حول استدعاء الدكتور ابراهيم ابراش/ مصطفى ابراهيم

24/5/2013

الخطر الذي يتهدد المثقف خاصة الكاتب في حالتنا، يكمن في تقييد حريته و الملاحقة على الكتابة وترجمة الافكار المخالفة للسلطة اي سلطة كانت، فاستدعاء الكاتب الدكتور ابراهيم ابراش من قبل جهاز الامن الداخلي بغزة على خلفية كتاباته وكتابته مقالا مخالفا لرأي الحكومة، لا يساعد اطلاقاً على كبت حرية الراي والتعبير، و ممارسة التحليل و الروح النقدية التي يمارسها في كتاباته، و هي حق له وغيره، وتاتي في الاطار الوطني والمصلحة الوطنية من وجهة نظر مختلفة. الكاتب الحقيقي الحق، ليس موظفاً أو مستخدماً عند أي سلطة و يكون متحررا من الضغوط والانتماء السياسي الحزبي.وهنا يكون من حق الكاتب ان يحلق في فضاءه وتفكيره الوطني المستقل وفي الاطار الوطني العام، ومختلفا عن من هم في السلطة ومريديها، وهو ليس منقطعاً عن الاهداف الوطنية العامة.إن حرية الرأي والتعبير يجب ان تكون متجذرة فينا وصلبة صلابة حقوقنا في وطننا و مطالبتنا بحقنا وتقرير المصير ومقاومة الاحتلال، و هي المعقل الرئيس للكاتب الوطني المتحرر من الحزبية الضيقة.حرية التعبير، لا يمكن تفصيلها على مقاس ورؤية حزب معين واهدافه، فدعم العدالة رغبة تتملكنا جميعا، وهي ليست فعلا انتقائيا وإجبار الكاتب على ممارسة قناعات مخالفة لقناعة ورؤية الحكومة والجماعة التي تنتمي اليها الحكومة، هي مخالفة للعدالة الانسانية وحرية الراي والتعبير.فالخطر الذي يهدد بعض المثقفين خاصة الكتاب في حالتنا القائمة، هو اعتبار وظيفته كمثقف يؤديها كسباً للرزق، و يخدم السلطة ويكسب منها المكافآت، فالمثقف الصادق مع نفسه وشعبه، لا يمكنه ان يكون موظفاً أو مستخدماً لأهداف سياسة الحكومة أو المؤسسة والشركة التي يعمل فيها وهناك كثر في حالتنا.فحرية الرأي والتعبير للمثقف المرتبط بهموم الناس هي الطريقة الوحيدة لصلابته، فالتخلي عن ذلك هو في الواقع خيانة لرسالته، فحرية التعبير لا يمكن الكتابة عنها والمطالبة بها في غزة وإغفالها عن ما يجري في الضفة او في أي مكان في العالم، و الخوف وعدم الافصاح عن ما يتعرض له بعض الصحافيين من انتهاكات واستدعاءهم والتحقيق معهم على ما ينشرون ولا يتحدثون ويفضلوا السلامة وهؤلاء كثر، وتكرر ذلك معهم اكثر من مرة ولم ينبسوا ببنت شفة.وإلا سيكون ذلك نذالة وجبن واللعب في المسلمات، وتبرير الانتهاكات ذاتها في المجتمع الذي يعيش فيه، فدعم حقوق الانسان والحريات العامة والعدالة الانسانية هي قناعات، ويجب المطالبة فيها للجميع لأنها مطالب وحقوق انسانية شاملة.وفي حالتنا المرتبكة والضبابية لا يجوز الابتعاد عن المعايير الاخلاقية والقانونية والموضوعية، وعدم التغاضي عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكب في المنطقة التي يسكن فيها او الدفاع عن السلطة التي تحكمه.فالمثقف عنصر تعكير صفو السلطة والمسؤولين فيها، وعليه ان يتوقع الأسوأ، فهو ليس محرض بقدر ما هو يعبر عن شريحة او فئة معينة من الناس يتفقون معه، وليس مطلوب منه ان يحقق اجماعاً، لذا فهو مهدد بالاعتقال والتهديد، والتقييد على حريته والتحريض ضده، فهو الذي اختار طريقه، وعليه ان يهيئ نفسه لدفع اثمان كبيرة ولا ضمانة حقيقية لحمايته فيما يكتبه ويوجهه من انتقادات للسياسات وفضح الانتهاكات، وعدم قبوله بالتبريرات من السلطة التي من صفاتها الكذب وعدم الشفافية في علاقتها بالناس، وهذا يجبره على عدم قبول انصاف الحقائق وتصديق رواية السلطة في ما تقوله وما تخفيه.المثقفون لديهم الادوات ما يتيح لهم الفرصة للاختيار والقيام اكثر من غيرهم على المبادئ واحترامها، وقدرتهم على قول الحق في وجه السلطة بكل جبروتها وسطوتها، ومن يراعي ولي نعمته لن يستطيع قول الحق والتفكير كمثقف مرتبط بقضايا الناس وهمومهم والدفاع عن الهم الوطني والقضية الوطنية، ويجب ان لا تغيب عن اذهاننا فكرة ان علينا ان لا تعجب بنا السلطة، بل يجب اغضابها، وطرح الاسئلة المحرجة للنقاش العام.