لقمان ديركي : ضدّ الطفولة
المصدر لقمان ديركي
23 / 03 / 2007
ما إن يدخل الضيوف إلى المنزل حتى يستل الوالد طفله ويقدمه على أنه خفيف الدم جداً وتوافقه والدته وهكذا يتربص الطفل بضحيته بعد أن يختارها من بين الضيوف ويبدأ باللعب مع الضحية......



الضيف.. وشيئاً فشيئاً يتحول اللعب إلى صفعات وركلات من طرف الطفل فقط والضيف يضحك مذبوحاً من الألم، ويضحك الوالدان، وتقول الأم للضيف: يا لطيف شو بيحبك.. لو ما بيحبك ما بيرفسك!! وهكذا فإن شرف استقبال الرفسات من هذا الطفل لا يصح لأي كان، وبعد أن يلمس الطفل الاستحسان من ذويه والصمت من الضيوف.. يتابع الطفل عدوانه (الغاشم) على الضيف ويشده من ربطة عنقه فيضطر الضيف للركوع حتى لا تتمزق ربطة العنق والزحف على ركبه مثل كلب خلف هذا الطفل خفيف الدم، ولا يكتفي الطفل المرح بكل هذا التنكيل بالضيف بل يدلق عليه كوباً من العصير فيغشى على والديه من الضحك ويتابع الضيوف صمتهم (العربي) شاكرين الرب لكونهم ليسوا بالضحية.. وهناك الطفل العبقري الذي يتلو الأناشيد للضيوف وبعد ذلك يغني لهم وسط تصفيق الأهل والضيوف المجاملين، ولكن ملاحم هذا الطفل لا تنتهي فها هو يرقص لهم بعد أن يرفع صوت المسجلة إلى آخره والأهل يصفقون والضيوف يقرصونه من خده ويقولون: “يا لطيف شو مهضوم” عساه يتوقف ويخلد إلى النوم ولكن هيهات فما زال هناك الكثير في جعبته، ويذكره والده “بالنشيدة” التي لم يقلها فيتذكر الطفل العبقري عشر “نشيدات” وهكذا حتى ينصرف الضيوف بعد منتصف الليل وقد تحولت الأطعمة التي أكلوها إلى سم زعاف، ويذكرني هذا الطفل بالشعراء الذين يعزموننا “على سهرة” في بيوتهم ويكون الثمن أن نسمع أعمالهم الكاملة ونحن نردد: جميل.. أعد.. تابع.

وتطول القائمة عندما نتذكر الطفل الذي يحدثك بالفصحى فتقول أمه: “تشكل آسي شو فهيم”.

والطفل السوبر مان الذي يمسك رشاشاً بيده ويطلق على الضيوف وهو يتحدث بالفصحى على طريقة أفلام الكرتون مجبراً الضيوف على القيام بردة فعل هي الموت والصراخ ألماً حتى يشفي هذا الطفل المغوار غليله، وهناك الطفل المدلل الذي يذهب مع أهله في رحلة ويلعب مع باقي الأطفال ولكنه لا يلعب فهو يعود كل دقيقة إلى أمه باكياً يشكو من بقية الأطفال فهذا ضربه وذاك دفشه وآخر لا يلعب معه، فيلعب جميع الأطفال بينما يكتفي الطفل المدلل بنقل الشكاوى، وهو حتماً سيعمل حالما يكبر في خدمة توصيل الطعام إلى المنازل ..!!..

وهناك أطفال من أبناء الأغنياء، فبعض الأغنياء لا وقت لديهم لتربية أبنائهم ، وزوجاتهم يقضين أوقاتهن في الاستقبالات والذهاب إلى الحلاقين والمساج ومحلات الألبسة، فيرمي هؤلاء أولادهم إلى سائقيهم.. لذلك يقولون إن أولاد الأغنياء نشؤوا على أيدي السائقين والنواطير.. يعني بالعربي “ترباية الشوفيرية “ ، لذلك فإن المشفطين في الشام من الغساني إلى أبو رمانة تعلموا ذلك منذ نعومة أظفارهم ، فلا تلوموهم، لأن العلم في الصغر كالـ...

جريدة بلدنا