قارئة الفنجان
كانت وجوه النسوة تتهلل فرحة بما تسمع من احداهن وهي تقرأ فناجين القهوة ذات صباح ,حتى أتت على أخر فنجان لفتاة في عين البائع والشاري, نظرت فيه بعينين ثاقبتين كعيني لبؤة ,, ثم قطبت حاجبيها وعبست ولم تنبس ببنت شفة.
حدقت فيها النسوة باستغراب كأنهن يستعجلنها أن تقول شيئا ما لكنها لم تفعل, حثتها أم الفتاة وهي التي تؤمن بأن ما تقوله قارئة الفنجان سيتحقق لا محالة , وعبوسها نذير شؤم ,ودلالة على أن أمر جلل بل مصيبة في الطريق تنتظر ابنتها .
كانت العرافة تلتقط أخبار النسوة ثم تبني عليها الكثير من كلام غير مجد ,فيصادف كلامها نوع من الحقيقة .
أمسكت العرافة بيد الفتاة ,حملقت فيها بنهم جائع , تقرأ عروقها الخفية على الأخرين , وازدادت عبوسا وتجهما , لكن الفتاة استدركت الموقف قائلة:
هات ما عندك فأنا لا أبه بما تقولين .
ستتزوجين قريبا .
انفرجت أسارير الأم والنسوة واعتقدن أنها دعابة من العرافة لم يعتدنها.
شابا وسيما من عائلة محترمة .
فازدادت أسارير الأم بهجة وسعادة.
ستسافرين الى تركيا في شهر عسل .
صفق قلب الأم فرحا كجناحي نسر محلق في الفضاء .
في الطريق الى الفندق والحافلة تتهادى فوق جسر معلق فوق البحر تتداعى أعمدته ويهوي في البحر, تسقط الحافلة بجانب الشاطيء .
اسودت وجوه النسوة وكلحت كأن لظى لفحتها .
يموت الركاب والعريس وتتكسر أطرافك وتعيشين حياة مأساوية طويلة .
هوت الأم مترنحة عن مقعدها واغرورقت عينا الفتاة وصدمت النسوة من هول الخبر ,ردت الفتاة بصوت مخنوق .
كذب المنجمون ولو صدفوا ,ولا أؤمن بهذه الخرافات وأنت لا تعلمين الغيب .
تزوجت الفتاة كما وصفت العرافة , ورتب لقضاء شهر عسل في ربوع تركيا ,الأمر الذي رفضته الأم جملة وتفصيلا , لكن الفتاة أصرت على الذهاب لتثبت لأمها والنسوة وأهل البلدة كذب وافتراء العرافة .
الحافلة تسير رويدا على الجسر , اقتربت من نهايته سمع الركاب صوت مجلجل , تهاوى الجسر من خلفهم , قفزت الحافلة نحو الشاطيء كصاروخ سكاد ,تقافز الركاب منها , تناثرت الجثث من حولها ,كانت ترمق بعينيها بصيص نور, لا تستطيع الحراك , أطرافها مكسورة , رأت عريسها بجانبها بلا ملامح ,صرخت بأعلى صوتها , تفاجأت بيد أمها تمسد شعرها وتبسمل ,فانفجرت باكية عندما أدركت أنه حلم .
رياض حلايقه
16/10/2012