~~حكم الاحتفال بالمولد النبوي~~



‏ وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين جزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء ‏:‏ عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي ‏؟‏

فاجاب قائلاً ‏:‏

اولاً ‏: ليلة مولد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، ليست معلومة على الوجه القطعي ، بل ان بعض العصريين حقق انها ليلة التاسع من ربيع الاول وليست ليلة الثاني عشر منه، وحينئذ فجعل الاحتفال ليلة الثاني عشر منه لا اصل له من الناحية التاريخية‏.


ثانياً ‏:من الناحية الشرعية فالاحتفال لا اصل له ايضاً لانه لو كان من شرع الله لفعله النبي ، صلى الله عليه وسلم، او بلغه لامته ولو فعله او بلغه لوجب ان يكون محفوظاً لان الله- تعالى- يقول ‏:‏

‏{‏انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون‏}‏ فلما لم يكن شيء من ذلك علم انه ليس من دين الله ، واذا لم يكن من دين الله فانه لا يجوز لنا ان نتعبد به لله - عز وجل - ونتقرب به اليه ، فاذا كان الله تعالى - قد وضع للوصول اليه طريقاً معيناً وهو ما جاء به الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتي بطريق من عند انفسنا يوصلنا الى الله‏؟‏ هذا من الجناية في حق الله - عز وجل- ان نشرع في دينه ما ليس منه، كما انه يتضمن تكذيب قول الله - عز وجل-‏:‏ ‏{‏اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي‏}‏ ‏.‏


فنقول ‏:‏هذا الاحتفال ان كان من كمال الدين فلا بد ان يكون موجوداً قبل موت الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، وان لم يكن من كمال الدين فانه لا يمكن ان يكون من الدين لان الله - تعالى - يقول ‏:‏ ‏{‏اليوم اكملت لكم دينكم‏}‏ ومن زعم انه من كمال الدين وقد حدث بعد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فان قوله يتضمن تكذيب هذه الآية الكريمة، ولا ريب ان الذين يحتفلون بمولد الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، انما يريدون بذلك تعظيم الرسول ،عليه الصلاة والسلام، واظهار محبته وتنشيط الهمم ..

على ان يوجد منهم عاطفة في ذلك الاحتفال للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا من العبادات ؛ محبة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، عبادة بل لا يتم الايمان حتى يكون الرسول، صلى الله عليه وسلم ، احب الى الانسان من نفسه وولده ووالده والناس اجمعين ، وتعظيم الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، من العبادة ، كذلك الهاب العواطف نحو النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من الدين ايضاً لما فيه من الميل الى شريعته ، اذاً فالاحتفال بمولد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من اجل التقرب الى الله وتعظيم رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، عبادة واذا كان عبادة فانه لا يجوز ابداً ان يحدث في دين الله ما ليس منه ، فالاحتفال بالمولد بدعة ومحرم ..

ثم إننا نسمع انه يوجد في هذا الاحتفال من المنكرات العظيمة مالا يقره شرع ولا حس ولا عقل فهم يتغنون بالقصائد التي فيها الغلو في الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، حتى جعلوه اكبر من الله - والعياذ بالله- ومن ذلك ايضاً اننا نسمع من سفاهة بعض المحتفلين انه اذا تلا التالي قصة المولد ثم وصل الى قوله ‏"‏ ولد المصطفى‏"‏ قاموا جميعاً قيام رجل واحد يقولون ‏:‏ ان روح الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، حضرت فنقوم اجلالاً لها وهذا سفه ، ثم انه ليس من الادب ان يقوموا لان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، كان يكره القيام له فاصحابه وهم اشد الناس حبّاً له واشد منا تعظيماً للرسول ، صلىالله عليه وسلم، لا يقومون له لما يرون من كراهيته لذلك وهو حي فكيف بهذه الخيالات‏؟‏‏!‏

وهذه البدعة - اعني بدعة المولد - حصلت بعد مضي القرون الثلاثة المفضلة وحصل فيها ما يصحبها من هذه الامور المنكرة التي تخل باصل الدين فضلاً عما يحصل فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات‏.