كناعوم تشومسكي ونورمان فينكلستاين، بينما يرفض معظمهم اللقاء مع كاتب يحمل الجنسية الإسرائيلية ويناهض انتهاكات حكومته ضد الفلسطينيين؟. أفهم أن هناك معارضون في كل البلاد لحكوماتهم، لكنهم ليسوا معارضين لأوطانهم.ينطبق هذا على الكاتب الإسرائيلي المعارض للحكومة لا للكيان نفسه. ما جدية مواقف هؤلاء الكتَّاب الذين يتحوَّلون إلى حمامات سلام في أعمالهم، وفي استعدادهم للقاء نظرائهم من العرب والفلسطينيين خصوصاً.
هل سمعنا عن أحدهم يتخلى عن جنسيته الإسرائيلية ويعود لوطنه الأصلي مثلا، كي نحتفي كعرب به ونأخذ أعماله على محمل الجد وليس على محمل الدعاية الاستهلاكية والتنفيس عن ضمير يصحو أحيانا ويغفوا طوال الوقت، مُستظلّين بمظلة الجمال في النص الأدبي وكأن الدنيا ضاقت إلا من أعمالهم الأدبية.التقيت مرَّة شاعرة تُصر على التعريف بنفسها بأنها مكسيكية، مع أنها ولدت وولد آباؤها في الولايات المتحدة التي تسميها هي في إحدى قصائدها بالشياطين المتحدة.
الشاعرة أمبر باست اتخذت موقفا واضحا من سياسة بلادها ورحلت إلى المكسيك متخلية عن الجنسية الأمريكية وكل ما يعنيه ذلك من فقدان امتيازات عدة وتعيش حاليا مع بقايا شعوب المايا في ولاية تشياباس أفقر مناطق المكسيك. ليتخذ هؤلاء الكتاب الإسرائيليون اليساريون موقفا شبيها كي نرفع لهم قبعاتنا تحية.
فيما تتباين آراء بعض الكتاب العرب، فإن كان هناك كثيرون يرفضون لقاء كاتب إسرائيلي أو الظهور معه في نشاط ثقافي واحد، فإن بعضا منهم لا يرى بأسا في ذلك تحت ذريعة الثقافة والشعر والجمال. الموقف الذي يستغله الغرب الطامح إلى تمرير رؤيته وتصوره في حل القضية الفلسطينية عبر أمور كهذه.شهدت عدة نشاطات يحضرها شعراء إسرائيليون يمينيون ويساريون لا يفوِّتون أي فرصة لإلقاء قصائد وللحديث عن موضوع الهولوكوست الذي تحول إلى بقرة حلوب وعامل جذب عاطفي مهم جدا منذ عدة عقود.
نجح الإسرائيليون في تمرير سياسات كثيرة من فتح سفارات في دول عربية وعقد معاهدات سلام والقيام بمشاريع اقتصادية وسياحية ولم يبق أمامهم سوى الثقافة كحائط أخير يتمترس خلفه المتمسكون بهويتهم.
بطبيعة الحال، ليس لدى الكاتب الإسرائيلي مشكلة في أن يجالس كاتبا عربيا، على العكس تماما، فإن ذلك يكسبه تأييدا لموقف بلاده الذي يدعي سعيه نحو السلام، محاولا وضع نظيره العربي في مأزق خصوصا في النشاطات الثقافية التي تقام في الغرب.

بالمقابل، فالكاتب العربي ذو الموقف الواضح ضد كينونة الاحتلال ومن يمثل هذه الكينونة هو خير من يستغل تلك الفرص في إعلان موقفه المؤازر للإنسانية في المقام الأول، فالقضية الفلسطينية أعمق من كونها شأنا سياسيا.أختم كلامي بتساؤل، لماذا بعد سماعنا عن جلسةٍ "أدبية، غرامية"، بين كاتب إسرائيلي وآخر عربي يذاع صيت الأخير وتنفتح أمامه أبواب الشهرة والمهرجانات وتبدأ أعماله مهما اتفقنا أو اختلفنا على قيمتها، بالترجمة والانتشار؟
________________

كاتبة فلسطينية مقيمة في ماناغوا-نيكاراغوا