يقال :دخلتِ امرأةٌ على خليفة البلاد، وعندهُ جماعةٌ من وجوهِ أصحابهِ، فقالتْ:
يا أميرَ المؤمنينَ، أقرَّ اللهُ عينك، وفرَّحكَ بما آتاك، وأتمَّ سعدَكَ؛ لقدْ حكمتَ فقسطتَ.

فقالَ لها: مَنْ تكونينَ أيتها المرأةُ؟

فقالتْ: مِنْ آلِ بَرْمك؛ مِمّنْ قتلتَ رجالَهم، وأخذتَ أموالَهم، وسلبتَ نوالَهم.

فقالَ: أما الرّجالُ فقدْ مضى أمرُ اللهِ فيهم، وأمَّا المالُ فمردودٌ إليكِ.

ثم التفتَ إلى أصحابهِ سائلا: أتدرونَ ما قالتِ المرأةُ؟

فقالوا: ما نراها قالتْ إلا خيرًا.

فقال: ما أظنُّكم فهمتم ذلكَ؛
• أما قولها "أقرَّ اللهُ عينَك" أيْ أسكنها عن الحركةِ، وإذا سكنتِ العينُ عن الحركةِ عَمِيَتْ.

• وأما قولُها "فرَّحَكَ اللهُ بما آتاكَ" فأخذتْهُ من قولِهِ تعالى:
{حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مبْلِسُونَ} [الأنعام/44]

• وأما قولُها "أتمَّ سعدَكَ" فأخذتْهُ من قولِ الشاعرِ:
إذا تمَّ شيءٌ بدا نقصُهُ ** ترقَّبْ زوالا إذا قيلَ تمّ

• وأما قولُها "لقد حكمتَ فقسطتَ" فأخذتْهُ من قولِهِ تعالى:
{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن/15]

فتعجَّبَ أصحابُه من فِطْنَتِهِ وفصاحةِ المرأة

.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي