الساقية الغربية للملك الآشوري سنحاريب (في زمن الاميرة شميرام) بين الآثار والواقع


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
منذر كَله

المقدمة
..هل من الممكن إعادة الحياة الى مشروع الساقية الغربية الاروائي الذي دشنه الملك الآشوري سنحاريب (704-682) ق.م في عهد الاميرة شيرو ملكثا ؟؟؟ ذلك المشروع الذي يبدأ من منابع نهر بيندوايا ووهدة الجبل التاريخية الاثرية بين سيدكي وبيهندوايا المليئة بالكثير من المواقع الاثرية التي تثبت محاولة الملك الآشوري سنحاريب لابل شروعه الفعلي في العمل ونبش الارض وحفرها وتهذيبها وتسويتها من أجل عمل خندق بطول (3) كم ، وعرض (100) م تقريباً ، في قلب سهل بيندوايا والقوش ، ولاتزال الآثار قائمة ولايمكن إزالتها لضخامة المشروع وكون الخندق المحفور واسع وعميق وطويل وواضح للعيان !! وذلك لسقي الاراضي العطشى التي داهمها الجفاف وقلة سقوط الامطار في ذلك الوقت !!! هل يمكن اعادة الافكار ومراجعتها ودراسة التصميم الاساسي لتلك الساقية الى ارض الواقع ؟
في الوقت الذي تعاني الاراضي الزراعية والمحاصيل الزراعية من شحة سقوط الامطار وقلتها وجفافها قبل نضوجها وتيبسها هذه الايام ، مما يسبب خسارة للمزارعين والفلاحين والعمال الزراعيين ومربي الماشية الذين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة الديمية !!! وفي الحقيقة انا لست بصدد دراسة الموضوع من الجانب التاريخي بل أود ان أقوم بدراسة علمية ومسح موقعي لطرح الموضوع الى المهتمين والجهات المسؤولة في وزارة الموارد المائية لتكون المدخل الى القيام بالمباشرة بتحويل الموضوع من الجانب التاريخي الى ارض الواقع ، وذلك لكون المشروع الاروائي هذا يقع ضمن الواقع العلمي والممكن تنفيذه وبأقل التكاليف ! وان المشروع ليس اسطورة او خيال او مجرد تاريخ وتراث !!
الغاية من طرح الموضوع
فإذا ماتتبعنا الخندق الذي باشر العمال والمهندسين بحفره في اراضي بيندوايا والقوش وبالتحديد في الموقع الذي يقترب او يتقاطع فيه وادي خنداقي مع الشارع العام بيهندوايا – بدرية ونزلنا بالخندق وتتبعنا مسيره داخل اراضي مقاطعة (14) بيهندوايا ووصولاً الى تقاطع الشارع العام مفرق القوش – بدرية ، لوجدنا ارتفاع مستوى سطح البحر في هذا الموقع أعلى من الموقع الاول ، وهذا قد يكون احد الاسباب المهمّة التي أدت الى فشل جريان الماء وتقدمه بإتجاه الجنوب الشرقي ألا وهو ان الارض بالاتجاه الذي تم حفر الخندق جنوباً ليست أقل منسوباً او ارتفاعاً من مستوى سطح البحر كما يبدو للناظر اليها بل العكس ان الموقع اعلى منسوباً وارتفاعاً من مستوى سطح البحر وهذا قد يكون احد الاسباب المهمة في احباط معنويات ذلك المهندس وتلك الايادي الجبّارة العاملة !
ان الذي يقوم بمسح موقعي لسهل القوش وتللسقف والقرى الواقعة جنوب القوش بإتجاه سهل نينوى ونهر دجلة سوف يرى ان مياه الامطار القادمة من جبل القوش وسهله تتجمع بالقرب من جبل قند في المنطقة التي تسمى (ماي مْدَكيّ) ، وهي نقطة إلتقاء عدة وديان رئيسية (لاحظ الخريطة) ، أولهما الوادي القادم من بيكلبا حيث المياه السطحية والينابيع المتدفقة منه طوال العام وحتى أيام الصيف الملتهب والحرارة العالية لايعرف الانقطاع والذي يلتقي به الوادي القادم من خنداقي شمالاً ، والثاني الوادي القادم من الحد الفاصل بين القوش وعقار حتارة وهو وادي عميق يستمد مياهه من الكنود الواقعة على طرفي الوادي والثالث الوادي الكبير الذي يجلب معه مياه سهل القوش ووادي العميق ونوال شور والوديان الفرعية الاخرى ، والرابع هو الوادي القادم من كنود دوغات وماكنان ، كل تلك الوديان تلتقي لتشكل هضبة مستطيلة منخفضة عن سطح الارض في تلك المنطقة وتسير مسافة (1000) متر تقريباً ، حتى تستمر لتصب في رأس وادي الملح العميق الكثير التعرّج جنوب قرية حتارة حيث تلتقي معه الوديان القادمة من دوغات ، حتارة والذي يسير بإتجاه الجنوب والقرى (مسقلاط وتلسين وكراسحاق وفلفيل وحسن جلاد وقره خراب والحد الفاصل بين قريتي خواجه خليل وجديدة ملح ) .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ثم يصب في نهر دجلة كل تلك المسافة والمساحات الواقعة على ضفاف وادي الملح كانت سابقاً عبارة عن سهل رسوبي او مايسمى محلياً (حاوي النهر) ويظهر ذلك من خلال التربة المزيجية الرملية الموجودة هنالك !!!
هكذا كان مشروع سنحاريب الاروائي الغربي ، يبدأ من منابع نهير بيهندوايا وينتهي بقرية (جديدة ملح) حيث مصب وملتقى وادي الملح بنهر دجلة .
اذا لاحظنا خريطة سهل القوش نجد ان هنالك وادي رئيسي (رؤولا دخلانا) قادم من جبل القوش والذي يقطع طريق بيندوايا – القوش عند نقطة (أ) ويستمر بالجَريان في قلب السهل في المقاطعات (64) القوش الشمالية الغربية ، و(66) القوش الوسطى قاطعاً مسافة طولها (2 كم) ، وماراً بين التلّين الأثريين ( تل زورا ويقع شرق الوادي، في المقاطعة (66) القوش الوسطى ، و(تلا رابا) الذي يقع غرب الوادي في المقاطعة (65) القوش الغربية ويمر بالنقطة التي تسمى (عليقي ) حيث المياه السطحية تجري كينابيع شحيحة الماء ، ثم رأس وادي بيكلبا جنوب طريق القوش – بدرية ، هذا الوادي اذا ماتم صَب الماء في بدايته عند الموقع (أ) التي تبعد مسافة (3) ثلاثة كم تقريباً من نهير بيندوايا ومسافة (7) كم من بحيرة سد الموصل ، نلاحظ ان الماء يجري بسرعة وبدون توّقف وبدون حاجة الى عمل سواقي وحفر ترع أو مبازل ويستمر بالجريان الى ملتقى (ماي مدكيّ) واذا ماتركناه يجري فإنه يتجه جنوباً الى بداية وادي الملح ، ثم نهر دجلة وبهذا نكون قد أحيينا سهل القوش وحتارة وجميع الاراضي الواقعة على ضفاف نهر الملح اذا صح التعبير .
ان هذا المشروع المطروح للبحث والدراسة ، تكمن فائدته او الهدف منه في اكثر الاحيان في الاستفادة من المياه المتدفقة والزائدة من نهر بيهندوايا (شتاءاً) وتحويلها بواسطة إقامة سد صغير ، او متوسط كحاجز امام مجرى الماء (تلك المياه التي تذهب هدراً بدون أي استثمار لها حيث تجري داخل النهر وتصب في نهر دجلة قرب قرية باورستان وعميري دون أيّةَ فائدة تذكر في موسم الشتاء ) . واستخدامها في الريّات التكميلية لمحاصيل الحنطة والشعير شتاءاً ، وكذلك العمل على إقامة سدود صغيرة لحجز مياه الامطار المتساقطة في عدّة مواقع اذا ماتم دراستها ، نلاحظ بأن طبيعة الارض تخدم فكرتنا والكثير من الاراضي الصخرية الغير قابلة للزراعة ، موجودة على امتداد الوادي آنف الذكر والتي تشكل طرفي سد طبيعي لايحتاج الى الكثير من التكاليف والاعمال الهندسية ، اذا ماخدَمنا فحص التربة لإقامة المشروع ، وان المواقع الاكثر فائدة وخدمة لإقامة السدود الصغيرة تقع في قلب بيكلبا وملتقى (ماي مدكيّ) . من وجهة نظر الاحتفاظ بالاراضي الزراعية وعدم انغمارها في حوض السد ، وذلك حيث يوجد منخفض طبيعي في المنطقة الواقعة شمال غرب نقطة (ماي مدكيّ) والتي هي عبارة عن أراضي رمليّة وقسم منها صخرية وحجرية بيضاء اللون (مرمر) كانت تستخدم سابقاً كمقالع صغيرة محلية لصناعة الجص بواسطة الكور الموجودة هنالك أو ان تنقل بواسطة الحمير والبغال الى البيادر القريبة من القوش حيث موقع الكور لصناعتها .
