لماذا قتلت ابنتك؟
سألته قبل واحد وعشرين عاماً، حين التقيت معه في سجن الرملة، لماذا قتلت ابنتك؟ ولماذا كل هذا البكاء لماذا تتحسر، وأنت القاتل؟ لماذا تنزف الأحزان على ابنتك، التي قتلتها بيديك؟
لماذا قتلت ابنتك؟ سألته وأنا أدرك أنه جاء إلى كي يفضفض، ويخرج ما في داخله من هموم، فقال:
كان يأتي إلينا كل يوم، يأكل من خبزنا، ويشرب شاي بيتنا، وتخرج معه ابنتي للعمل، وتعود في المساء.
عدة سنوات والرجل يقف بالسيارة على باب البيت، ويأخذ ابنتي معه للعمل وحيدة، دون أي اعتراض مني، أو من غيري، فقد كانت تأخذ راتباً شهرياً.
لم نختلف معه إلا حين جاء رجل ليخطب ابنتي، فوافقت. عندها جاء واعترض، وقال: لا اسمح لكم بتزويجها، قلت له: إذن تزوجها، قال: لا
لم نأخذ بتهديده، ولم نستمع إليه، واتفقنا مع العريس على الزواج، فكانت المفاجأة.
لقد أوصل للعريس صور ابنتي وهي في أحضانه عارية. فهرب العريس
قتلت ابنتي كي أغسل العار، قتلتها من كلام الناس.
سألته: من المخطئ؟ ابنتك القتيلة التي صدقته، واستسلمت له، أم هو الذي مارس الجريمة مرتين؟
سألته: من المخطئ؟ ابنتك القتيلة أم أنت الذي سمح لغريب بدخول البيت سنوات؟
سألته: طالما عقدت العزم على القتل، فإن القاتل أحق بالانتقام والقتل؟
فما أوحش السجن! وما أسود لياليه على السجين غير المقتنع بما فعل!
ومع ذلك، تعاملت معه برفق، وأوصيت السجناء العسكريين المرضي في سجن الرملة أن يترفقوا فيه، وأعطيناه سكراً وشاياً وبعض أطعمة السجن، لقد اشفقنا على كبر سنه، وهزتنا دموعه المأسوية.
قبل أيام مات السجين الذي قتل ابنته، مات بالسجن!!!