ولك مني التحية والسلام أختي رهام
أشكرك على مواقفك الثابتة وعلى حماسك في الدفاع عن دينك ومن حقك ذلك
صحيح أنّ بداية الدولة الإسلامية والقواعد التي تأسست عليها إيمانية دينية عقيدة وشريعة وأخلاقا، لأنّ الله أراد لها ذلك، بوحي أوحى به لنبييه محمد صلى الله عليه وسلم وبرسالة خاتمة جمعت بين العقل والوحي والواقع في تناغم وانسجام منقطع النظير، فأمتنا الإسلامية قامت على الدين والتدين وعلى الربط بين جميع جوانب وقطاعات الحياه بعدما كانت مفككة ومنفصلة، بينما نهضة أروبا الحديثة قامت على الثورة على الدين وفصل الدين عن السياسة وعن الدولة وعن السلطة والحكم، لأنّ البيئتين مختلفتان، الأولى دينية نبوية أما الثانية بشرية دنيوية وفعلا الكل ينضح بما عنده، فلا يمكن لظروف الغرب الأروبي الحديث أن تسمح ببناء نهضة على الدين لأنّ الدين استغلته الكنيسة في ممارسة الاستبداد والقهر والفساد في الأرض، فالدين عندهم متهم حاكموه وحكموا عليه بالسجن في القلوب وفي الكنائس دون أن يعبر إلى السياسة والدولة، لما أجرمه أصحابه في حق الحق والعدل وفي حق الدين ذاته، ولما ارتكبوه من جرائم في حق الإنسان والتاريخ، والنهضة الأروبية قامت أصلا على مكارم الأخلاق في بدايتها ولم تقم على جمع المال ولو كان الأمر كذلك ما عرفت النور أصلا، وفي كل عصر وفي مصر يوجد من يطلب المال ومن يطلب غير المال، فلولا الثورة في وجه المعتقدات الفاسدة التي تبنتها الكنيسة باسم الدين والدين منها براء، ولولا الحرية واحترام الإنسان والعقل والعلم والعمل والوقت وكل ما يستحق الاحترام، وتمثل هذة القيم جميعا روحا وفكرا وممارسة ما استطاحت أروبا أن تخرج من أزمتها، وإن كانت قد أنحرف بها الطابع المادي للحضارة الذي اتخذته فيما بعد في اتجاه الاهتمام بالمادي على الروحي والأخلافي وما بعد الموت، المهم أنّ الغرب قد تجاوز محنته واختار طريقه وله مشالكله وهمومه، وهو متفوق علينا ماديا وتنظيما وحضاريا ونحن نعيش على منتوجاته ولا يمكن البتة أن نبني حضارة بشراء منتجاتها، فالحضارة تلد منتجاتها ولا تولد من منتجات حضارة أخرى برغم تأثرها بغيرها من الحضارات على سبيل التفاعل الحضاري.