انني باعتباري احد المهتمين بالشأن الزراعي في القوش لعلاقة عملي بالزراعة اجد ان من الضروري ان نطرق كل الابواب التي تجعل من الارض تُسقى بأيّة طريقة كانت وخصوصاً وان العراق يمتلك من الثروات والامكانيات التي يستطيع من خلالها شق الترع والمبازل ومشاريع الري المختلفة والتي سوف تبقى مناهل الغذاء للانسان ، واليوم افضل من غداً وبخلاف ذلك سوف نجد انفسنا نتراوح في مكاننا ساكنين ، او نكون في حكم المتخلفين بالنسبة الى الزمن الصعب ، والمرحلة الحساسة من حياتنا التي يتطلب مناً فيها توفير الغذاء واستغلال كل الامكانيات لمواصلة المرحلة ومواكبة التقدم التكنولوجي واستغلاله لمصلحتنا ، واذا ماقلنا ان الزراعة قطاع خاضع للاستثمار غير المضمون بإعتباره يتأثر بالظروف المناخية المتقلّبة بين المناخ القاري والصحراوي والربيعي المعتدل وعزفنا عن العمل في هذا القطاع وان الصناعة افضل من الزراعة ، نكون قد حكمنا على رزقنا وأراضينا بالاعدام ، لان القوش ومحافظة نينوى بشكل عام مشهورة بسهلها الخصب وبزراعتها وانتاجها للمحاصيل التي تصنف بالاستراتيجية لعلاقتها بتوفير القوت للشعب والناس ، وكانت تجربة الحصار الاقتصادي على العراق في التسعينيات من القرن الماضي اكبر دليل على ذلك ، حيث أمتلأت المخازن والسايلوهات في نينوى بآلاف الاطنان من الحنطة العراقية المنتجة من سهل نينوى .
الخاتمة :
وفي الحقيقة ان طرح الموضوع للدراسة يحتاج الكثير من الفحوصات والرصد والامور المتعلقة بإنشاء سدود صغيرة وليس الغاية انشاء سد كبير او بحيرة واسعة المساحة ، لكن الغاية من الدراسة هو ايجاد بعض الحلول في سقي قسم من الاراضي الديميّة كرَيّة تكميلية في فصل الشتاء في حالة انقطاع الامطار!!!
واذا مافاض عن الحاجة فأن الماء الزائد سوف يعيد الحياة الى الارض ويرفع من منسوب المياه الجوفية ويلطف المناخ ويحسن البيئة وتتكاثر الطيور البرية المحلية وسوف تعتبر محمية طبيعية لإعادة الحياة الى الارض والمنطقة .
في حالة اعتذار نقل الماء من نهر بيهندوايا او من بحيرة سد الموصل الى سهل القوش فأن إنشاء سدود صغيرة على مجرى الوديان في مناطق متفرقة من سهل القوش لخزن مياه الشتاء تبقى فكرة مطروحة بين الدراسة والتطبيق ، وتبقى فكرة معلّقة في الاذهان لان الفلاح الالقوشي لايجوز ان يعتمد كلياً على مياه الامطار بل عليه أن يجد بديل آخر سواءاً كان حفر الآبار الجوفية او عمل سدود صغيرة لحجز مياه الامطار او حفر آبار سطحية ، وفي الحقيقة ان حجز مياه الامطار شتاءاً وبالقرب من الاراضي الخاصة ، قد تكون احدى الوسائل السهلة لأستخدامها للريات التكميلية .
القوش في 7/10/2012

المصدر:http://nala4u.com/2012/10/08/%D8%A7%...7%D8%B1%D9%8A/