ما تعانيه حماس وما تصرخ به جهارا نهارا من كبت وقمع لحرياتها، و انها ضحية و ملاحقة في كل مكان من الاخرين، تقع به عندما تقوم هي بتكميم افواه الاخرين وملاحقات وسائل الاعلام وإغلاقها بإجراءات غير قانونية و هي بالأساس سياسية، وتمارس الانتهاكات على غيرها بطريقة ثأرية وانتقامية.

وفي زمن الحريات التي تصل عنان السماء والفضاء الرقمي والثورات العربية، لم يعد هناك مجال لمنع أي شخص من التعبير عن رأيه، فالمحاسبة هي بالرد على التحريض على الكراهية وتزوير الحقائق وعدم المهنية و الصدقية الصحافية بالقانون والإجراءات القانونية المكتملة، فالأخلاق لا تتجزأ.قرار النائب العام بإغلاق مكاتب فضائية العربية ووكالة معا الاخبارية و شركة “لينز” للإنتاج الاعلامي في غزة، هو نتيجة لضحية الخلاف السياسي، مخالف لقانون السلطة القضائية بقيام النائب العام بانتزاع صلاحيات القضاء و مخالفة للدستور والقانون من قبل النائب العام، وانتهاكاً للدستور والقانون.وهو اعتداء على حرية الرأي والتعبير والحق في العمل الصحافي، وحق الصحافيين بممارسة عملهم بحرية من دون عوائق وفرض قيود او رقابة، وهو عمل مدان، ويشكل مس خطير لحرية الصحافة والصحافيين، واعتداء على حق الصحافي في ممارسة عمله بحرية.و الاخطر ليس ما جرى من اغلاق المكاتب الصحافية فقط، بل التبرير للانتهاكات والدفاع عنها بطريقة لا تعبر عن اخلاقنا ومخالفة صريحة للقانون وتشجيع مرتكبيها على التمادي فيها، والاصطفاف كل خلف الحزب والايدولوجيا التي ينتمي اليها.و هو استمرار لثقافة التعصب و التخوين و الاقصاء لمن يختلف معك، وهو نتاج لثقافة و سلوك جماعي وفردي، فالتعصب الاعمى يتحول الى اعتداء لفظي و اتهامات وتحريض قد يصل الى العنف، والاعتداء على الحريات بطرق ووسائل اخرى.فالثقافة التي تنصب نفسها قيما على مصلحة الشعب تعطي نفسها الحق في الاعتداء على المجتمع والأفراد، وتعتمد عقلية المؤامرة في تحليل الامور يصل بها الامر لتخون فئات وشرائح كبيرة من المجتمع، فهي ثقافة لا تحترم الناس، ولا الافراد، والنتيجة الاعتماد على ثقافة التعصب والكراهية والتحريض عليها.من حق المجتمع تلقي الاخبار والوصول للمعلومات لكن هذا لا يعفي وسائل الاعلام من مسؤوليتها في مراعاة المعايير الدولية الخاصة بمهنة الصحافة ومواثيق الشرف الاعلامية، وعليها الالتزام بالقواعد المهنية و الصدقية وعدم تزوير الحقائق والكذب وتشويه صورة الاخر.و بالرغم من الخلاف الكبير القائم في ساحتنا الفلسطينية والتناقض وتغليب المصالح الحزبية والخاصة، وما نعيشه وما نتلقاه مع بعض وسائل الاعلام، فنحن في امس الحاجة الى مواجهة ما تبثه بعض وسائل الاعلام من تدليس وتزوير يستهدف الفلسطينيين وقضيتهم، وما نسمعه من شائعات اهدافها مختلفة و نتلقاها من وسائل الاعلام المختلفة حسب اهدافها وأجندتها.و في ظل الثورة التكنولوجيا والإعلامية الكبيرة لمصادر الاخبار وتنوعها نستطيع التمييز بين الاخبار الصادقة والأخبار الكاذبة والمدسوسة، ومعرفة التدخل المتعمد من بعض وسائل الاعلام في إدارة الخبر بطريقة مثيرة خدمة وتحقيق لهدف معين، في مخالفة اخلاقية وقانونية صريحة و تدخل في طبيعة الامور وفطرتها، وهي الة لبث السموم الهدف منها الاضرار بالمجتمع.وهنا تكمن اهمية قطاعات مختلفة في المجتمع من المثقفين والكتاب والصحافيين والفصائل ومنظمات المجتمع المدني الذي يقع على عاتقها دور كبير في حماية الحق في حرية الرأي والتعبير و الهوية الوطنية الجمعية من التعصب والكراهية والتحريض والتخوين والإقصاء، وحماية حقوق الانسان وكرامته، وحمايته من الاستبداد.