الهوب هوب فخر الصناعة السورية بقلم آرا سوفاليان
باصات عظيمة من ماركات عالمية هي المارجيروس والمان والمارسيديس والسكانيا فابيس والفولفو وصلت سوريا شاسيه وموتور ودواليب قبل أن يمنع عبد الناصر الاستيراد وقبل ان يدمر الصناعة السورية بقرارات التأميم الكارثية.
كانت هذه الباصات تدخل سوريا وهي في حالة نصف مصنّعة لتتم صندقتها هنا في سوريا وكانت هذه المهنة التي تسمى (كاريسوري الباصات) حكراً على الصناعيين الارمن في دمشق وحلب...وكانت المواد الأولية المستخدمة في التصنيع هي من افضل انواع الصاج السويدي والبلجيكي والارضيات كانت تصنع من صاج السيترييم المضلّع والطبون الامامي والخلفي من الحديد السميك جداً، أما المقاعد فكانت مثبته باحكام ومريحة بسبب الفرش والسعة، وكانت الحوادث في السابق لا تكلف شيء اما حوادث اليوم فتكلف الكثير...ومن حيث النتيجة كانت خطة استيراد التجهيزات النصف مصنّعة توفر القطع الاجنبي على البلد وتخفض التكلفة وتؤدي الى تشغيل ألوف العمال...وكانت الجودة عالية جداً وموضع تحدي بين الورشات، واليوم تم تحويل هذه الباصات الى الادارة الموحدة...ووضعت تحت تصرف المدارس لنقل الطلاب...كانت هذه المهنة، صندقة الباصات هي مهنة والدي وابن عمه الكبير رحمهم الله والمفاجأة ان ابنتي وعندما كانت في مرحلة الروضة كان الباص الذي يأخذها الى مدرستها هو من صنع جدها وهي لا تعرف...كانت في الروضة في العام 2002 وجدها توفي في العام 1977 اي قبل 25 سنة اما الباص فكان تاريخ صنعه 1957 بمعنى انه كان لا يزال قيد الاستعمال منذ 56 سنة والمفارقة الأغرب انني ومنذ فترة بسيطة لمحت هذا الباص بالذات ينقل الطلاب حتى الآن وكل الذي تغير هو الدهان فلقد صار لونه أحمر وازرق...وبالمثل فإنه وفي العام 1958 أجبرت رئيسة الراهبات في مدرسة الزهور الخاصة، أجبرت والدي على صنع مرجوحة بمقعدين كبيرين للأطفال وإهداؤها للمدرسة، بحجة أن ابنه يبكي لأنه لا يوجد مرجوحة في المدرسة، وبالطبع لم يكن هذا هو السبب الحقيقي، وهو قبولي في الروضة في عمر مبكر بتحريض من رئيسة الراهبات بالذات، المهم ومنذ فترة مررت من امام مدرسة الزهور وكانت احدى الراهبات تدخل الى المدرسة وتغلق الباب ورائها...في هذه الثواني نظرت الى الباحة فكانت المرجوحة في مكانها...هذه المرجوحة لا زالت في الخدمة منذ 55 سنة والذي صنعها غادرنا منذ 36 سنة...فكيف يحدث ذلك؟ لو أن هذه المرجوحة صنعت من أقسى انواع الفولاذ لذابت على الاقل من المطر؟
كيف تضيع هذه الصناعة لتستبدل بباصات وسيارات تهرهر فوق المطبات وتنزل منها براغي وحدايد بحيث تنقص أوزانها من شهر الى آخر...كيف يتعطل جهاز صغير اربعة مرات من مكمن واحد ويتم دفع ثمن القطعة واجرة التصليح اربعة مرات ليتبين ان هناك فخ أو كمين موجود في هذا الجهاز ومن فبركة الشركة الصانعة لتقديم الأذى للمستهلك والامعان في اقتناص ماله وجهده...أليس هذا الاقتناص هو اقتناص للثروة الوطنية ولأموال الناس الذين هم في النهاية دعائم البلد ودعائم ثروته...خاصة وان الاستيراد يتم بالقطع الاجنبي الذي يذهب ولا يعود، فلماذا لا نمنع الاستيراد الغث؟
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
الخميس 25 05 2013
arasouvalian@gmail.com